فندق لبناني شهير عُرف باستضافته مؤتمرات دولية يُنهي أعماله بسبب الأزمة المالية.. سبقه فندق آخر وفرع كوكاكولا
أعلن فندق “ألكساندر” الشهير الذي افتتح قبل أكثر من 50 عاماً في العاصمة اللبنانية بيروت، السبت 2 مايو/أيار 2020، إغلاق أبوابه وتوديع نزلائه بشكل نهائي، على خلفية الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد.
الفندق كان مكاناً لاستقبال أبرز الوفود السياسية العالمية، وإقامة أبرز المؤتمرات واللقاءات السياسية، وقرار إغلاقه -وفق مالكه إبراهيم إبراهيمشا- نهائي “لم يكن سهلاً القرار، لأنه طوى معه تاريخاً حافلاً حُفِر في ذاكرة الشعب اللبناني وفي تراث بيروت”.
يمر لبنان حالياً بأسوأ أزمة اقتصادية ومالية منذ انتهاء الحرب الأهليّة عام 1990، إذ لامست قيمة الليرة اللبنانية عتبة 4 آلاف مقابل الدولار في السوق غير الرسميّة (السوداء)، مقارنة بسعر الصرف الرسمي البالغ نحو 1500 ليرة.
طيّ تاريخ حافل: في حديثٍ لوكالة الأناضول، كشف صاحب الفندق الشهير عن تكبده “خسائر ماليّة ضخمة”، قائلاً: “لم أعد قادراً على تحمّل أعبائها الظروف التي تخيّم على البلاد منذ مدّة، قضت على قطاع الفنادق والسياحة”.
فندق آخر أغلق أبوابه: قبل نحو أسبوعين أعلن فندق “بريستول” الشهير في رأس بيروت (وسط)، إغلاق أبوابه، نظراً لصعوبة الأوضاع الاقتصاديّة.
شركة “كوكا كولا” العالمية كانت قررت الخميس إغلاق مقرها في لبنان نهاية مايو/أيار المقبل؛ إثر ضائقة مالية تواجهها متأثرة بالأوضاع الاقتصادية في البلاد.
منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشهد لبنان احتجاجات شعبية ترفع مطالب سياسية واقتصادية، ويغلق مشاركون فيها من آنٍ إلى آخر طرقات رئيسية ومؤسسات حكومية.
خطة إنقاذ عارضتها البنوك: بنوك لبنان كانت الجمعة انتقدت خطة إنقاذ اقتصادي ستشكل أساس محادثات مع صندوق النقد الدولي، واصفة إياها بأنها “تقوّض الثقة” في البلاد.
تتزامن التعليقات، والتي قد يكون لها تأثير كبير على صندوق النقد الدولي نظراً لأن البنوك من أكبر حائزي ديون لبنان، مع توقيع بيروت طلب مساعدة من الصندوق، وهو ما وصفه رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب بأنه “لحظة مفصلية في تاريخ لبنان”.
ترسم الخطة، التي وافقت عليها حكومة دياب الخميس الماضي، صورة لخسائر بعشرات المليارات من الدولارات للنظام المالي وإجراءات قاسية لإخراج لبنان من أزمة شهدت انهيار عملته وارتفاع البطالة وتعثر البلاد في ديونه السيادية واحتجاجات في الشوارع.
بعض الاقتصاديين والدبلوماسيين رحبوا بالخطة باعتبارها خطوةً أولى مهمة نحو التعافي، لكن كثيرين يتشككون في إمكانية تنفيذ المقترحات الطموحة لخفض إنفاق القطاع العام وإصلاح القطاع المصرفي بعد سنوات من التباطؤ في التنفيذ.
وزير الاقتصاد السابق ناصر سعيدي قال عن الخطة التي تتألف من 53 صفحة: “هذا يعني بداية المفاوضات الجادة مع صندوق النقد الدولي، لذا فهذه أنباء شديدة الأهمية لأنها تزيح الكثير من الضبابية. وكما قلت من قبل، المسألة في لبنان دائما مسألة تنفيذ”.
الدعم الدولي: في ظل وجود برنامج صندوق النقد الدولي، تأمل بيروت في أن يفرج المانحون الأجانب عن حوالي 11 مليار دولار تعهّدوا بها في مؤتمر بباريس عام 2018، والذي جرى ربطه بالإصلاحات المتوقفة منذ فترة طويلة.
تشكل أيضاً الخطة، التي تدعو إلى دعم خارجي بقيمة 10 مليارات دولار إضافية على مدار 5 سنوات، العمود الفقري لمحادثات مع حاملي سندات أجانب لم تبدأ بعد، وذلك بعد أن تعثر لبنان في سداد سندات دولية بقيمة 31 مليار دولار في مارس/آذار.
نافذ صاووك محلل الأسواق الناشئة لدى أوكسفورد إيكونوميكس قال: “إنها إلى حد كبير خطوة تسويقية كبيرة للحكومة، إذ إن هناك شعوراً بأن الحكومة بدأت فقدان السيطرة. توضح هذه الخطة أنهم يسعون بالفعل للعمل من أجل شيء ما”.
هبوط الليرة: أثار هبوط فائق السرعة لليرة اللبنانية، التي فقدت أكثر من نصف قيمتها منذ أكتوبر تشرين الثاني، موجة جديدة من الاضطرابات، إذ قُتل متظاهرون في أعمال شغب تستهدف البنوك التي تحول بين المدخرين وودائعهم بالدولار الأمريكي.
دبلوماسي غربي أوضح لرويترز: “التنفيذ هو الجزء الأصعب، ولبنان يفشل باستمرار في هذا. التقدم لن يكون ممكنا إلا بهذا وعلى أساس من توافق سياسي وشعبي أكبر”.
في ظل إجراءات مثل استعادة الأصول المسروقة في الخارج، قد يستغرق هذا سنوات، في حين يقول بعض الاقتصاديين إن الخطة تضع عبئاً شديد الثقل على القطاع المصرفي الذي ساعد لعشرات السنين في تمويل عجز ضخم في الموازنة العامة.
نسيب غبريل، كبير الاقتصاديين لدى بنك بيبلوس، قال: “هذا في الأساس استيلاء من الدولة على القطاع المصرفي. أنا لا أفهم كيف سيعيد هذا الثقة.. عندما تسلك هذا الطريق، فمن أين سيأتي الإقراض؟”.