قتل زعيمة سياسية يعمق شعور أكراد سوريا بخيانة أمريكا لهم
أمضت السياسية هفرين خلف الأشهر الأخيرة من حياتها في تأسيس حزب سياسي كانت تأمل أن يساعد في تشكيل مستقبل سوريا مما لفت انتباه مسؤولين أمريكيين قالوا إنه سيكون له دور فيما سيحدث فور انتهاء الحرب الدائرة في البلاد.
وبالنسبة لزملائها في حزب سوريا المستقبل وللأكراد في شمال شرق سوريا بشكل عام، أصبح مقتلها رمزًا على خيانة الولايات المتحدة لهم.
وطمأنها مسؤولون من وزارة الخارجية الأمريكية خلال اجتماع في الثالث من أكتوبر تشرين الأول بأن واشنطن ستحمي شمال سوريا من تهديد شن تركيا هجومًا عليه من خلال التوسط بين القوات التي يقودها الأكراد وأنقرة وذلك حسبما قال زميل لها كان حاضرًا الاجتماع.
وبعد أيام من الاجتماع أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من المنطقة مما تركها عرضة لهجوم تركي .
وقال مقاتلون أكراد في شمال شرق سوريا، كانوا حلفاء رئيسيين في قتال الولايات المتحدة لتنظيم داعش إن مقاتلين من المعارضة السورية المتحالفة مع تركيا قتلوا خلف (34 عامًا).
وقالت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد ومسؤولون من حزب سوريا المستقبل إن هفرين خلف قتلت يوم 12 أكتوبر/ تشرين الأول مع سائق وأحد المساعدين عندما أوقف مقاتلون مدعومون من تركيا سيارتهم على طريق سريع في شمال سوريا.
ونفي متحدث باسم قوات الجيش الوطني السوري، وهو فصيل معارض مدعوم من تركيا، في ذلك الوقت قتلها قائلًا إن القوات لم تتقدم إلى هذا العمق ولم تصل إلى هذا الطريق السريع.
وقال المتحدث يوسف حمود الأسبوع الماضي إن تحقيقًا فتح بشأن الواقعة ضمن ”تجاوزات“ أخرى.
وقال معاذ عبد الكريم الزعيم بحزب سوريا المستقبل: ”(لم تكن لتتجرأ تلك) الفصائل أو هذه الخلايا النائمة، طبعًا بتوجيهات تركيا، على القيام بعملها وتنشيط دورها في تلك المنطقة لو لم تقرر أمريكا الانسحاب“.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تدرس تقارير عن مقتل خلف أثناء تواجدها على ما يبدو في قبضة قوات مدعومة من تركيا ووصفت تلك التقارير بأنها ”مزعجة للغاية“.
وأفاد تقرير الطب الشرعي الذي نشرته قوات سوريا الديمقراطية إن جثمان خلف كان مليئا بطلقات الرصاص.
تطمينات أمريكية
زار ممثلون عن وزارة الخارجية الأمريكية مقر حزب سوريا المستقبل يوم الثالث من أكتوبر تشرين الأول في مدينة الرقة السورية وأبلغوا خلف ورئيس الحزب إبراهيم القفطان إن الجهود الأمريكية في المنطقة تهدف إلى الوساطة.
ويقول زعماء الحزب، منذ تأسيسه في عام 2018، إن المسؤولين الأمريكيين أبدوا دعمهم. ويهدف الحزب إلى اجتذاب الأعضاء من مختلف الأعراق في المنطقة التي يقول منتقدون إن نفوذ قوات حماية الشعب الكردية زاد فيها.
وقال القفطان لرويترز في إجابات خطية على أسئلة ”الحزب كان يعمل عليه من قبل فريق مؤمن بديمقراطية سورية ولم تكن هي من طرح علينا تشكيل الحزب وإنما هي فكرة سورية ولأبناء سوريا وليست فكرة أمريكية لكن أكرر كانوا محبذين لهذه الفكرة“.
وانسحبت القوات الأمريكية من قطاع من الحدود يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وبعد ذلك مباشرة بدأت القوات التركية ثالث توغل لها داخل شمال سوريا منذ عام 2016.
وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية منظمة إرهابية بسبب صلاتها مع متمردين أكراد في داخل تركيا.
وقالت كذلك إن عملياتها في سوريا تهدف إلى إقامة منطقة عازلة تنقل فيها نحو 3.6 مليون لاجئ فروا من الحرب الدائرة في سوريا إلى تركيا.
منخرطة بعمق
كانت هفرين خلف المهندسة المدنية منخرطة بعمق في سياسات شمال شرق سوريا منذ الأيام الأولى للحرب التي بدأت قبل ثماني سنوات.
وبعد أن تركت عملها كموظفة حكومية ساعدت في تشكيل إدارة يقودها الأكراد سيمتد نفوذها بعد ذلك إلى نحو ثلث مساحة سوريا بما في ذلك مناطق يهيمن عليها العرب.
وفي عام 2018 انتخبت خلف أمينًا عامًا لحزب سوريا المستقبل الذي انطلق من الرقة وهي مدينة تقطنها أغلبية عربية حيث هزمت قوات سوريا الديمقراطية تنظيم داعش بدعم أمريكي في عام 2017.
وانتخب القفطان، وهو مهندس عربي من منبج، رئيسًا للحزب وقال إن مسؤولين أمريكيين وفرنسيين حضروا المراسم.
وتنتهج الولايات المتحدة منذ فترة طويلة سياسة حذرة تجاه شمال سوريا حتى أثناء دعمها العسكري لقوات سوريا الديمقراطية في قتال تنظيم داعش.
فقد عارضت واشنطن ظهور منطقة كردية متمتعة بالحكم الذاتي وظلت الجماعات الكردية الرئيسية بعيدة عن العملية السياسية التي رعتها الأمم المتحدة في سوريا رغم نفوذها الكبير على الأرض.
لكن القفطان يقول إن مسؤولين أمريكيين منهم المبعوث جيمس جيفري أبلغ أعضاء في الحزب أنه سيكون له دور في المحادثات الدولية بشأن مستقبل سوريا.
وقال المسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة تريد حلًا سياسيًا للصراع الدائر في سوريا يشمل ”تمثيلًا كاملًا لجميع السوريين.
وأضاف: ”المسؤولون الأمريكيون، ومنهم السفير جيفري، أوضحوا أن ذلك يشمل سكان شمال شرق سوريا وتدخلوا مرارًا مع الأمم المتحدة من أجل تحقيق ذلك“.
وأصبح مصير الأكراد في شمال سوريا أكثر غموضًا الآن مما كان عليه على مدى سنوات. فاتفقت قوات سوريا الديمقراطية، بعد أن رُفعت عنها الحماية الأمريكية، مع الحكومة السورية على نشر قواتها في المنطقة التي تسيطر عليها.
وقالت قوات سوريا الديمقراطية إن الولايات المتحدة طعنتها في الظهر.
ويقول القفطان إنه خلف كانت تؤمن دومًا بأن حل الأزمة السورية يجب أن يأتي عبر الحوار مع جميع الأطراف المعنية بما في ذلك الحكومة السورية وتركيا.
وأضاف: ”هفرين لم تكن تنام أكثر من خمس أو أربع ساعات في اليوم لكنها كانت تقول دائما سوريا تستحق منا الكثير وكذلك الشعب الذي عانى تسع سنوات من الحرب علينا أن نسعى إلى أن نأمن له مستقبل حقيقي آمن“.