تأليف الحكومة اللبنانية بين ردة الفعل الدولية وإمكانية الخروج من الأزمات

سلّم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تشكيلة حكومته الجديدة إلى الرئيس اللبناني ميشال عون، بعد عدة أشهر من استقالة الوزارة السابقة برئاسة حسان دياب على خلفية انفجار مرفأ بيروت.

وقدم رئيس الجمهورية اللبنانية بدوره طرحا متكاملا للحريري حول التشكيلة الحكومية التي استلمها، كما وعد بدراسة التشكيلة التي سلمت له، ما يترك موضوع حسم تأليف الحكومة اللبنانية غير محسوم حتى هذه اللحظة.

الجديد في الحكومة

وحول إمكانية الوصول إلى تشكيل الحكومة اللبنانية، ومدى جدية هذا الأمر، تواصلت  وكالة “سبوتنيك”   مع المحلل السياسي اللبناني طارق عبود، والذي يقول: “الرئيس سعد الحريري قدم هذه التشكيلة لرئيس الجمهورية لكي يقول للمجتمع الدولي والداخل اللبناني أنه يعمل ويفكر في سبيل إخراج الواقع السياسي اللبناني من هذا المأزق”،

ويتابع: “لكن من يدرس هذه التشكيلة ويتمعن بها، يعرف أنها نوقشت قبلا، وبأنها ستكون مرفوضة بالمطلق من جانب الرئيس اللبناني ميشال عون، لذلك كان الحريري يريد تعبئة الفراغ، للقول أنه مستمر في عمله لتشكيل هذه الحكومة”.

وكذلك يقول الخبير السياسي اللبناني أسعد بشارة في حوار مع وكالة “سبوتنيك”، ويكمل: “طرح الرئيس سعد الحريري حكومة من 18 وزيرا، قسم فيها الحصص على 3 أطراف، الحصة الأولة فيها هو والحزب التقدمي الاشتراكي، والثانية لحزب الله وتيار المردة، والحصة الثالثة للتيار العوني ورئيس الجمهورية”.

ويتابع بشارة: “هذه الحكومة المثالثة بالمحاصصة لم ترضي رئيس الجمهورية أيضا، ورد بعرف يخرق الدستور بإيداع الحريري تشكيلة أخرى، مع أن الدستور يعطي الحريري وحده حق إعداد التشكيلة الحكومية، بالاتفاق مع رئيس الجمهورية”.

 موعد تشكيل الحكومة

وعن الموعد المتوقع فيه تشكيل الحكومة اللبنانية يرى طارق عبود بأن موعد التأليف غير واضح المعالم بعد، ويكمل: “ليس هناك من جديد في هذه الحكومة، وهذا الكلام مر عليه الوقت ونوقش في الجلسات المتكررة مع رئيس الجمهورية، والجديد الوحيد الذي سرب من هذه الورقة، أنه سمى حتى أسماء الوزراء المحسومون على حصة حزب الله في الحكومة”.

وكذلك يعتقد المحلل أسعد بشارة، ويرى بأنها قد لا تولد أبدا، ويوضح: “علقت التشكيلة عند رفض عون الذي يدعمه حزب الله، ولن تولد الحكومة في القريب العاجل، إلا إذا لبى الحريري كل شروط عون وحزب الله، وتضامن حزب الله  مع الحريري   تجلى في عدم إعطائه أسماء وزرائه كما كان متفقا عليه”.

ردة الفعل الدولية

وعن ردة الفعل الدولية حول تأليف الحكومة في ظل فعالية عدة أطراف دولية في لبنان، وتحت ضغط المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يقول طارق عبود: “لن يكون هناك رد فعل من المجتمع الدولي لأن الحكومة لن تبصر النور قريبا، والكل يعلم حتى الفرنسيين بأن التأخير في تشكيل الحكومة خاضع للرغبات الأمريكية، والأمريكيون الذي وضعوا فيتو على تمثيل  حزب الله أو المقربون منه “.

ويضيف: “لذلك الجميع اليوم وكل القوى السياسية ينتظرون ما سيأتي في قادم الأيام بعد تسلم جو بايدن لسدة الحكم في البيت الأبيض، وعلى ضوء هذه المعطيات والرؤية الجديدة التي يمكن لها أن تتحكم بالمسار العام في الشرق الأوسط، ستتشكل الحكومة على هذا الأساس”.

ويواصل عبود: “فلا يريد أي طرف من الأطراف أن يغامر اليوم بتشكيل حكومة، قد تكون محل جدل واسع في الواقع السياسي اللبناني، والتي قد يرضى عنها الغرب وقد لا يرضى، هذا إذا لم نتكلم بعد عن برنامج عمل هذه الحكومة”.

أما المحلل أسعد بشارة فيعتقد أن فرنسا تدعم الحريري في هذا المجال، ويفسر قوله: “من الواضح أن فرنسا تغطي الرئيس الحريري في مساعيه لتشكيل الحكومة، وتريد أن ترى حكومة في لبنان قبل زيارة ماكرون، وهي تنازلت عن جزء من المبادرة لكي لا يبدو وكأن جهودها بعرض الحائط، وعلى الرغم من هذه التنازلات فإن حزب الله  وحليفه عون   أفشلا هذه المبادرة”.

إخراج لبنان من الأزمة

وحول مدى قدرة الحريري وتشكيلته المقترحة على إخراج لبنان من الأزمات الاقتصادية والسياسية الخانقة التي تمر به، يقول عبود: “الرئيس سعد الحريري قال أن برنامج هذه الحكومة هو تطبيق الورقة الفرنسية، وحتى هذه الورقة لم تحمل الترياق للبنانيين، والتي تحمل في ثناياها الكثير من الإشكاليات”.

ويتابع: “الورقة الفرنسية تحتوي وصفات الخصخصة ورفع الدعم والتحرر في سعر صرف الدولار الأمريكية وبيع جزء من القطاع العام، وهذه الأمور ستزيد الأعباء على الشعب اللبناني، ولن تكون هي المخلص للبنانيين”.

أما المحلل أسعد بشارة فيرى أن الأزمة باقية في لبنان، وإن كانت ستخف قليلا بعد تشكيل هذه الحكومة، ويكمل: “ليست أي حكومة قادرة على النجاح في إنقاذ لبنان، فالطريقة التي تشكل فيها الحكومة يعني أن هناك من يفرض إيقاع ما قبل 17 أكتوبر/ تشرين، وهذا لا ثقة داخلية به، كما لن يحوذ على أي ثقة عربية أو دولية”.

ويختم حديثه، قائلا: “بالتالي الحكومة القادرة على إنقاذ لبنان هي حكومة من المستقلين بالكامل القادرين على وضع خطة اقتصادية لا يعرقلها أحد، وتحظى بثقة المجتمع الدولي، وتبدأ بعملية جراحية في الوضع الاقتصادي، لأنه في حالة انهيار كبير وسيتفاقم في المستقبل، وحكومة التسويات والمحاصصة لن تكون هي الحل بل ستزيد من الأزمة، ربما تضيف بعض الأوكسجين للاستمرار لفترة قريبة، لكنها ليست حلا بل هي علاج بالمسكنات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى