تداعيات كورونا.. ديون فرنسا تفوق التوقعات
قال وزير الموازنة الفرنسي جيرالد دارمانين إنه من المرجح أن يرتفع دين البلاد بما يفوق توقعات الحكومة جراء تداعيات أزمة فيروس كورونا
وفي أحدث موازنة لفرنسا في أبريل/نيسان الماضي، توقعت الحكومة أن يبلغ الدين 115% من الناتج الاقتصادي.
ووفقا لوكالة أنباء بلومبرج، الأحد، قامت فرنسا بالفعل بإعادة كتابة ميزانيتها مرتين هذا العام، وتعتزم الحكومة وضع ميزانية طوارئ ثالثة في يونيو/حزيران المقبل لمواجهة تداعيات الجائحة، بما في ذلك نفقات لدعم العمال والشركات.
وقال دارمانين في مقابلة مع إذاعة “آر تي إل” الفرنسية، الأحد إنه “في هذه الأزمة، هناك تأثير هائل مع اتخاذ كل من الدخل والانفاق لاتجاه مغاير للأخر، حيث تنفق المزيد في ظل دخل ضريبي أقل ونشاط اقتصادى أقل، لذا فسيكون (الدين) بالتأكيد أكثر من 115%”.
وفي وقت سابق من مايو/أيار الجاري، عدلت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني توقعاتها للتصنيف الائتماني لفرنسا إلى سلبي بسبب أنها تتوقع حدوث زيادة حادة في المديونية والاقتراض.
تراجع الناتج المحلي
وتراجع الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي بنسبة 5.8% في الفصل الأول من العام الجاري، بحسب تقديرات نشرها المعهد الوطني الفرنسي للإحصاءات والدراسات الاقتصادية مطلع شهر مايو/أيار الجاري.
ويتوافق هذا التقييم مع تقديرات البنك المركزي الفرنسي التي أشارت في أوائل أبريل/نيسان الماضي إلى انكماش إجمالي الناتج الداخلي الخام بنحو 6%.
وهذا أكبر انخفاض في تاريخ التقديرات الفصلية لإجمالي الناتج الداخلي الخام، التي بدأ تسجيلها في 1949.
ويتجاوز بشكل كبير التراجع الذي سجل في الفصل الأول من 2009 (-1.6%) في أعقاب الأزمة المالية عام 2008، أو في الفصل الثاني من 1968 (-5.3%)، العام الذي شهدت فيه فرنسا احتجاجات اجتماعية خلال شهر مايو/أيار، وفق المعهد.
وبعد التراجع بنسبة 0.1% في إجمالي الناتج الداخلي الخام الفرنسي المسجل في الفصل الأخير من عام 2019، يأتي هذا الانكماش ليؤكد دخول الاقتصاد الفرنسي في مرحلة الركود.
وأوضح المعهد الوطني للإحصاء في نشرته أن هذا الانخفاض “مرتبط بشكل أساسي بوقف الأنشطة غير الأساسية، تنفيذا للعزل الذي طبق منذ منتصف مارس/آذار”، لمنع تفشي وباء فيروس كورونا”كوفيد-19”.
وأكد المعهد الأسبوع الماضي أن الاقتصاد بات أشبه “بكائن خاضع للتخدير” لا “يقوم إلا بمهامه الحيوية”.
وأضاف أن “نصف الموظفين وجدوا أنفسهم أواخر مارس/آذار في شركة توقف نشاطها أو انخفض بأكثر من النصف”.
ولفتت مؤسسة “أولير إريميس” للتأمين في مذكرة إلى أن “تدابير العزل التي بدأ تطبيقها في 17 مارس/آذار الماضي ترجمت بانخفاض غير مسبوق للاستهلاك والاستثمار والميزان التجاري في مارس/آذار الماضي”.
ورغم بداية عام إيجابية، شهد استهلاك الأسر انخفاضا “غير مسبوق” بنسبة 6.1% في الربع الأول، إذ تم إغلاق العديد من المتاجر والمطاعم وحتى المقاهي بقرار من الحكومة.
وفي شهر مارس/آذار الماضي وحده، تراجع استهلاك الأسر بنسبة 17.9%.
كما سجل الاستثمار التجاري انخفاضا حادا بنسبة 11.8% وعرفت التجارة الخارجية تدهورا بنسبة 6.5% للصادرات و5.9% للواردات.
وتتوقع الحكومة من جهتها أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8% هذا العام، في حين كرر وزير الاقتصاد برونو لومير القول إن الأزمة الحالية سيكون لها أثر مشابه لأزمة الكساد الكبير عام 1929.
وقال “يجب أن نعي حقيقة أنه بمجرد امتصاص الصدمة” سيكون الاقتصاد الفرنسي أمام خطر “انهيار العديد” من الشركات، وسيكون الأثر “قاسيا” على الوظائف، وسيجري تكبد خسارات في سوق التصدير الفرنسي.
وفي مارس/آذار الماضي، وبعد أسبوعين فقط من العزل، ارتفع عدد الطلبات المقدمة على مؤسسة التوظيف الفرنسية بشكل كبير.
وحذر المعهد الوطني للإحصاءات بدوره من أن تنشيط الاقتصاد “سيستغرق وقتاً”، لأن لا عودة مباشرة إلى ممارسة النشاط الطبيعي، كما ينتظر أن تلزم الأسر والشركات الحرص في عودتها لنشاطها.
وتعمل الحكومة على إعداد خطة إنعاش، من شأنها تحفيز الاستهلاك وتقديم مساعدات محددة للقطاعات الأكثر تضرراً من الأزمة مثل قطاع النقل الجوي والسيارات والسياحة.