تحليلات و آراء

شاس ممثل اليهود المغاربة الديني والسياسي  

دراسة: سليم الزريعي

تأسست حركة شاس (اتحاد السفارديم– الشرقيون – حراس التوراة) كتعبير سياسي وديني وكممثل لليهود الشرقيين والمغاربة منهم تحديدا كون اليهود المغاربة هم الأكثر تعدادا ويصل إلى مليون شخص بما بهذا الثقل العددي من دور بين المستجلبين الصهاينة في الكيان المحتل،  في بداية الثمانينيات.

وقد طرحت نفسها كممثل لليهود الشرقيين، وبهذا تكون الحركة قد أعطت لنفسها حق الأقتراب من مركز صنع القرار في إسرائيل، وبناء عليه فقد عملنا على دراسة هذه الحركة من أجل التعرف على تنظيمها وسياستها ونظرتها للقضايا والأمور الداخلية والسياسية.(1) وهي حركة دينية أرثوذكسية يتزعمها رجال دين من أصول شرقية، وتقوم باستعمال مكثف لسياسات الهوية في صفوف اليهود الشرقيين، وتتوزع قواعدها على القواعد الدينية الأرثوذكسية الشرقية، وعلى القواعد الاجتماعية الضعيفة اقتصادياً من اليهود ذوي الأصول الشرقية. وعلى عكس حركة يهدوت هتوراه الأرثوذكسية الأشكنازية، فإن قواعدها الاجتماعية غير ثابتة، فهي تتنافس مع حزب الليكود في شأن القواعد الاجتماعية الشرقية الضعيفة، وتحاول مواجهة الليكود من خلال استعمال سياسات الهوية لتعزيز الهوية الشرقية لدى اليهود الشرقيين أمامه.(2)

وكلمة (شاس) هي اختصار للعبارة العبرية التي ترجمتها(حراس التوراة السفارديم) ، تأسس الحزب عام 1984م، وهو مكون من اليهود السفارديم (الشرقيين)الأعضاء داخل حزب أجودات يسرائيل، والذين انفصلوا عنه وذلك احتجاجًا على سيطرة اليهود الإشكنازيم على حزب أجودات يسرائيل وقد رفع حزب شاس شعار ” إعادة أمجاد الماضي ” أي مجد اليهود الشرقيين(3).

ومرت الحركة بعملية صهينة كبيرة، فهي تصنف نفسها حركة  يمينية في القضايا السياسية والأمنية، ومن الصعوبة الادعاء أنها حركة دينية أرثوذكسية غير صهيونية.(4)

وجاء تأسيس حركة شاس كتعبير عن عملية احتجاج على مؤسستين: الأولى، هي المؤسسة الدينية الأشكنازية المتمثلة في حركة أغودات يسرائيل، والمؤسسة الثانية هي المؤسسة السياسية– الاجتماعية الأشكنازية. ويعبّر اسم الحركة الذي يجمع بين الانتماء الطائفي (الشرقيون) والديني عن الأسس الاجتماعية– الدينية التي حاولت هذه الحركة الاستناد إليها عند قيامها. ويعتقد البروفسور شموئيل أيزنشتات أن شاس هي من نتاج البلد؛ أزرق أبيض (بمعنى أنها لم تُؤسس في الخارج، المنفى بالمفهوم الثيولوجي– السياسي، مثل الحريديم الأشكناز)، وتعرض برنامجها ضد جبهتين: ضد الهيمنة الدينية الأشكنازية من جهة، وضد البرنامج الثقافي اليوتوبي للصهيونية من جهة أُخرى.(5)

تعريف شاس

تُعَرِّف موسوعة المصلحات بمركز المدار الفلسطيني للشئون الإسرائيلية حركة  شاس بأنها «حزب ديني متزمت من أبرز أهدافه بحسب ما ورد في برنامجه التأسيسي والانتخابي: الاهتمام بالتراث اليهودي في إسرائيل- متابعة الطريق الذي بدأه اليهود الشرقيون- الاهتمام بتعميق حب اليهود لإسرائيل – تربية أولاد إسرائيل بموجب التوراة مع المحافظة على قيم اليهود الشرقيين.(6)

تلك أبرز الملامح العامة لحركة شاس التي هي جزء أساسي من التدين اليهودي الحريدي، والسمة الأبرز لهذه الحركة/ الحزب: هو التغلغل داخل مؤسسات الدولة الإسرائيلية ونشر قيمها ورؤيتها لتكون دولة دينية يهودية بامتياز، وقد نجح منضوون في هذه الحركة في الحصول على حقائب وزارية داخل الحكومات الإسرائيلية، مثل وزير الداخلية الذي يظهر بالطاقية اليهودية المشهورة اليهودي المولود في المغرب آريه درعي، وهو الزعيم السياسي للحركة. بعد وفاة الحاخام عوفيديا يوسف 2013، تولى الزعامة الروحية للحركة الحاخام شالوم كوهين (توفي في أغسطس/آب 2022).(7)

وحركة شاس التي تعني ( اتحاد السفارديم حراس التوراة )، ما هي إلا واحدة من هذه الحركات السياسية الناشئة في الكيان الصهيوني، والتي لها دور مؤثر في صنع القرار السياسي في إسرائيل، سواء على الصعيد الحكومي أو الصعيد الشعبي.(8) خطت الخطوة السياسية الأولى سنة 1983، عندما شاركت في الانتخابات المحلية لبلديات القدس، بني براك وطبرية. وقام أعضاؤها من طلاب المدارس الدينية بالتنافس والعمل في هذه الانتخابات التي شكلت الانطلاقة السياسية الأولى للحركة، وبعدها عمقت من مشاركتها في السياسة المحلية والقطرية على حد سواء.

وهكذا تحولت حركة شاس إلى الحركة السياسية الشرقية الوحيدة التي استطاعت أن تبقى فاعلة في السياسة الإسرائيلية كل هذه الفترة، إذ ظهرت حركات شرقية كثيرة قبلها، إلاّ أنها اختفت ولم تستطع الاستمرار والبقاء والتطور كما كانت الحال لدى شاس.(9)   التي تبنت عمليا كما رأى الباحثان سلطان طفه وروني باوم أن شاس البرنامج السياسي لحزب الليكود اليميني، وذلك بهدف جذب اليهود الشرقيين إلى صفوفها، وقام الباحثان بتسمية حركة شاس «ليكود مع كيبا (قبعة الرأس الدينية لليهود).»50 وقبل اقتراب شاس سياسياً إلى برنامج الليكود، فقد مثلت اجتماعياً تلك الفئات المتضررة من اليهود الشرقيين التي خاب أملها من الليكود أيضاً جراء سياساته الاقتصادية الليبرالية، إذ أيد اليهود الشرقيون حزب الليكود، في أواخر السبعينيات والثمانينيات، لأنهم تضرروا اجتماعياً واقتصادياً من حزب العمل.51 ثم استمروا في تأييد الليكود بسبب مواقفه السياسية، وأقل بسبب مواقفه الاجتماعية– الاقتصادية.(10)

شاس جمع بين الحريدية والصهيونية

ومع أن حركة شاس تعد  حزبا حريديًا؛ إلا أنها في الوقت ذاته غير ملتزمة بمقاطة الحريديم السياسية للصهيونية ، ويقدم الكاتب عوزي بنزيمان تعريفًا خاصًا لحزب شاس معبرًا فيه عن أيديولوجية الحزب البرجماتية النفعية فيقول: ” شاس هو رأس حربة الثقافة السياسية التي حولت الكنيست إلى سوق تتم فيه المتاجرة بالمصالح الإقطاعية، والامتيازات الشخصية، واحتياجات الدولة، ورفاهية كل مواطنيها.(11)

الهوامش

1- يوسف عودة، حركة شاس ودورها في المجتمع الإسرائيلي، 29/5/2005، العدد: 1212، https://www.ahewar.org/

2-  أنطوان شلحت، الأحزاب السياسية في إسرائيل، 24/11/2020، https://www.palestine-studies.org/

3- محمد عمارة تقي الدين، حزب شاس وموقفه من الصراع العربي الصهيوني، 23/4/2018، العدد 5854، https://www.ahewar.org

4- أنطوان شلحت، مصدر سبق ذكره.

5- أنطوان شلحت، المصدر السابق.

6- ممدوح مكرم خريطة أحزاب الصهيونية الدينية في “إسرائيل”24/11/20222، https://www.ida2at.com/

7-  ممدوح مكرم، المصدر السابق.

8- يوسف عودة، مصدر سبق ذكره.

9-  أنطوان شلحت، مصدر سبق ذكره.

10- أنطوان شلحت، المصدر السايق.

11- محمد عمارة تقي الدين، مصدر سبق ذكره.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى