تفشي القتل والتعذيب في سجون ومخيمات يشرف عليها الجيش الأمريكي شرقي سوريا

تصاعدت ردود الفعل الشعبية في منطقة الجزيرة السورية إزاء قضية مقتل الشاب السوري الكردي، أمين عيسى علي، في أحد السجون التي تشرف عليها قوات الجيش الأمريكي و”قسد” الموالية له، في مدينة الحسكة.

انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي محليا وإقليما ودوليا بالتهديد الذي أعلنته عائلته برفع دعوى ضد مسلحي تنظيم “قسد” لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي، وخاصة مع تسجيل حالة قتل مشابهة لشاب من أبناء القبائل العربية في ريف دير الزور.

وعلى التوازي، تم تسجيل عودة قوية لجرائم الاغتيالات في مخيم الهول الذي يعتبر أكبر مخيمات النازحين واللاجئين في سوريا، لتنصب هذه الكتلة المتزامنة من الجرائم، ضمن الممارسات اللا أخلاقية للجيش الأمريكي والمسلحين الموالين له.

ونشر حساب السفارة الأمريكية في سوريا على “تويتر” بيانا تملصت فيه السفارة من الجريمة، وجاء فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية “تشعر بالقلق العميق إزاء التقارير التي تتحدث عن وفاة أمين عيسى العلي أثناء احتجازه لدى “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ودعت إلى فتح تحقيق فوري وشفاف، ويجب محاسبة أي شخص تثبت مسؤوليته عن الاعتداء أو إساءة معاملة المحتجزين”، بحسب وصفها.

كما صدرت بيانات عديدة أدانت حادثة القتل تحت التعذيب في سجون التنظيم الموالي للجيش الأمريكي، حيث أصدرت ما تسمى “الأمانة العامة للمجلس الوطني الكُـردي المعارض”، و”اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكُـردستاني- سوريا”، إضافة إلى عائلة الضحية، وجميعها دعت إلى ضرورة تقديم الجناة للعدالة، وفتح تحقيق بإشراف منظمات دولية.

وكان تنظيم “قسد” الموالي للجيش الأمريكي قد سلم جثة شاب كردي في العقد الرابع من عمره قتل تحت التعذيب داخل أحد معتقلاته السرية ضمن مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، التي تشرف عليها فرق أمنية من الجيش الأمريكي، ما أثار موجة غضب كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ونشر صور مروعة لجثة الشاب، مع تهديد عائلته بالشكوى إلى محكمة العدل الدولية، وسط تخوف الكثير من العوائل على حياة أبنائها المعتقلين في سجون التنظيم.

وأفاد مراسل “سبوتنيك” في محافظة الحسكة نقلاً عن مصادر مقربة من عائلة الشاب المقتول أن تنظيم “قسد” سلم جثة الشاب أمين عيسى علي (35 عاما)، بعد مقتله تحت التعذيب في سجون التنظيم في مدينة الحسكة بعد ما يقارب شهر من الاعتقال التعسفي من منزله في مدينة الحسكة بحجة التورط بــ “قضايا الفساد”.

وقال أحد أصدقاء المقتول (نتحفظ على ذكر اسمه خوفاً على حياته) لــ “سبوتنيك” بأن عائلة الشاب أمين عيسى علي تلقت اتصالاً مساء الاثنين 28 يونيو/ حزيران من المستشفى الوطني في مدينة الحسكة الواقع تحت سيطرة “قسد” يعلمهم بان ابنه قد توفي نتيجة تعرضه لجلطة دماغية داخل السجن وعليهم القدوم لاستلام الجثة.

وتابع بأن الذراع الأمني لقسد ميليشيا “الأسايش” اعتقل أمين عيسى علي قبل نحو شهر تقريباً، من منزله في مدينة الحسكة ولم يتمكن ذووه من التواصل معه كما أن ما يسمى (النيابة العامة) رفضت إيصال الدواء لعيسى الذي كان يعاني من مرض الغدة الدرقية، مضيفاً بأنه بعد 27 يوما من الاعتقال تم تسليم جثة أمين عيسى علي لذويه، وعليها آثار تعذيب مروعة نتيجة تعرضه للضرب المبرح على جسده.

وأكّد الشاب المقرب من عائلة (أمين) المنحدرة من مدينة الدرباسية في محافظة الحسكة والمعروفة بمعارضتها لسياسية تنظيم “قسد”، أنّه تعرّض لتعذيب وحشي خلال فترة اعتقاله، ونتج عن هذا التعذيب كسر في الفك ونزيف داخلي في الجمجمة، كما لوحظ آثار ضرب على الركبة. 

وأضاف الشاب المقرب من عائلة الرجل، بأنه تعرض للضرب بواسطة أداة قاسية، ولوحظ وجود حرق يمتد من مؤخرة الرأس إلى نهاية العمود الفقري، وقد استخدم الزيت المغلي بحرق المنطقة المذكورة وضرب شفرة حادّة على الجهة اليسرى من وجه الضحية، مع ملاحظة وجود حرق في اليدين من منطقة تحت الإبط حتى الكفين، وذلك باستخدام الماء الحار، إضافة إلى وجود حفرة في جلدة البطن والإقدام.

ونقل الشاب عن عائلة المقتول التي تنتسب لحزب كردي معارض لما يسمى تنظيم “قسد” إن “العائلة ستعمد لرفع دعوة في محكمة العدل الدولية ضد “قسد” ولن تسكت عن دم ابنها الذي تم قتله بطريقة وحشية لا تمت للإنسانية بصلة.

حادثة مشابهة

وفي نفس السياق سلم تنظيم “قسد” يوم الأربعاء 29 يونيو/ حزيران، جثة الشاب أحمد ضحيوي الياسين البالغ من العمر 17 عاماً إلى ذويه في بلدة الطيانة شرقي دير الزور بعد وفاته بظروف غامضة في أحد سجون العملية للاحتلال الأمريكي بعد فترة من اعتقاله بحجة انتمائه لتنظيم “داعش” الإرهابي (المحظور في روسيا) رغم أن قدمه مبتورة ووضعه الصحي سيء.

تنظيم”قسد” يبرر

بدوره، أصدر تنظيم “قسد” بياناً توضيحي بخصوص حالة الوفاة التي حصلت في مركز ما يسمى “الإصلاح والتأهيل” (هو قسم ومعتقل سري داخل سجن غويران المركزي سابقاً الذي يحوي ضمنه المئات من المعتقلين المدنيين المسجونين مع الآلاف من عناصر “داعش” الإرهابي، للمتهم أمين عيسى علي حيث تم توقيفه في 22.05.2021 بتهمة دفع الرشاوي وكانت قد صدرت بحقه مذكرة توقيف رسمية صادرة عن الجهات المختصة وفق الأصول.

وتابع البيان بأنه وبالكشف على الجثة تبين عدم وجود أي آثار عنف وشدة وتعذيب وأن سبب الوفاة عبارة عن جلطة دماغية ناجمة عن توتر شرياني حسب التقارير الطبية، وأنهم تفاجؤوا بانتشار الصور التي نشرت والتي تم إعدادها على برامج تعديل الصور “الفوتوشوب”.

عودة القتل إلى مخيم الهول

وفي نفس السياق عادة جرائم القتل بقوة إلى مخيم الهول الواقع تحت سيطرة تنظيم “قسد” والجيش الأمريكي شرقي محافظة الحسكة حيث قتل ستة أشخاص بينهم ثلاثة نساء خلال الساعات الماضية.

وقالت مصادر محلية لمراسل “سبوتنيك”، إن نازح سوري قتل مع لاجئة عراقية برصاص مجهولين في مخيم الهول شرقي الحسكة ،النازح المتوفى (27 عاماً) توفي جراء النزف الحاد بسبب إصابته برصاصة في الرأس، أما اللاجئة العراقية وجدت مقتولة في خيمتها عن عمر 38 عاماً وتعرضت لرصاصة في الرأس.

مقتل النازح السوري واللاجئة العراقية جاء بعد ساعات من مقتل ثلاث نساء في المخيم الذي تسيطر عليه القوات الأمريكية، قتلن بإطلاق الرصاص عليهن في القسم الخامس والأول من المخيم بينهن امرأة تحمل الجنسية العراقية.

وأكدت المصادر أن امرأة من الجنسية العراقية قتلت عبر إطلاق الرصاص عليها في الرأس بشكل مباشر حيث وجدت جثتها في القسم الأول من المخيم، بينما قتلتا الشقيقتين السوريتين جراء إطلاق الرصاص عليهما من مسدس كاتم للصوت ضمن القسم الخامس في المخيم الهول في حادثة تتكرر بشكل مستمر من جراء الفلتان الأمني والفوضى التي يشهدها المخيم.

وتعتبر حالات القتل الجديدة هي الحالة 12 داخل مخيم الهول، عقب الحملة الأمنية والعسكرية التي أطلقها تنظيم “قسد” بدعم من الجيش الأمريكي نهاية مارس/ آذار الفائت وانتهت باعتقال العشرات من القاطنين في المخيم المذكور.

ويحتجز الجيش الأمريكي في مخيم الهول شرق الحسكة لذي يعتبر من أكبر المخيمات في المنطقة عبر تنظيم “قسد” آلاف المهجرين في ظروف مأساوية تنذر بحدوث كارثة إنسانية في ظل النقص الشديد بمتطلبات البقاء على قيد الحياة من مياه وأدوية وطبابة وغذاء وأمن وغيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى