المغربي محمد أديب السلاوي.. نهاية قاسية لصحفي مبدع

“إرساء ثقافة حديثة، قائمة على حرية الفكر، والرأي، والتعبير، والإبداع”، أمنية خطها الصحفي المغربي محمد أديب السلاوي، وجعلها هدف مؤسسته للفكر والإبداع المسرحي، قبيل أن يغيبه الموت.

محمد أديب السهلاوي، المولود بمدينة فاس عام 1939، درس بجامعة القرويين، وتنقل بين منابر صاحبة الجلالة في المغرب وخارجه، أصدر كُتباً وصدح صوته في ندوات ومؤتمرات، عاش عُمره وفياً للقلم والإبداع، قبل أن يخطفه الموت، أمس الأربعاء، بمدينة طنجة بعد صراع طويل مع المرض، بعد أن عاش فقيراً، وباع مكتبته وأثاثه ليؤدي ديونه ويسد رمقه.

بصمات

ترك “السهلاوي” عدة بصمات في عالم الصحافة والأدب، سواء من خلال قيادته العديد من التجارب الإعلامية البارزة، في المغرب وخارجه، بالإضافة إلى العشرات من المقالات والكتب، ناهيك عن آراءه النقدية في مجموعة من الأعمال التشكيلية.

وعمل محمد أديب السلاوي، خلال حياته، بعدة صحف مغربية ودولية، مُحرراً وسكرتيراً للتحرير ومديراً للتحرير، منها جريدة الأنباء الصادرة عن وزارة الاتصال المغربية، وجريدة العلم، الذراع الإعلامي لحزب الاستقلال المغربي، كما عمل مُلحقاً ثقافياً بالمكتب الدائم للتعريب، التابع لجامعة الدول العربية، كما اشتغل منسقاً ومستشاراً للتحرير في مجلة اللسان العربي، الصادر عن مجاميع اللغة العربية.

وفي الفترة ما بين 1983، و 1990، عمل رئيس تحرير بمنظمة الطيران والفضاء البريطانية وملحق إعلامي بإدارة التدريب الجوي، للقوات الجوية الملكية بالمملكة العربية السعودية، كما عمل مُستشاراً في الإعلام بكل من وزارة الإعلام والاتصال، ووزارة المياه والغابات، وأيضاً وزارة التكوين المهني، ووزارة الصيد البحري.

وساهم في تحرير العديد من المجلات الثقافية في العالم العربي، وصدرت له المئات من المقالات الثقافية والسياسية والاجتماعية، وأيضاً ذات الطابع الفني.

وصدر للراحل العشرات من الكتب في شتى المواضيع والمجالات، على رأسها كُتب: “التشكيل المغربي بين التراث والمعاصرة”، و”المسرح المغربي.. البداية والامتداد”، و”التشكيل المغربي.. البحث عن الذات”، و”أية جهوية لمغرب القرن الواحد والعشرين”، و”مائة عام من الإبداع التشكيلي بالمغرب”، و”المسرح المغربي.. جدلية التأسيس”.

مات فقيراً

على الرغم من تجربته الكبيرة، ونضاله الإعلامي الطويل، إلا أن السنوات الأخيرة من حياة محمد أديب السلاوي لم تكن ملائمة لرحلة الرجل، إذ لم يشفع له مساره الحافل لتوفير عيش كريم.

وبحسب آخر مقابلاته الصحفية، فإن أديب السلاوي، اضطر بسبب وضعيته المادية المتدهورة إلى بيع بيته وأثاثه وأكثر من نصف خزانته، وما يملك من لوحات فنية، فقط من أجل سد رمقه.

في عام 2018، باع منزله بمدينة سلا قرب العاصمة المغربية الرباط، وانتقل مُضطراً إلى مدينة طنجة ليسكن ببيت صغير هُناك، إلى أن وافته المنية.

“السلاوي” اضطر إلى بيع جزء كبير من كتب خزانته ولوحات فنية أصلية، بثمن بخس بعدما صرف عليها أموالاً طائلة، لينتهي به المطاف عارضاً أثاث منزله للبيع، ثم منزله، بعدما أرهقته الديون المتراكمة.

وعلى الرغم من وضعه المالي “المزري”، إلا أن أديب السلاوي ظل وفياً لقُرائه، مُستمراً في الكتابة لهم، غير آبه بالعوائد المالية التي تكاد تكون منعدمة في الكثير من الحالات.

وقال في مقابلته الأخيرة: “للأسف أمة اقرأ لا تقرأ، فالكتب الموجودة في المكتبات لا يُطالعها أحد، والجرائد لا تدفع مقابلات مالية عن مقالات الرأي، إذ بالكاد تستطيع تغطية مصاريف المُحررين المُشتغلين لديها.. ومنذ توقفي عن العمل، لم أجد مصدر دخل أعيل به نفسي، وأملاكي لم يتبق لي منها شيء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى