للمرة الأولى في تاريخه السياسي.. نتنياهو يغير استراتيجيته تجاه العرب “الذين يكرههم” لكسب أصواتهم الانتخابية
وكالة الأنباء الفرنسية أوضحت، الأربعاء 20 يناير/كانون الثاني 2021، أنه خلال الحملات الانتخابية الثلاث الأخيرة لم يتردّد نتنياهو في وصم العرب بعبارات اعتبروها “عنصرية ” و”تحريضية” ضدهم، مُطلِقاً عليهم صفة داعمي “الإرهابيين”، ما دفع العرب إلى التصويت بكثافة والوصول إلى الكنيست بكتلة من 15 نائباً، كي يشكلوا كتلة وازنة ومؤثرة ضد نتنياهو.
تغير خطاب نتنياهو تجاه عرب إسرائيل
لكن قبل أيام، فاجأ نتنياهو سكان مدينتي أم الفحم والطيبة في وسط البلاد، حيث توجد أعداد كبيرة من العرب، بزيارة تفقد خلالها العيادات التي تجري فيها حملات تلقيح ضد فيروس كورونا المستجد.
ثم زار الخميس الماضي الناصرة، كبرى المدن العربية، حيث “اعتذر” عن تصريحاته السابقة تجاه العرب الذين يمثلون نحو 20% من سكان إسرائيل.
قال بالعربية: “السلام عليكم”. ثم أضاف: “أعتقد أن عرب إسرائيل يجب أن يكونوا جزءاً كاملاً يتساوى مع المجتمع الإسرائيلي”.
كما وعد “بالقضاء على الجريمة في المجتمع العربي مثلما تم القضاء عليها في المجتمع اليهودي”. وتحدث عن “زيادة الميزانيات” للمجالس البلدية والمحلية للعرب. ورحّب به رئيس بلدية الناصرة علي سلام وأعلن دعمه له ولحزب الليكود.
كما كتبت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الخميس: “لا شك أننا رأينا زعيم الليكود في الأسابيع الماضية مختلفاً، وتراجع فجأة. فبدلاً من التحريض والكذب على الجمهور العربي، تبنى استراتيجية احتواء واحتضان”.
كما اعتبرت أن “الغرض المباشر من هذه الاستراتيجية” وقف لعب “دور المحرض”، مشيرةً إلى أن التحريض دفع العرب إلى الخروج بأعداد كبيرة للتصويت.
بعد أن كان يتهمهم بـ”الإرهاب”
فقد دأب نتنياهو في انتخابات 2015 و2019 على تخيير ناخبيه بين “بيبي (اللقب الذي يعطيه الإسرائيليون لنتنياهو) أو طيبي” (رئيس كتلة القائمة العربية المشتركة في الكنيست أحمد الطيبي)، متهماً منافسه الرئيسي بيني غانتس الذي حظي بدعم بين العرب، بأنه “يتحالف مع داعمي الإرهاب”.
حصدت القائمة المشتركة في الانتخابات الأخيرة في آذار/مارس 87,2% من أصوات الناخبين العرب الذين شاركوا في الاقتراع بنسبة 64,8%. ورفعت شعار “إسقاط نتنياهو”.
إذ لم يتمكن حزب الليكود، ولا تحالف “أزرق أبيض” الذي يرأسه غانتس من الحصول على أكثرية واضحة في الانتخابات الثلاث الأخيرة. وشكل نتنياهو وغانتس حكومة ائتلاف برئاسة نتنياهو لم تصمد حتى لسنة، وساهمت في إضعاف فريق غانتس الذي تشتت.
شرّعت إسرائيل خلال حكم زعيم حزب الليكود “قانون القومية” الذي يحدد إسرائيل على أنها دولة يهودية، وحق تقرير المصير فيها حصري للشعب اليهودي، وألغى اللغة العربية كلغة رسمية كان ينص عليها القانون الأساسي في إسرائيل. كما أقرت قانون “كيمنتس” لتسريع هدم بيوت العرب غير المرخصة.
كيف يفسر العرب ذلك؟
يقول مدير مركز “مساواة” جعفر فرح: “التحريض على العرب بدأ منذ عام 2001 مع رئيس حزب شاس آنذاك إيلي يشاي ولم يساعده التحريض على كسب الأصوات، كما لم يساعد أفيغدور ليبرمان الذي نادى بالترنسفير للعرب، ولم يساعد نتنياهو الذي حصل فقط على ثمانية آلاف صوت من العرب في الانتخابات الاخيرة، بمثابة نصف مقعد”.
يضيف: “أدرك زعيم حزب الليكود أن المستفيد من التحريض على العرب هي أحزاب المستوطنات برئاسة بتسلئيل سموتريتش ونفتالي بينيت”.
حسب استطلاع للرأي نشرته صحيفة “معاريف” الإسرائيلية الجمعة، “بإمكان معسكر اليمين بقيادة نتنياهو الحصول على 60 مقعداً” في الانتخابات المقبلة المحددة في 23 آذار/مارس، مقابل 59 مقعداً في البرلمان الحالي. وبحسب مصادر الليكود، يمكن أن يحصل نتنياهو على مقعدين إضافيين من العرب. ويحتاج الى 61 مقعداً ليتمكن من تشكيل حكومة بمفرده.
محاولة تفكيك “القائمة المشتركة”
يؤكد المحلل السياسي والبروفيسور في جامعة تل أبيب أمل جمال أن زعيم حزب الليكود “يريد أصوات العرب”، لكن زيارته “للمجتمع العربي الآن هي بهدف تفكيك الصوت الأعلى فيه: القائمة المشتركة”.
كما يرى أن تفكيك المشتركة سىيسهّل عليه التعامل مع ملف العرب داخل إسرائيل وملف القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن القائمة المشتركة تطالب طوال الوقت داخل البرلمان “بإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية والتوصل إلى حل” مع الفلسطينيين.
إذ قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بمغازلة رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية منصور عباس، العضو في القائمة المشتركة، والذي امتنعت حركته عن التصويت على إسقاط حكومة نتنياهو في آخر تصويت لحل الكنيست، ما شكّل شرخاً داخل القائمة.
بينما نقلت صحيفة “هارتس” عن عباس بأنه أجرى لقاءات مع مقربين من نتانياهو. وأظهرت استطلاعات رأي أن القائمة المشتركة ستحصل على 11 مقعداً فقط في الانتخابات القادمة.
إحداث بلبلة وإرباك للمواطن العربي بإسرائيل
فيما يرى المحلل السياسي الإسرائيلي المتخصص بالشؤون العربية يوآف شطيرن أن رئيس الوزراء “يريد إحداث بلبة وإرباكاً للمواطن العربي داخل إسرائيل”، ليس بالضرورة عبر كسب أصوات العرب، إنما عبر ثنيهم عن التصويت.
يضيف شطيرن المشارك في كتاب “محليون” حول العرب في اسرائيل: “يعمل نتنياهو على تفكيك وإعادة بناء التفكير السياسي للمواطن العربي بحيث يصبح هذا المواطن لامبالياً.. ويقول (لن أصوّت للأحزاب الصهيونية، وجميع الأحزاب متشابهة)، فيعزف عن التصويت”.
إذ هاجم أحمد الطيبي بقوة تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي في الناصرة. وقال: “إذا أخضعوا نتنياهو لجهاز كشف الكذب (بوليغراف)، فسيحترق الجهاز لعدم قدرته على تحمل كذبه”، واصفاً إياه “بكذاب لا يرف له جفن”.
في تل أبيب وحيفا ورمات غان ومداخل البلدات العربية، رفعت لافتات ردّاً على تحركات نتنياهو الأخيرة تجاه العرب، عليها صورة رئيس الوزراء الإسرائيلي مقلوبة، وكتب عليها “نتنياهو قلب (غيّر موقفه) وصار بدو (يريد) أصوات العرب.. فشر (خسىء)”.