ثقافة وأدب

كشف خبايا توابيت الفراعنة.. ما هو الدور الذي لعبه الجبس؟

عادة ما تتميز التوابيت المصرية القديمة بطبقات سطحية ومواد حشو مصنوعة من مجموعة واسعة من المواد الشبيهة بالعجين.

وفي حين أن الجص المعماري (مادة بيضاء أو رمادية تُستخدم في البناء، والترميم، والزخرفة) في مصر القديمة كان موضوعا لبحوث سابقة، إلا أن المواد المستخدمة في صنع أشياء مثل التوابيت لا تزال أقل دقة في التشخيص، وهوما سعت له الدراسة التي أعدها باحثون من قسم الآثار بجامعة كامبريدج ونشرتها دورية “جورنال أوف أركيولوجيكال ساينس”، بهدف فهم تركيبها، بما يُسلط الضوء على التحولات في التكنولوجيا، وممارسات الورش، ومصدر المواد.

أحد التوابيت التي شملتها الدراسة

 

واعتمدت هذه الدراسة نهجا تحليليا طفيف التوغل لدراسة المواد السطحية لتابوتين ينتميان إلى”باكبو”، وهي مجموعة جنائزية من طيبة يعود تاريخها إلى 680-664 قبل الميلاد،إلى جانب مجموعة مقارنة مع شظايا التوابيت من نفس المنطقة والفترة.

وباستخدام المجهر الضوئي، ومجهر المسح الإلكتروني الماسح، ومطيافية الأشعة تحت الحمراء فورييه، فحص الباحثون التركيب غير العضوي والبنية المجهرية للجص المستخدم، فعُثر على كالسيت مطحون غير مُسخّن في جميع العينات (مسحوق ناعم من معدن كربونات الكالسيوم)، إلا أن الاختلافات في مورفولوجيا وتوزيع العناصر الثانوية (وخاصةً المغنيسيوم والحديد) تُشير إلى اختلاف بروتوكولات الإنتاج والمصادر الجيولوجية وتقاليد الورش.

أحد التوابيت التي شملتها الدراسة

وصُنعت المعاجين البيضاء المُستخدمة لتحضير سطح التابوت الداخلي من كالسيت نقي للغاية، غني بالأحافير الدقيقة الجيرية، بينما كانت المعاجين البيضاء للتابوت الوسيط أكثر تنوعًا كيميائيًا، مع محتوى أعلى من الحديد والمغنيسيوم، أما معاجين الحشو الوردية، المُستخدمة لسد الفجوات في الهيكل الخشبي ،فقد تنوعت بشكل أكبر، حيث أظهر التابوت الوسيط خلائط أكثر خشونة وتنوعًا.

تشير هذه الفروقات إلى أنه على الرغم من أن التوابيت ربما زينت في الورشة نفسها، إلا أن بنائها يرجح أنه تم في ورش مختلفة، أما التابوت الداخلي، المُصمّم ليكون الأقرب إلى الجثة، فقد استُخدمت فيه مواد أدق وعدل بعناية أكبر، وهذا يُعزّز فكرة أن الطبقات المختلفة للمجموعة الجنائزية أدّت أدوارا طقسية ووظيفية مختلفة.

أحد التوابيت التي شملتها الدراسة

 

وكشفت شظايا المقارنة، على الرغم من تشابه طبقاتها مع التابوت الداخلي، عن اختلافات كيميائية، مما يدعم فرضية تعدد مصادر الإنتاج في طيبة خلال العصر الانتقالي الثالث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى