لماذا يُغضب “الشاي بالحليب” الصين إلى هذه الدرجة؟ قصة “الإيموجي” الذي يجتاح تويتر

ربما تفاجأت بالفعل من العنوان، كيف يمكن أن يغضب الشاي بالحليب الصين للدرجة التي تجعل المتحدّث باسم الخارجية الصينية ينتقد إضافة منصّة تويتر إيموجي “الشاي بالحليب” على المنصّة.

جاءت الإضافة للرمز التعبيري “الإيموجي” من تويتر يوم الخميس 8 أبريل/نيسان 2021، مرفقاً بهاشتاغ #MilkTeaAlliance، وهذا الوسم هو جزءٌ من حملة عالمية على الإنترنت تجمع الناشطين المناهضين للسياسات الصينية في جنوب شرق آسيا.

فما علاقة مشروب الشاي بالحليب بهذه المظاهرات المناهضة للسياسات الصينية؟!

MilkTeaAlliance
اعتذار فاتشيروايت على تويتر

البداية في أبريل الماضي.. صراع على السوشيال ميديا يقود لرمزية الشاي بالحليب.

كانت البداية مع تغريدة للممثل التايلاندي الشهير فاتشيروايت في أبريل 2020 عندما أعاد تغريد صور على تويتر لأربعة أماكن جميلة، وكتب ناشرها أنّها من أربع دولة مختلفة. كانت إحدى الصور الأربع في هذه التغريدة من هونغ كونغ، الإقليم الذي له خصوصيته في الصين، والذي تعتبره الصين جزءاً لا يتجزّأ من أراضيها وتحاول أن تفرض عليه سيطرتها منذ التسعينيات.

انهالت التعليقات المهاجمة للممثل التايلاندي من قبل الصينيين، ليس فقط على تويتر وإنّما على بقية المنصات الاجتماعية الأخرى. وأصبحت إعادة التغريد تلك مدخلاً لمعركةٍ كبيرة بين الصينيين والمؤيدين للسيطرة الصينيّة من ناحية، وبين المناهضين والمعارضين لها، ليس فقط من التايلانديين وإنما من قبل الصينيين ومواطني إقليم هونج كونج.

اعتذر فاتشيروايت في النهاية، فهو لا يريد أن يخسر السوق الصينية. لكنّ جيش الصينيين على وسائل التواصل الاجتماعي لم يفوّت الفرصة ليذهب إلى حسابات صديقته، المؤثرة التايلاندية ويرايا سوكارام، وكانت قد غردت سابقاً متسائلةً: لماذا لا تسمح الصين للأجانب بالتحقيق فيما إذا كان فيروس كورونا قد نشأ في مختبر صيني أم لا؟

وهكذا، تحوّلت إعادة التغريد الأولى إلى معركة على وسائل التواصل الاجتماعي، وبدلاً من المتابعين الطبيعيين الذين هاجموا فاتشيروايت، دخل في المعركة “متصيدو الإنترنت” الصينيون.

بحث المتصيدون في تاريخ تغريدات صديقة فاتشيروايت، فوجدوا لها صورةً على إنستغرام، علّق أحد المتابعين “هكذا تبدو الفتاة الصينية الجميلة”، فردّت عليه “بل الفتاة التايوانية”.

وهكذا بدأت معركة أخرى. إذ بتعليقها هذا تعتبر الفتاة أنّ تايوان ليست جزءاً من الصين. دعا الصينيون والمؤيدون للنفوذ الصيني -على مواقع التواصل الاجتماعي- في المنطقة إلى مقاطعة برامج فاتشيروايت.

الصين
تعليق صديقة فاتشيروايت

التغريدة التي وحّدت الجميع

لم يكن يعلم فاتشيروايت أنّ إعادة التغريد ستكون سبباً في تشكيل رمز للمطالبين بالديمقراطية والمناهضين للنفوذ الصيني في أكثر من مكان.

فقد بدأ ليس فقط معجبو فاتشيروايت بالدفاع عنه وعن حبيبته، بل كذلك بدأ دفاعٌ مضاد من قبل تايلانديين مناهضين للنفوذ الصيني، كما دخل في المعركة أيضاً مواطنون من هونغ كونغ، وهنا انطلق تحالف “الشاي بالحليب”.

أمّا لماذا الشاي بالحليب تحديداً، فهذا هو المشروب الذي تتشاركه العديد من المناطق التي تحاول الصين فرض سيطرتها عليها.

التايوانيون لديهم شاي الفقاعات التايواني بينما في هونغ كونغ لديهم الشاي بالحليب كما أنّ التايلانديين لديهم الشاي المثلّج. كلّ هذه المشروبات لا تشترك الصين معهم فيها، ولهذا فجميع هؤلاء المناهضين للنفوذ الصيني يوحّدهم الشاي بالحليب حتّى لو لم تكن تفاصيل قضاياهم واحدة.

بدأت الحركة في أبريل/نيسان 2020، بينما كانت المظاهرات والاحتجاجات في هونغ كونغ متزايدة، فمنذ 2019 كان إقليم هونغ كونغ محتشدة بالمظاهرات المناهضة لقانون “تسليم المجرمين المشتبه بهم” من هونغ كونغ إلى الصين.

كان إقليم هونغ كونغ تحت السيطرة البريطانية فيما مضى، فقد أجبرت بريطانيا الصين في عام 1898 على توقيع معاهدات استحوذت من خلالها على هونغ كونغ واستأجرتها لمدة 99 عاماً. بمرور هذه الـ99 عاماً كان وجه الصين قد تغيرّ، بل وجه العالم كله، فلم تعُد بريطانيا قادرة بعد الآن على فرضِ أيٍ من رغباتها.

وهكذا، انضمّت هونغ كونغ، المدينة التجارية ذات الأهمية الاقتصادية، إلى الصين عام 1997، ولكن ليس تماماً.

الاتفاق كان يضمن لهونغ كونغ استقلالاً ذاتياً بموجب مبدأ “دولة واحدة ونظامان”، ولكن بعد خروج الإقليم من السيطرة البريطانية إلى الصينية، وتحاول الحكومة المركزية الصينية فرض سيطرتها عليه. وهذا سبب كل المظاهرات القائمة هناك منذ 2019، وهذا أحد أسباب تحوّل الشاي بحليب إلى رمزٍ للديموقراطية والوقوف ضد السيطرة الصينية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى