آخر الأخبارأخبار عالمية

قانون القضاة بإسرائيل.. مخاوف من «الوصاية» أم شبح أزمة دستورية؟

خطت الحكومة الإسرائيلية خطوة مهمة، نحو فرض هيمنتها على اختيار القضاة بالمحاكم الإسرائيلية، ما بات ينذر بأزمة دستورية.

وأيد القانون 67 عضو كنيست، فيما عارضه عضو كنيست واحد بعد مقاطعة المعارضة للتصويت احتجاجا.

وتشتكي الحكومة من أنه بإمكان المحكمة العليا أن تلغي قوانين يقرها الكنيست وقرارات تتخذها الحكومة، لذلك تقدمت بالقانون هذا.

وكان آخر قرارات الحكومة التي أوقفتها المحكمة العليا هو قرار إقالة رئيس جهاز الأمن العام “الشاباك” رونين بار، رغم إصرار الحكومة على تنفيذ القرار في 10 ابريل/نيسان المقبل.

أزمة دستورية؟

وقد يكون من شأن هذا القانون إحداث أزمة دستورية في إسرائيل سيما إذا عارضته المحكمة العليا، باعتبار أن من شأنه أن يمس بصلاحياتها وقدرتها على اتخاذ القرارات ضد القوانين التي يقرها الكنيست والحكومة.

وحذر حزب “هناك مستقبل” المعارض من أن القانون يسيس القضاء “وسوف يختار السياسيون القضاة على أساس الأيديولوجية والولاء، وليس على أساس الاحتراف، الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار أحد آخر المكابح للديمقراطية في إسرائيل”.

وتعدت أحزاب المعارضة الإسرائيلية بإلغاء القانون حال فوزها في الانتخابات القادمة التي ستجري نهاية العام المقبل ما لم تجرى انتخابات مبكرة.

ما الذي يتضمنه القانون؟

وقال الكنيست في بيان “يقضي القانون بإجراء تعديلات تتعلق بلجنة انتخاب القضاة”.

وأضاف: “ومن بين الأمور يقضي بتغيير تركيبة لجنة انتخاب القضاة بحيث ستتكون من تسعة أعضاء على النحو التالي: رئيس المحكمة العليا، قاضيان إضافيان للمحكمة العليا، وزير القضاء ووزير آخر، عضو كنيست عن الائتلاف، عضو كنيست عن المعارضة، وممثلان اثنان عن الجمهور، حيث سيتم تعيين أحدهما من قبل كتل الائتلاف والآخر من قبل كتل المعارضة”.

وفي الماضي، كانت اللجنة تضم ممثلين عن لجنة المحامين، لكنّ الحكومة شطبت في مشروع القانون الذي قدمته هذا التمثيل.

وتابع الكنيست: “كما يقضي الاقتراح بتغيير قواعد اتخاذ القرارات في اللجنة: سيتم اتخاذ قرارات اللجنة بأغلبية خمسة أعضاء، فيما سيكون قرار الانتخاب مشروطا بالحصول على حد أدنى من تأييد قاض واحد، وممثل واحد من بين الأعضاء الذين يختارهم الائتلاف، وممثل واحد من بين الأعضاء الذين تختارهم المعارضة”

وفي الماضي كانت القرارات تتخذ بأغلبية 7 أعضاء. وتضمن الحكومة تمرير قراراتها إذ إن لديها أكثر من 5 أعضاء في اللجنة.

وأشار القانون إلى أنه “لغرض انتخاب قاضٍ للمحكمة العليا، يكفي الحصول على تأييد ممثل الائتلاف وممثل المعارضةـ وليس من الواجب أن يدعم التعيين أحد القضاة الأعضاء في اللجنة”.

وينص القانون على انه “في حال انتهت ولاية قاضيين اثنين للمحكمة العليا ولم يكن بمقدور اللجنة تعيين قضاة، فإن وزير القضاء من حقه تفعيل آلية “طريق مسدود”، والتي يمكن تفعيلها مرة واحدة في كل دورة برلمانية للكنيست”.

ويتسوق هذا البند مع مطلب وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين عدم تعيين قضاة جدد إلى ما بعد الانتخابات القادمة.

وحاليا فإن هناك 11 قاضيا في المحكمة العليا من أصل أعضاء المحكمة البالغ 15 قاضيا.

وأشار الكنيست إلى أنه “ستسمح الآلية لممثلي الائتلاف في اللجنة باقتراح ثلاثة مرشحين نيابة عنهم وتلزم الأعضاء الآخرين باختيار مرشح من بينهم، وتعطي خيارا موازيا لممثلي المعارضة”.

وبموجب الاقتراح سيدخل تعديل قانون الأساس حيز التنفيذ مع بداية ولاية الكنيست السادسة والعشرين أي بعد الانتخابات القادمة المققة نهاية العام 2026 ما لم تجرى انتخابات مبكرة.

هذا ما تطمح له الحكومة من خلال قوانينها

والقانون هو جزء من قوانين الإصلاح القضائي التي طرحتها الحكومة مطلع العام 2023 وثارت عليها قطاعات واسعة من المواطنين الإسرائيليين.

وقد أكد وزير القضاء الإسرائيلي على مسعى الحكومة للحد من سلطات المحكمة العليا بما في ذلك من خلال القانون الجديد.

وقال ليفين: “قامت المحكمة العليا، في عملية مستمرة منذ عدة عقود بتسارع مستمر، بإلغاء الكنيست فعليًا. لقد أخذت على عاتقها سلطة إلغاء القوانين، وأخذت على عاتقها سلطة إلغاء قوانين الأساس وهو أمر لا يمكن تصوره في أي ديمقراطية حول العالم”.

وأضاف: “مع ذلك لم تكتف محكمتنا العليا بالدوس على الكنيست فحسب، بل وضعت نفسها فوق الحكومة. بإمكانها إلغاء أي خطوة تتخذها الحكومة، وإجبار الحكومة على القيام بأي خطوة، وإلغاء أي تعيين للحكومة، لكن حتى هذا لا يكفي لمحكمتنا، بل إنها تضع نفسها محل الشعب في المسائل المتعلقة بفترة الولاية واستنكاف رئيس الوزراء – وهذا أمر جنوني لم يسبق له مثيل في أي مكان”.

وتابع: “منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أوقفنا كل شيء، لكن ماذا فعلت المحكمة العليا؟ لقد استغلت الوضع وألغت قانون أساس المعقولية، قبل إحالة بعض القاضيات إلى التقاعد. قاموا باتخاذ خطوات ونحن صمدنا أمام ذلك. وفي خضم الحرب استولوا على اللجنة وصادروا صلاحياتها، وأجبروا على انتخاب رئيس للمحكمة العليا. وكل ذلك في خضم الحرب”.

وأردف ليفين: “من النفاق والتحيز القول إنه للكنيست محظور وللمحكمة مسموح في خضم الحرب. أنا أقف هنا اليوم باسمكم بعد عقود من عدم إسماع صوتكم والدوس على تصويتكم بصناديق الاقتراع. نحن نفتح صفحة جديدة. لقد مضت أيام مر الكرام وأيام الإسكات إلى غير رجعة. وأنا فخور بالوقوف هنا والمطالبة بالعدالة، وأنا فخور أكثر بإحقاق العدالة”.

ماذا قالت المعارضة؟

على الفور، تقدم حزب “هناك مستقبل” الذي يقوده زعيم المعارضة يائير لابيد بالتماس إلى المحكمة العليا ضد القانون الجديد.

وقال الحزب : “تقدم حزب “هناك” بالتماس إلى محكمة العدل العليا ضد تعديل القانون المتعلق بتشكيل لجنة اختيار القضاة”.

وأضاف: “جاء في الالتماس الذي قدمه عضوا الكنيست كارين إلهرار ويواف سيجلوفيتش، أن التعديل الجديد من شأنه أن يخلق تسييساً للجهاز القضائي. وسوف يختار السياسيون القضاة على أساس الإيديولوجية والولاء، وليس على أساس الاحتراف، الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار أحد آخر المكابح للديمقراطية في إسرائيل”.

وجاء في بيان مشترك صدر عن رئيس حزب “معسكر الدولة” بيني غانتس، ورئيس حزب” إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، ورئيس الحزب “الديمقراطيون” يائير جولان: في الحكومة القادمة، سنحرص على إلغاء قانون تغيير لجنة اختيار القضاة.

وأضاف البيان: “وافقت الحكومة الإسرائيلية مؤخرا على قانون يهدف إلى ضمان خضوع القضاة لإرادة السياسيين”.

وتابع: “يأتي هذا في الوقت الذي لا يزال فيه 59 مختطفاً محتجزين في غزة. وبدلاً من تركيز كل الجهود على عودتهم ورأب الصدع في البلاد، تعود هذه الحكومة إلى ذات التشريع الذي قسم الجمهور قبل انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2023”.

وأردف: “في الحكومة القادمة سنعمل على إلغاء قانون تغيير لجنة اختيار القضاة، وسنعيد اختيار القضاة إلى لجنة لائقة ومهنية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى