أغضب الحكومة وحتى رئيس البلاد هاجمه! دور السينما في بولندا تبدأ بعرض فيلم يروي قصة عائلة سورية لاجئة
بدأت دور السينما في بولندا، بعرض فيلم “الحدود الخضراء” Green Border، الذي يوجه انتقادات شديدة لموقف الحكومة البولندية من اللاجئين، وذلك بعدما تعرض الفيلم لهجوم واسع من قِبل أعضاء في الحكومة، بسبب حديثه عن التعامل السيء من قبل جنود في حرس الحدود البولندي مع لاجئين إلى الأراضي الأوروبية
صحيفة The Guardian البريطانية، ذكرت السبت، 23 سبتمبر/أيلول 2023، أن فيلم “الحدود الخضراء” الروائي للمخرجة الشهيرة آقنييسكا هولاند، فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان البندقية الشهر الماضي.
يروي الفيلم قصة عائلة سورية تحاول دخول أوروبا عبر حدود بيلاروسيا-بولندا في عام 2021، ويظهر المعاملة الوحشية التي تعرضت لها العائلة على يد حرس الحدود البولنديين.
وزير العدل البولندي زبيغنيو زيوبرو، وصف الفيلم بأنه “يشبه أفلام الدعاية النازية “التي تُقدم البولنديين في صورة قُطاع طرقٍ وقتلة”، رغم اعتراف الوزير بأنه لم يشاهد الفيلم، في حين وصف نائب وزير الداخلية، بلازيج بوبوزي، الفيلم بأنه “افتراء يُثير الاشمئزاز ويضر بالدولة البولندية والبولنديين”.
بوبوزي أشار إلى أن الحكومة في بولندا طلبت إعداد “مقطع فيديو مُجهّز خصيصاً لعرض العناصر الغائبة عن الفيلم”، والثناء على عمل حرس الحدود. وأضاف أن الحكومة ستطلب من دور السينما عرض ذلك المقطع قبل عرض الفيلم. لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت دور السينما ستمتثل لذلك الطلب.
موقف المسؤولين في الحكومة البولندية من الفيلم، دفع المخرجة آقنييسكا للقول إن ردود الفعل الحكومية قد فاجأتها، وقالت: “توقعت موجة كراهية ودعاية وإنكاراً، لكنني تعرضت لإعصار وليس مجرد موجة. ولم أتوقع أن يهاجمني وزيرا العدل والداخلية، ورئيس البلاد، وغيرهم بهذا المستوى من الكره والعداء في 3 أو 4 مناسبات على مدار بضعة أيام”.
آقنييسكا أوضحت أنها شعرت “بأن مسألة الهجرة واحدة من أكثر التحديات المهمة لمستقبل أوروبا والعالم، وأنها تحمّست لصنع الفيلم بسبب الغضب من استجابة الحكومة لفكرة تحوّل بولندا إلى مسار للمهاجرين قبل عامين”، مضيفةً: “رأيت أن السلطات حاولت تنظيم مختبرٍ من الأكاذيب والعنف، واستغلال مأساة الناس لأهدافٍ سياسية”.
وتحوّل الفيلم إلى نقطة حوار رئيسية في حملة شديدة الانتقاد قُبيل الانتخابات البرلمانية الشهر المقبل في بولندا، إذ قال رئيس الوزراء، ماتيوز موراوسكي، عن الاستقبال الإيجابي للفيلم بين بعض البولنديين قائلاً: “هذه السجادة الحمراء هي مجرد محاكاة للسجادة الحمراء التي يفرشها حزب المنصة المدنية (حزب المعارضة الرئيسي) للمهاجرين غير الشرعيين، وهي سجادة حمراء تهدد بزعزعة استقرار وطننا”.
في حين ذكرت المخرجة أنهم لم يتعمدوا افتتاح الفيلم خلال الأسابيع التي سبقت الانتخابات، لكنها أعربت عن أملها بأن يفكر المشاهدون في أمر الأشخاص العالقين على الحدود بعد مشاهدة الفيلم.
الهجوم على الفيلم وصل إلى رئيس البلاد أيضاً، أندجي دودا، وانتقد الأخير الفيلم وأشار إلى أنه كان من الأفضل صنع فيلم عن الاستجابة البولندية للهجوم الروسي على أوكرانيا.
وتقدم خاتمة الفيلم مقارنةً صريحةً بين أزمتي اللاجئين، والاستقبال المختلف على الحدود بين اللاجئين الأوكرانيين واللاجئين ذوي البشرة الداكنة أكثر من أفريقيا والشرق الأوسط.
بحسب صحيفة The Guardian فإن الفيلم يعرض العديد من مشاهد العنف التي تظهر بتفاصيلها بدلاً من تصويرها بشكلٍ ضمني، وفي هذا الصدد، قالت المخرجة: “قررت ألا أكون متحفظة، وأن أتخذ بعض خيارات الأسلوب الرمزي، لأنني أردت أن يعيش الناس التجربة التي يمر بها هؤلاء الأشخاص، سواءً كنا نتحدث عن الضحايا أو الجنود”.