آخر الأخبارتحليلات و آراء

عون الثاني.. يتوعد حزب الله وسلاحه

بعد سنتين من شغور موقع الرئاسة الأولي في لبنان، جرى انتخاب قائد الجيش اللبناني المسيحي الماروني العماد جوزيف خليل عون رئيسا للبنان، لعهدة رئاسية جديدة لمدة ست سنوات، ومع أن سلطات موقع الرئاسة التنفيذية محدودة، إلا أن لها رمزيتها ودورها في إدارة الحكم ارتباطا بطبيعة النظام الذي تتقاسم فيه المذاهب المختلفة السلطة كحصص، ليس لها علاقة بمفهوم المواطنة، وذلك بأن يكون رئيس الدولة مسيحيا مارونيا، ورئيس الوزراء الذي هو السلطة الفعلية في الدولة مسلما سنيا ، ورئيس البرلمان مسلما شيعيا.

وما كان لمجلس النواب اللبناني أن ينجح في انتخاب الرئيس بعد فشل استمر أكثر من عامين، بمعزل عن الحرب الذي شنها العدو على لبنان ووجهت ضربة قوية إلى حزب الله، الذي كان يمثل دولة داخل الدولة، استثمرتها الأطراف الخارجية التي ساهمت في اتفاق وقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني وحزب الله، لفرض رئيس يلبي متطلبات رؤيتهم السياسية والعسكرية ومصالحهم في لبنان، على ضوء أن حزب الله الذي ينظر له كذراع لإيران في لبنان والمنطقة، سينحني مضطرا للعاصفة، بسبب خسارته غير المسبوقة في حرب الـ 66 يوما التي شنها الكيان عليه لدوره في إسناد المقاومة في غزة ، وأنه وهو يلملم جراحة لن يعرقل انتخاب الرئيس الذي سينتخبه النواب اللبنانيين ولكنه حصان تقف وراءه إرادة واشنطن وباريس والرياض، من أجل تنفيذ القرار الأممي 1701 لعام 2006 ، الذي يحظر وجود حزب الله جنوب الليطاني، وتمكين الجيش اللبناني من الانتشار في الجنوب.

ومع وجود ممثلي تلك الدول في جلسة الانتخاب لتأكيد الإرادة الدولية في طي صفحة نفوذ حزب الله، فقد عمد الحزب وشريكه رئيس مجلس النواب قائد حركة أمل فيما يسمى بالثنائي الشيعي، إلا أن أوصلا رسالة ذات معزى مهم، وهي أنهن هم من منعوا انتخاب الرئيس من الجولة الأولي بالاقتراع بورقة بيضاء لإبقاء التصويت تحت سقف النصاب القانوني، وذلك للقول لتلك الدول وللرئيس المنتخب، أن تمرير انتخاب الرئيس في الجولة الثانية جرى أيضا بإرادة حزب الله وشريكه حزب حركة أمل. وهي ربما الرسالة التي نقلها إلى الرئيس الجديد قبل بدء الجولة الثانية للاقتراع على انتخابه ممثلان عن حزب الله وحركة أمل، التقيا بقائد الجيش جوزاف عون في مقر البرلمان، كما نقلت مصادر لوكالة “فرانس برس”.
لكن ما جاء في كلمة الرئيس الجديد بدا وكأنه انقلاب على أي تفاهمات مع الثنائي الشيعي، عبر استهداف مباشر من الرئيس الجديد لحزب الله، لإرضاء الأطراف الدولية وقطاع مهم من الطيف السياسي اللبناني، في لغة جديدة بعيده عن الدبلوماسية، بأن تعهد الرئيس اللبناني الجديد المنتخب جوزيف عون، بالتأكيد على حق الدولة وحدها في احتكار السلاح والدعوة إلى حوار وطني حول استراتيجية دفاعية.
وتعهده بأن يمارس دوره كقائد أعلى للقوات المسلحة لتأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح، ودعا لمناقشة سياسة دفاعية متكاملة بما يمكن الدولة من إزالة الاحتلال الإسرائيلي ورد عدوانه، وأن الدولة اللبنانية وحدها مهمتها إزالة الاحتلال الإسرائيلي.
ووجه حديثة إلى اللبنانيين أينما كانوا وليسمع العالم كله أن اليوم بدأت مرحلة جديدة من تاريخ لبنان وسأكون الخادم الأول للحفاظ على الميثاق ووثيقة الوفاق الوطني وأن أمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة كحكم عادل بين المؤسسات”. وتعهد بإعادة هيكلة الإدارة العامة، كما سأعمل على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح”.
وأن القوى الأمنية كأداة أساسية لحفظ الأمن وتطبيق القوانين كما سنناقش استراتيجية دفاعية كاملة على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بما يمكن الدولة اللبنانية من إزالة الاحتلال الإسرائيلي وردع عدوانه”.
وفي رسالة ذات مغزى موجهة إلى الفصائل الفلسطينية، أشار عون إلى “رفض التوطين للفلسطينيين ونؤكد عزمنا لتولي أمن المخيمات، التي هي خارج سلطة أمن الدولة اللبنانية، ذلك أن حصر مهمة الأمن وحمل السلاح هو بيد الدولة اللبنانية وحدها.
لكن تعهد الرئيس المنتخب بحصر السلاح على الدولة وحدها، تعني أن ترسانة حزب الله ومصانع صواريخه، وتنظيمه العسكري سيكون خارج مشروعية الدولة اللبنانية على الأقل نظريا الآن، وسيستقوي في ذالك، باتفاق وقف إطلاق النار مع الكيان الصهيوني والدول الراعية للاتفاق، وتقف وراء انتخابه. وهو أمر لا نعتقد أن حزب الله وحاضنته الشعبية الشيعية التي تمتد في الجنوب والبقاع وحتى الصاحية الجنوبية من بيروت، ستسلم به.
وإنه لمن التبسيط اعتبار أن ما تعرض له حزب من هزيمة، قد أنهى نفوذه في مناطقه على الأقل أو على المستوى العام، وأن تجريده من سلاحه سيكون أمرا سهلا، لأنه وإذا كان صحيحا أن الحرب ساهمت في تدهور قدرات حزب الله إلى حد كبير، فإنّ بعض التقارير تشير إلى أن ما يقدّر بنحو 15 ألفاً من أعضائه لا يزالون مسلحين ببنادق من طراز «AK- 47»، وقذائف «آر بي جي» وصواريخ كورنيت المضادة للدبابات، وهذا يعني وصفة لحرب أهلية، ثم من قال إن المؤسسة العسكرية ستبقى موحدة ولا تنقسم على أساس مذهبي، فقد يرفض الكثيرون من أبنائها الانخراط في عمل عنف ضد حزب الله، على أساس وطني وأيضا طائفي، ولا أتصور أن الرئيس الجديد ومن معه سيذهب إلى معركة كسر عظم مع حزب الله والطائفة الشيعية والوطنيين اللبنانيين، ترضي الكيان الصهيوني وأمريكا، وصهاينة لبنان، وما يعتبره البعض من ضرورة انتصار الدولة على ما يسمونها الدويلة، وهي المعركة التي سيكون ثمنها لبنان الموحد.. والسؤال هنا.. من يجرؤ على ذلك..؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى