مشاكسات

وقاحة قنصلية أمريكية.. تموضع القاهرة..!

سليم يونس

“إنها محاولة للإضاءة على الأحداث من زوايا أخرى، بقراءة تستهدف استنطاق الأقوال والتصرفات بما لا يفصح عنه ظاهرها، من خلال مشاكسة الظاهر من اللغة، بتفكيك محتواها عبر طرح الأسئلة المخالفة التي ربما لا ترضي الكثيرين، كونها تفتح نافذة للتفكير ربما المفارق… ولكنه الضروري، من أجل أن نعيد لفضيلة السؤال والتفكير قيمته…أليست مشاكسة”؟

وقاحة قنصلية أمريكية

نشر موقع “ريبابليك وورلد” الهندي تقريرًا كشف فيه عن أنّ “الهند رفضت طلب القنصلية الأميركية حظر رسو السفن الروسية في ميناء مومباي”، فيما أكدت نيودلهي أنّ لها “حقًّا سياديًّا في التعامل مع شركاء عالميين من أجل المصلحة الوطنية”.

وقال الموقع المذكور إنّ “القنصلية الأميركية العامة في مومباي كتبت رسالة مباشرة إلى هيئة ميناء المدينة، تطلب فيها عدم السماح للسفن الروسية بالرسو في الميناء، بسبب العقوبات الأميركية ضد روسيا، وذلك في محاولة لثني الهند عن استيراد النفط الخام وبضائع أخرى من روسيا”.

مشاكسة.. ما علاقة القنصلية الأمريكية في مومباي حتى تخاطب جهة رسمية هندية بأن تمتنع عن استقبال السفن الروسية؟ وهل تقبل واشنطن أن تخاطبها قنصلية هندية في أحد المدن الأمريكية أن تقبل أو ترفض أمرا هو من صميم المصالح الهندية ويضر بالمصالح الأمريكية؟ وهل على دول العالم أن تمتثل لأي قرار أمريكي له علاقة بمصالحها هي، سواء كان موضوعيا من عدمه باعتباره تعبير عن إرادة أمريكية لها أن تعلو إرادة كل الدول؟ ثم أليست ذروة الوقاحة أن تتجاوز قنصلية أمريكية وظيفتها وتخاطب جهة رسمية هندية في أمر سيادي هندي؟ أليس هذا السلوك استهانة بإرادة الهند ومصالحها ومس بسيادتها؟    وهل  يجب على الهند وغيرها من الدول أن تتعامل مع قرارات الإدارة الأمريكية باعتبارها إرادة سامية عليا واجبة التنفيذ دون قيد أو شرط باعتبارها تمثل إرادة الرئيس الأمريكي الذي يعكس إرادة الشعب الأمريكي؟ ومن أعطي أمريكا الحق القانوني في أن تعلو إرادتها إرادة أي دولة؟ متى تدرك أمريكا أن هناك دولا لا تقبل أن تقوم  قنصلياتها وسفاراتها بدور الوصاية عليها، أسوة بما يحصل في بعض الدول التابعة؟

تموضع القاهرة..!

قال موقع “إنتلجنس أونلاين” إن “القاهرة تُعارض عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية وأضاف الموقع أن “الأمر يعد تحوّلاً في موقف القاهرة، بعد أن كان رئيس المخابرات المصرية عباس كامل يقود العمل لدعم عودة سوريا إلى الجامعة منذ 2020”.

وأشار إلى أنّ “مصر تصطفّ بهذا الموقف مع السعودية التي تعارض بشدة عودة سوريا في الوقت الذي تتفاوض فيه القاهرة مع الرياض بشأن عملية التطبيع المحتملة بين الرياض وتل أبيب”.

مشاكسة.. هل هذا الموقف غريب على السياسة المصرية التي محددات سياستها الخارجية لها علاقة بماذا تريد واشنطن والرياض؟ أليست هي القاهرة التي قايضت دورها المفترض بالدعم المالي السعودي بشكل خاص والخليجي بشكل عام؟ ثم ألم تجعل المنح والقروض السعودية  القاهرة تابعا أمينا للسياسة السعودية في الفضاء العربي والإقليمي؟  ثم من قال إن القاهرة حرة في خياراتها السياسية بالنسبة إلى سوريا وغزة (فلسطين)؟ وهل هناك من حرية لدولة تتلقى المساعدات من واشنطن والرياض والدول الخليجية؟  ثم لماذا الخوف من عودة سوريا لجامعة فقدت دورها بعد أن أصبحت أداة في يد بعض دول الخليج العائلية، ليس بالطبع لأنها دول ديمقراطية وفيها حياة نيابية وتداول للسلطة ولكن لأنها دولا ثرية؟ ثم ألا يمكن القول إن حالة الانفصام المصري هذه ليست جديدة وإنما بدأت منذ بات أمن دول الخليج أمن قومي مصري، فيها غزة المحاددة لمصر تحرقها آلة الحرب الصهيونية، وكأنها في كوكب آخر، أما في سوريا فمصر لا ترى احتلالا أمريكا ينهب نفط سوريا وقمحها ويدمر مدينة الرقة بالكامل..؟ ثم ألا يمكن القول أن القاهرة منسجمة في تموضعها خلف الرياض طالما كانت تقيض الثمن؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى