آخر الأخبارتحليلات و آراء

لماذا غزة هي حرب إسرائيل «الأبدية»؟

في إسرائيل، لا يتطلع الكثيرون إلى عام آخر من الحرب في قطاع غزة، ويدعمون صفقة لتحرير الرهائن مقابل إنهاء الصراع.

لكن صناع القرار يعارضون مثل هذه الآمال، ويشمل ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأنصاره، والأهم من ذلك، زعماء اليمين المتطرف.

ولذلك، خلصت مجلة “فورين بوليسي” في تحليل لها، إلى أن الحرب لن تنتهي أبدا، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

فالصراع سيتحول إلى “احتلال عنيف، مصحوبا بالاستيطان وفي نهاية المطاف ضم الأراضي”. هكذا تقول المجلة في تحليلها .

وفي هذا الصدد، لفتت إلى أن أحداثا أكثر دراماتيكية طغت لأشهر على القتال في غزة على جبهات إسرائيل الأخرى، سواء العمليات ضد حزب الله في لبنان، أو الهجمات المتبادلة مع إيران، والانهيار المفاجئ لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا. ومع ذلك، فإن الحرب في غزة مستمرة.

الحجة لإطالة أمد الحرب

وبحسب المجلة الأمريكية، فإن الحجة العسكرية البحتة لمواصلة الحرب تستند إلى حقيقة مفادها أن إسرائيل لم تتمكن بعد من هزيمة حماس، كما تعهدت بعد هجوم الحركة في السابع من أكتوبر 2023.

ويقدر الجيش الإسرائيلي أن حماس لديها نحو 18 ألف مقاتل، نصفهم في وحدات منظمة، وتستمر في تجنيد عناصر أخرى بوتيرة أسرع من وتيرة القضاء عليهم من قِبَل تل أبيب. كما تطلق الحركة بشكل دوري صواريخ على إسرائيل.

ولكن تصميم نتنياهو على مواصلة القتال- وفق المصدر- “لا علاقة له بالمخاوف العسكرية بقدر ما يتعلق بالحسابات السياسية المحلية”.

وفي هذا الصدد، تقول المجلة :”إذا انتهى الصراع بشكل حاسم، فسوف يخاطر نتنياهو بفقدان عباءة الزعيم في زمن الحرب، تماما مثل معبوده ونستون تشرشل، الذي خسر الانتخابات في صيف عام 1945 مع اقتراب الحرب العالمية الثانية من نهايتها”.

وفي أسوأ السيناريوهات، سوف ينسحب شركاء نتنياهو من أقصى اليمين ــ أولئك الذين يدفعون باتجاه حرب أبدية في غزة ــ من ائتلافه، مما يضطره إلى الدعوة إلى انتخابات مبكرة من المرجح أن يخسرها، وفقا لاستطلاعات الرأي.

وحتى لو نجح نتنياهو في تجنب إجراء انتخابات مبكرة، فإن إنهاء الحرب من شأنه أن يفرض ضغوطا عليه لتشكيل لجنة تحقيق حكومية في كارثة السابع من أكتوبر، والتي من شأنها أن تحمله المسؤولية جزئيا على الأقل.

وقد بذل رئيس الوزراء الإسرائيلي كل ما في وسعه لتجنب مثل هذا التحقيق، على الرغم من أن اللجان الحكومية هي القاعدة في إسرائيل ــ بما في ذلك في أعقاب حالات أقل خطورة من فشل الحكومة.

واعتبرت “فورين بوليسي” أن مخاوف نتنياهو من أن اليمين المتطرف قد يسقط حكومته إذا أنهى الحرب “مبالَغ فيها على الأرجح”. ذلك أن الانتخابات المبكرة “لن تفيد بالضرورة الحزبين اليمينيين المتطرفين”.

فوفقا لاستطلاعات الرأي فإن أحدهما، حزب الصهيونية الدينية، بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، لن يحصل على الأصوات الكافية لدخول الكنيست القادم.

أما الحزب الآخر، “عوتسما يهوديت” أو “العظمة اليهودية”، بقيادة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، فقد يحصل على ما يصل إلى ثمانية مقاعد في الكنيست المكون من 120 مقعدا، مقارنة بستة مقاعد حاليا.

ولكن هذا لن يفيد نتنياهو كثيرا إذا ما تم التصويت على خروج اليمين من السلطة. ومع ذلك فإن خوف نتنياهو من هروبهم يمنعه حتى من التلميح إلى إنهاء القتال.

أبعد من ذلك.. الضفة الغربية

في المقابل، فإن ما هو أكثر أهمية من ذلك هو اعتقاد اليمين المتطرف، كما عبّرت عنه النائبة الإسرائيلية أوريت ستروك، بأن حكومة نتنياهو تمثل “زمن المعجزات”، وهي فرصة لمرة واحدة للمستوطنين واليمين المتطرف لتحقيق تطلعاتهم بضم الضفة الغربية، وطرد معظم أو كل سكانها الفلسطينيين.

ولفتت المجلة إلى أن الحرب مكّنت المستوطنين الأكثر تطرفا في الضفة الغربية من إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم وشن هجمات عنيفة بينما ينشغل الجيش والرأي العام بالقتال في غزة.

وفوق كل شيء، جعلت الحرب من الممكن إعادة إنشاء المستوطنات الإسرائيلية في غزة.

“البقاء في غزة”

وفي قطاع غزة، اضطرت أغلبية الفلسطينيين إلى النزوح لمخيمات مؤقتة في جنوب القطاع، هربا من القصف الإسرائيلي.

 

وفيما يتعلق بالرغبة في الاستيطان في غزة، فإن ذلك مرتبط بالأيديولوجية، بحسب “فورين بوليسي” التي أشارت إلى أن الحرب توفر فرصة لعكس انسحاب إسرائيل من غزة في عام 2005 وتفكيك المستوطنات هناك.

ففي بعض أجزاء غزة التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية، هناك بالفعل إشارات تشير إلى أن إسرائيل تنوي البقاء إلى أجل غير مسمى.

على سبيل المثال، يقوم الجيش ببناء بنية تحتية دائمة في ممر نتساريم الذي يفصل بين شمال قطاع غزة وجنوبه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى