في حلقة خاصة عن الحشرات في فلسطين..إعلامية بريطانية تناقش موضوع “الخنافس” مع باحثين فلسطينيين.

حوار : Rachael Horwitz.

ترجمة: فريق أوبينيا تايمز.

أقامت الإعلامية والناشطة البريطانية، الداعمة للقضية الفلسطينية Rachael Horwitz منذ أيام، حلقة نقاشية عبر تطبيق البودكاست تناولت فيها موضوع الحشرات وتحديدا الخنافس حول العالم وخاصة في فلسطين، استضافت فيها محمد نجاجرة مدير متحف فلسطين للتاريخ الطبيعي والمحاضر في جامعة بيت لحم، والبروفيسور مازن قمصية مدير عام ومؤسس معهد فلسطين للتنوع الحيوي والاستدامة ومتحف فلسطين للتاريخ الطبيعي في جامعة بيت لحم، وله عدة مؤلفات ومقالات بحثية آخرها كتاب “مشاركة أرض كنعان تحت الاحتلال الإسرائيلي واحتمالية البقاء في المنطقة”.

في بداية الحلقة أثنت Rachael  على الجهد المبذول من طرفهم واستمراريتهم في إجراء الدراسات والبحوث على الحشرات، وخاصة الخنافس في الضفة الغربية  رغم الهجمات الإسرائيلية المتكررة والتي تتعرض لها غزة والقدس.

وتعد فلسطين منطقة غنية بالأحياء، منها الطيور وفصائل متعددة من الخنافس، فيما كشف الأستاذ محمد نجاجرة في دراسة له عن وجود نوع جديد من أنواع الخنافس اسمه “نيفيس هيريم هوفي ” اُكتشف سنة 2019، وهذا النوع موجود في المناطق الفلسطينية، ولم يُكتشف من قبل الإسرائيليين.

ووجهت الإعلامية راشيل سؤالها الأول للبروفيسور مازن قمصية مستفسرة، عن طبيعة الأبحاث التي يعملون عليها حالياً؟

فأجابها مدير المعهد البروفيسور مازن، بأنهم يعملون على عشرة مشاريع، وتركز هذه البحوث على الحفاظ على البيئة والتعليم بالبيئة.

وحول دخولهم مجال الحفاظ على البيئة والبحوث والحياة البرية، قال قومسية: بدأ حبي لهذا المجال منذ طفولتي،عندما كان عمي يأخذني للحقول والمزارع، أي أن هذا ما دفعني للاهتمام بالطبيعة، وتخصيص دراستي الماجستير والدكتوراة في علم الأحياء.

وبدوره ذكر الأستاذ نجاجرة أنه درس أيضا في كلية الزراعة لحبه للطبيعة، وهذا ماجعله يحب العمل في مجال الخنافس، لذلك تطوع للعمل في المتحف في بداياته العملية، وإجراء الدراسات العليا المختصة بها.

وأشارت راشيل في سؤالها، إلى معلومة إطلعت عليها في إحدى المجلات مفادها، عثور ضيوفها في أبحاثهم العملية على 35 نوع من فصائل الخنافس المختلفة، فسألت: هل رأيتم هذه الأنواع من الخنافس في الضفة الغربية مؤخراً، وما هي أكثر الأنواع المنتشرة والمعروفة في فلسطين؟.

قال الأستاذ نجاجرة: نظرا لارتفاع درجات الحرارة وللجفاف المنتشر، شاهدنا مؤخرا بعض الأنواع من الخنافس، ومنها خنفساء ذات السبع نقاط “الدعسوقة”،  والتي تعد من أكثر الأنواع انتشارا لدينا، ويمكن رؤيتها بسهولة من قبل الجميع،أما بالنسبة لاكتشافنا لـ 35 نوعا من الخنافس، فسجلنا وجودها في الضفة الغربية، ولم نتصور أننا سوف نعثر على هذا الكم من الأنواع في دراستنا، خاصة أنه لم تجري أي بحوث مسبقا عن الخنافس في الضفة الغربية، فكان هذا هو بحثنا الأول من نوعه.

وعما قرأته الإعلامية راشيل في الدراسة من أن هناك نوعا من الخنافس لم يعد موجودا، واكتشفوا أنه ما يزال موجودا.

ذكر الأستاذ نجاجرة: أن الإسرائيليين أقاموا عدة دراسات في مناطقهم دون مناطق السلطة الفلسطينية على هذا النوع تحديدا ولم يتمكنوا من إيجادها، ولكن من خلال دراستنا وجدناها.

