أموال المملكة واستثماراتها أهم من مواطنيها! إثيوبيا هددت معتقليها “المعذبين” في سجون السعودية وأرغمتهم على الصمت
أظهرت وثيقةٌ سُرِّبَت إلى صحيفة Telegraph البريطانية وتحمل ختم قنصلية أديس أبابا في مدينة جدة أن الحكومة الإثيوبية حاولت إسكات المئات من مواطنيها العالقين بمراكز اعتقالٍ مُروِّعة بالمملكة العربية السعودية وأن تغطي على ادِّعاءاتٍ بتعرُّضهم لانتهاكاتٍ بشعة.
الوثيقة الرسمية حذرت الإثيوبيين من “التداعيات القانونية” إذا استمروا في تحميل الصور والفيديوهات من مراكز الاعتقال على شبكات التواصل الاجتماعي.
وحذَّرَ البيان المهاجرين من أجل الكفِّ عن مشاركة سردياتهم للظروف المُروِّعة التي يتعرَّضون لها، لأنها تسبِّب “كرباً للعائلات والمجتمع الإثيوبي الأكبر”.
يأتي ذلك بعد أن كشف تحقيقٌ أجرته صحيفة Telegraph أن المملكة السعودية تحتجز المئات، إن لم يكن الآلاف، من المهاجرين الإفريقيين في مراكز اعتقال تغمرها مياه الصرف الصحي، كجزءٍ من حملةٍ لوقف انتشار فيروس كورونا المُستَجَد.
تُعَدُّ الظروف في هذه المراكز سيئةً للغاية إلى درجة أن الناس يموتون من ضربة الشمس أو المرض أو الانتحار. وشورِكَت الصور التي أُرسِلَت إلى صحيفة Telegraph على قنواتٍ مُشفَّرة عبر العالم، وقورِنَت بمعسكرات العبيد.
المملكة السعودية والأمم المتحدة تقولان إنهما دشَّنا تحقيقاتٍ في مراكز الاعتقال منذ نشر التحقيق يوم الأحد 30 أغسطس/آب. وفي وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، قال وزير شؤون المغتربين في إثيوبيا لصحيفة Telegraph إن المرة الأولى التي سمعت فيها الحكومة عن هذه الظروف في مراكز الاعتقال كانت من ذلك التحقيق.
غير أن الوثيقة المُسرَّبة تثبت أن الحكومة تدرك الظروف داخل هذه المراكز منذ أشهرٍ مضت، إذ يرجع تاريخ الوثيقة إلى 24 يونيو/حزيران 2020 (17 سني 2012 بالتقويم الإثيوبي)، ما يعني أن الخارجية الإثيوبية أدركت هذه الظروف قبل شهرين من التحقيق الذي نشرته الصحيفة البريطانية.
يُعتَقَد أن وزارة الخارجية الإثيوبية قد تورَّطَت في التغطية على هذه الظروف من أجل عدم الإضرار بالعلاقة الدبلوماسية مع المملكة السعودية الغنية بالنفط، والتي تُعَدُّ مصدراً كبيراً للعملة الأجنبية والاستثمار للدولة الواقعة في القرن الإفريقي.
حين سألت صحيفة Telegraph عبده ياسين، القنصل الإثيوبي العام في جدَّة، عن الوثيقة، أجاب قائلاً: “أنتم لا تدركون ما نتعامل معه بصورةٍ يومية هنا”.
ياسين ادَّعى أن السجناء قاموا بأعمال عنف، وهاجموا حرَّاس السجن السعوديين، وحاولوا الهرب مراتٍ عديدة. غير أن صوراً ومقاطع فيديو للمهاجرين تُظهِر أنهم في حالة هزالٍ ويعانون من ضربة الشمس وتشوُّهاتٍ في بشرة الوجه، وبالكاد يستطيعون الحركة. وزَعَمَ ياسين أيضاً أن لديه مسؤولي اتصال في مراكز الاعتقال حيث يُحتَجَز الإثيوبيين لشهورٍ متتالية.
لكن القنصل العام ادَّعى أنه لم يسمع قط بأيِّ إبلاغاتٍ عن انتهاكات، رغم أن مكتبه قد حذَّرَ المهاجرين في يونيو/حزيران لأجل أن يكفوا عن نشر الصور الصادمة. ورَفَضَ القنصل العام أيضاً الالتزامٍ بجدولٍ زمني لإعادة المهاجرين في مركزيّ الشميسي وجازان، واللذين تمكَّنَت صحيفة Telegraph من تحديد موقعهما الجغرافي. ويُعتَقَد أن هناك مراكز اعتقال أخرى يعجز المهاجرون فيها عن تهريب هواتف محمولة لهم من الحرَّاس من أجل التواصل.
في وقتٍ سابق من الأسبوع الجاري، ادَّعَت السفارة السعودية في لندن ادعاءً صادماً بأن الحكومة الإثيوبية هي التي لم تكن مستعدةً عن إعادة مواطنيها، واستشهدت السفارة بالمخاوف المُتعلِّقة بجائحة كوفيد-19. وقالت السفارة: “نعتقد أن ما يقرب من 20 ألف مهاجر إثيوبي قد عبروا الحدود إلى السعودية عن طريق اليمن، ويجري التفاوض حول إعادتهم مع الحكومة الإثيوبية”.
وأضافت: “من المؤسف أن الحكومة الإثيوبية رفضت دخولهم إليها مرةً أخرى بادِّعاء أنها غير قادرة على توفير مرافق عزل ملائمة لدى عودتهم”.