الجزائر تتجه لانتخاب أول رئيس من جيل الاستقلال
أظهرت قائمة المتسابقين المحتملين لانتخابات الرئاسة الجزائرية بعد انقضاء آجال الترشيح، أن البلاد تتجه نحو انتخاب أول رئيس في تاريخها من جيل الاستقلال وإنهاء الحكم باسم ”الشرعية الثورية“.
وليلة السبت الأحد، أغلقت السلطة المستقلة للانتخابات باب الترشح للسباق الرئاسي بقائمة من 22 شخصية، البارز فيها إلى جانب خلوها من العنصر النسوي، غياب شخصيات وازنة من جيل الثورة التحريرية (1954-1962) مقابل حضور كبير لجيل الاستقلال.
ومن بين 22 شخصية راغبة في الترشح أودعت ملفها رسميًّا لدى سلطة الانتخابات، يعد علي زغدود، رئيس حزب التجمع الجزائري، أكبرهم سنًّا (80 عامًا)، وهو شخصية لم تتأخر عن الترشح في كل انتخابات الرئاسة السابقة في الجزائر، دون أن تتمكن ولو مرة في جمع التوقيعات الكافية للمشاركة في السباق الرئاسي.
وأمس السبت، ذكرت وسائل إعلام محلية أن زغدود قدم استمارات توكيلات فارغة من توقيعات المواطنين لسلطة الانتخابات بعد عجزه عن جمع النصاب المطلوب للترشح (50 ألف توكيل) وهو ما يعني إقصاءه آليًّا من الترشح.
وتنص المادة 87 من الدستور، على أن الذي ”ينتخب لرئاسة الجمهورية يجب أن يثبت مشاركته في ثورة نوفمبر/ تشرين الثاني 1954، إذا كان مولودًا قبل يوليو/تموز 1942″، وأن ”يثبت عدم تورط والديه في أعمال ضد الثورة التحريرية إذا كان مولودًا بعد يوليو/ تموز 1942“.
ويجب على المترشح أن يقدم شهادات تثبت هذين الشرطين، مع الملف الذي يقدمه لسلطة الانتخابات لفحصه، ويعد هذا الشرط لتولي منصب الرئاسة ثابتًا في دساتير الجزائر منذ الاستقلال في الـ 5 من يوليو/تموز 1962.
وأفرز هذا الوضع اقتصار تولي منصب رئاسة الجمهورية منذ الاستقلال على شخصيات تحمل صفة ”مجاهد“ (قدماء المحاربين خلال الثورة التحريرية) دون غيرهم، ووصفت هذه المرحلة بفترة حكم ”الشرعية الثورية“.
وتداول على الحكم في الجزائر منذ استقلالها، ثمانية رؤساء بين مؤقت ومنتخب كلهم شاركوا في الثورة، بداية بالرئيس الراحل أحمد بن بلة (1962- 1965) ثم هواري بومدين (1965- 1978).
وعادت الرئاسة مؤقتًا بعد وفاته عام 1978 إلى رئيس البرلمان رابح بيطاط،، إلى غاية الـ9 من فبراير/شباط 1979، ليتولى الشاذلي بن جديد المنصب بين (1979و1992).
وخَلَفَ الراحل الشاذلي في الرئاسة، محمد بوضياف، وهو أحد قادة الثورة في الـ 16 من يناير/ كانون ثاني 1992 إلى غاية الـ 29 من يونيو/حزيران 1992، عندما جرى اغتياله في مدينة عنابة (شرق)، من قبل أحد حراسه الشخصيين، خلال إلقائه خطابًا أمام مسؤولين لتدخل البلاد في أزمة.
واستعان المجلس الأعلى للدولة، الذي كان يُسير البلاد في ظل فراغ مؤسساتي آنذاك، بالأمين العام لمنظمة المجاهدين علي كافي، لقيادة البلاد في الـ 2 من يوليو/ تموز 1992 وحتى الـ 31 من يناير/ كانون الثاني 1994، لتتم الاستعانة باليامين زروال، وهو جنرال في الجيش ووزير الدفاع في ذلك الوقت، لحكم البلاد إلى نهاية 1998.
وفي 1999، وصل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم، وهو أيضًا من جيل الثورة التحريرية، حتى أطاحت به انتفاضة شعبية في أبريل/ نيسان الماضي، لكنه حقق رقم أكثر رؤساء البلاد في الحكم بقرابة 20 عامًا في المنصب.
وطيلة السنوات الماضية، كان الخطاب الرسمي الذي يطلقه بوتفليقة أن البلاد تتجه نحو إنهاء مرحلة ”الحكم باسم الشرعية الثورية“، وتسليم المشعل لجيل الاستقلال.
وتشير قائمة المرشحين المحتملين لاقتراع الـ 12 من ديسمبر/كانون الأول المقبل، أن هذه الانتخابات ستنهي للمرّة الأولى مرحلة الحكم باسم الشرعية الثورية باختيار خليفة لبوتفليقة من جيل الاستقلال.