وسألت راشيل عن الحياة البرية في غزة، بأن قالت عندما كنت أحضر للحلقة وأعد لها لم أجد وفرة في الدراسات البحثية عن الحياة البرية في غزة، لكنني قرأت دراسة أجراها أحدهم عن الطيور المدينة، وهذا إن دل فيدل عن ندرة هذه الدراسات حولها ..كما قرأت أن الفلسطينيين ليس لديهم المدخل ليتواجدوا في المحميات الطبيعية في مناطقهم بسبب الاحتلال الإسرائيلي، ما تعليقكم على هذين الأمرين؟

علق الباحث البيولوجي مازن قمصية قائلا: لا يزال المشوار أمامنا طويلا، ونحتاج لدراسات أكثر وجهد أكبر عن الحياة البرية هنا، فلدينا نظام احتلالي استيطاني ومستوطنين يدمرون كل شيء حي سواء كانوا بشرا أو طبيعة، ونحن نعاني من هذه الأنظمة الاستيطانية، ففي السابق قتل الأوربيون 2 مليون رأس من الثيران في جنوب إفريقيا، وهنا قاد الصهاينة حربا ضد السكان الأصليين وضد الطبيعة.

وتابع قمصية: فما يهمهم هو القضاء على الشعب الفلسطيني ومنع استمرارية الحياة لنا هنا.

وعن سؤال راشيل عن عدم قدرة السلطة الفلسطينية على حماية المحميات الطبيعية والبرية الموجودة في فلسطين بسبب المستوطنين، قال قمصية للأسف إن أغلب المناطق المفتوحة تقع تحت سيطرة إسرائيل، ولكي تمنع تمدد وانتشار الفلسطينيين، قامت ببناء الجدران وإقامة الحواجز لمنعنا من عمل أي شي للطبيعة، وبالتالي محاصرتنا والضغط علينا.

وعن تشبيه قمصية في أحد مقالاته، بأن ما تتعرض له المناطق الطبيعية في فلسطين بالنكبة..سألت راشيل البروفيسور قمصية:لماذا اعتبرتها بهذا السوء؟

فأجاب: سأعطيك بعض الأمثلة اختصارا للوقت، في بداية تأسيس دولة الصهاينة واحتلالهم لفلسطين، قاموا بتهجير السكان من منطقة في الشمال اسمها “دحولة”، وجففوا المناطق هناك التي اعتبروها إحدى إنجازاتهم، وهي مناطق غنية بالمياه، وسَبَّبَ تجفيفهم لها بتدمير 119 نوعا من الأحياء، كما جرى تحويل مياه سهل الأردن نحو الغرب، وعُرف حينها بأكبر مشروع نقل مياه إلى إسرائيل،وكانت النتيجة في المحصلة تدمير الحياة الطبيعة من أشجار وحيوانات من خلال تجفيف المنطقة، هذا وتسببت المصانع بتلويث البيئة، بالإضافة إلى تدمير العديد من أشجار الحقول وأشجار البرية المحيطة بالقرى والمدن الفلسطينية، أي أنها فعلا نكبة بيئية.

ويضيف قمصية هذا ويجب أن لا ننسى أن هناك مشروع لنقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت، بالإضافة إلى المصانع التي بُنيت بالقرب من المناطق الزراعية والبرية، التي انعكست بشكل كبير على التلوث، مع استمرارهم في تدمير الأشجار المزروعة كالزيتون واللوز وغيرها، وبإمكاني إعطائك أمثلة على الأشياء التي قاموا بتدميرها.

وحول ما ذكرته عدة تقارير أن هناك ما يقارب 91% من المياه تذهب إلى المستوطنات الإسرائيلية من مناطق السلطة الفلسطينية، سألت راشيل عن رأي البروفيسور قمصية في هذا الأمر؟

فأجابها: نعم هذا صحيح، فإسرائيل سرقت مياهنا، ومنعت الفلسطينيين من استخدام مصادرهم الطبيعية للمياه، وضيقت عليهم بهدف تحويل هذه الدولة من دولة متعددة الثقافات والأعراق والديانات إلى دولة لليهود فقط، وبالأرقام فالفلسطيني يحصل على كمية مياه أقل من الإسرائيلي، إذ أنهم يسعون من خلال هذا التضييق إلى تجاهل حقوقهم وتدمير الاقتصاد الفلسطيني وحياتهم، وبالتالي المغادرة، فالمواطن الإسرائيلي يحصل على أضعاف مضاعفة من المياه مقارنة بالفلسطيني.

وعن الجدار العازل تساءلت الناشطة البريطانية راشيل: جاء في مقال أنه يعيق ويتداخل في المناطق الطبيعية، هل هذا صحيح؟

اعتبر قمصية في إطار إجابته أن الجدار هو جدار فصل عنصري، ويتموج من خلال الضفة الغربية، وليس كما تدعي إسرائيل المخادعة أنها أقامته بهدف الحماية، فالإسرائيليين والفلسطينيين موجودين على طرفي الجدار، والهدف الرئيسي لإنشائه كبح التطور الاقتصادي الفلسطيني، ومنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم واستغلال مصادرهم الطبيعية، ومصادرة الحقول، وللعلم هذا الجدار أطول مرتان أو ثلاث كارتفاع من جدار برلين،وأطول خمس مرات كامتداد، كما أن له تأثير نفسي سلبي على الفلسطينيين، وأيضا له تأثير بشكل مباشر وكبير على البيئة حيث أن الغزلان والحيوانات البرية تجد صعوبة ومعاناة في التنقل في المناطق البرية.

وقياسا على استخدام المبيدات الحشرية وتسببها في تدهور البيئة في بريطانيا، بشكل كبير في المزارع، وللحفاظ على الحدائق العامة..سألت راشيل: هل لديكم ظاهرة شبيهة بها في فلسطين؟.

قال مدير المتحف الفلسطيني للتاريخ الطبيعي: بشكل عام المزارعون يلجئون للطرق السهلة للتخلص من الحشرات والآفات الزراعية التي تهاجم النباتات أو الزراعة من أجل الحصول على محاصيل بكميات أكبر، للاستفادة والحصول على ربح أكبر، ولأن أغلب أفراد العائلة الواحدة يعملون في نفس المجال الزراعي، ونتيجة لاستخدامهم للمبيدات الحشرية قد يصابون بالسرطان، وبسبب جهلهم في كيفية الاستخدام الصحيح للمبيدات، وجهلهم بدور الخنافس الهام في مهاجمة الحشرات الضارة بالنباتات والتخلص منها، بدءوا الآن يلاحظون التأثير السلبي للمبيدات الحشرية وانعكاسها على المحاصيل.

راشيل: هل تقصد أنه يوجد الآن وعي أكبر لدى المزارعين بالطرق السليمة لاستخدام المبيدات الحشرية؟

قال قمصية: دورنا يكمن في رفع مستوى الوعي لطرق استخدام المبيدات الحشرية السليمة، للتقليل من ضررها على البيئة والمحاصيل، وتوعية الجميع بأهمية العودة للمنتجات الطبيعية غير المصنعة والغنية بالقيمة الغذائية التي كانت تنتج أيام الأجداد، وتحقيق نوع من التناسق مع الطبيعة والتقليل من الأضرار التي سببتها الحداثة.

راشيل: تعقيبا على كلامك، أعتقد أنه الآن يوجد وعي أكبر بين المزارعين الفلسطينيين،وفي سؤال آخر هل لدى السلطة الفلسطينية أية تشريعات أو سياسات تتعلق بالحياة البرية أو الطبيعة، وهل استطاعت أن تتخذ أي خطوات بهذا الصدد؟

أوضح قمصية، كما تعرفين أن مناطق السلطة الفلسطينية مناطق محتلة، وكان من المفترض أن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة، وعلى هذا الافتراض بدأت السلطة بأن تتعامل كسلطة قائمة مستقلة، حيث وضعت الخطط لاستغلال المصادر الطبيعية والاستراتيجيات المتنوعة للحياة البرية والبيولوجية والاستدامة، وفي عام 1999 بدأت المحاولات لتطبيق هذه الخطط والاستراتيجيات بعد 4 إلى 5 سنوات من تأسيس مناطق السلطة الذاتية، حيث وضعت قانونا للبيئة الفلسطينية وإدارتها بأشكالها المختلفة في الظروف الصعبة وبدأت بالخطوات الفعلية والعملية.

وخصت راشيل البروفيسور قمصية بسؤال كونه سبق أن قال إنهم في المستوطنات استبدلوا زراعة الشجر المحلي بزراعة أشجار أوروبية لا تتناسب مع البيئة المحلية، وهذا كله لن يكون له انعكاسات جيدة على الناس والبيئة في المنطقة!

فأجاب: السلطة كلفت معهد البيئة المتنوعة والاستدامة بمتابعة ومراقبة تفعيل هذه الخطط والاستراتيجيات، وإعادة التقييم والتفعيل وتكلمنا سابقا عن مشكلتنا بعدم السيطرة على أراضينا، وأننا نعمل بقدر المستطاع في الظروف الصعبة التي تواجهنا .

وعودة لموضوع الخنافس قالت راشيل: تعتبر الخنافس في بريطانيا علامة أو رمز من رموز جلب الحظ ويستعملونها في أماكن معينة وكشعار في بعض المنتجات كمنتجات الموضة، لاعتقادهم بأنها تجلب الحظ، السؤال: كيف يُنظر للخنافس في الثقافة الفلسطينية أو في الأغاني الفلسطينية؟

أجاب نجاجرة: أخبرتك سابقاً عن الخنفساء ذات النقاط السبع، المعروفة لدى الجميع، فعندما كنا صغارا كنا نمسك بها ونضعها على أصبعنا ونبدأ بالغناء لها “طيري طيري”، فالأطفال هنا يحبون رؤية الخنفساء وهي تطير من أيديهم.

راشيل: هذا شبيه بالثقافة البريطانية، فنحن أيضاً نضع الخنفساء على إصبعنا ونطلب منها أن تطير وتعود لمنزلها ..

هنا أضاف قمصية أذكر بأن هذه الأرض مرتبطة منذ القدم بثقافة الزراعة والتطور الزراعي، وأن الإنسان مرتبط بشكل كبير بالبيئة والطبيعة المحيطة به، وعندما يقصف نتنياهو غزة يتعمد إلحاق الضرر بأكبر قدر من الأراضي الزراعية، لمعرفته بارتباط المواطن الفلسطيني الكبير بها وبالزراعة كونها موروث ثقافي.

وعما قرأتهُ راشيل من أن كثيرا من أشجار الزيتون والتين واللوز تنمو بشكل طبيعي دون تدخل الإنسان، أي أنها أراض غنية بالأشجار المثمرة من هذا النوع، سألت : مادور متحف الحياة البيولوجية المتنوعة والاستدامة بتوعية المواطنين، وهل تضعون في مخططكم الذهاب للمدارس؟

أجاب البروفيسور قمصية: نعم، فالطواقم المتخصصة بالتوعية كانت تذهب قبل فترة انتشار وباء كورونا إلى المدارس، أم بعد انتشار الوباء وإغلاق المدارس، قمنا بخلق بيئة مشابهة في المتحف لتنمية العقول، كأن يخلق الشخص حديقة أو مكان للزراعة في منزله، وبشكل عام مازلنا نقيم ورش عمل متخصصة لتدريب الطلبة على تحضير القوالب الزراعية، فبالتدريب العملي يكون الاستيعاب أفضل، كذلك قمنا باستقبال الأطفال في ورش العمل لمساعدتهم على التخلص من كافة الضغوط النفسية التي تعرضوا ومازالوا يتعرضون لها.

وأكدت راشيل على نفس النقطة، نعم ..هذا صحيح ففي بريطانيا في فترة الحظر بسبب كورونا، سُمح لنا بالتنزه في الريف فقط من أجل التخفيف من الضغط النفسي الحاصل نتيجة ضغوط الحياة .

سؤالي لكم كيف يمكن للأشخاص المقيمين خارج فلسطين تقديم الدعم لكم ومساعدتكم؟

الباحث قمصية: بالنسبة للمتطوعين بإمكانهم أن ينضموا لنا وأن يتطوعوا شخصيا، كما يمكنهم التبرع بالمال، فنحن جهة موثقة ومعترف بها ودافعة للضرائب، كما بإمكان ذوي الخبرة تقديم النصح التقني والإرشاد، والدعم عن طريق الميديا سواء كان من جهات علمية أو غير علمية وهناك طرق متعددة لذلك، وبإمكانكم زيارة موقعنا الإلكتروني كما أن لدينا صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي.

https://www.facebook.com/PIBS.PMNH

https://www.palestinenature.org/ar/

راشيل: هل لديكم شيء أخير تودّون إضافته في نهاية الحلقة؟

البروفيسور قمصية: في النهاية أريد أن أقول بأننا لا بد أن نتشارك ونتعاون في نضالنا من أجل المحافظة على البيئة أو الطبيعة، فكلها متصلة ببعضها على مستوى الكرة الأرضية والمناطق الطبيعية، والعمل في الزراعة به متعة كبيرة لمن يزرع لأنه يشبه العلاج لما نعيشه في محيطنا في هذا العالم المجنون، فأنا اعتبره علاج فعال للتخلص من الهموم والنكبة، وهي نوع من السلوك التحرري ضد الاستيطان والدمار وما أسميته بالنكبة.

وتوجهت راشيل إلى نجاجرة إن كان يريد أن يضيف شيئا؟

فقال أود شكرك لاهتمامك بموضوع الخنافس في فلسطين .

وأنهت الإعلامية راشيل حلقة نقاشها بالامتنان لقبول الأساتذة دعوتها لعمل اللقاء وإتاحة الفرصة للتعرف على البيئة في فلسطين، مع تمنياتها بتحسن الوضع في تلك الديار.

https://hiddenwingsandbloodlust.podbean.com/e/episode-36-ladybirds-in-palestine-with-mohammad-najajrah-and-mazin-qumsiyeh/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى