ما حقيقة المساعي الأمريكية لتوقيع اتفاقية “عدم اعتداء” بين إسرائيل ودول عربية
يدور الحديث يدور بقوة هذه الأيام عن مساع لإبرام “معاهدة عدم اعتداء” بين إسرائيل ودول الخليج، رغم عدم اعتراف أي من دول الخليج بـ”إسرائيل”، ما أثار العديد من التساؤلات عما وراء تلك المساعي وسبب إبرام معاهدة كهذه.
وكان وفد إسرائيلي وصل إلى واشنطن، يوم الاثنين 2 ديسمبر (كانون الأول)، لبحث إمكانية التوصل إلى اتفاق “عدم اعتداء” مع دول الخليج، وفق ما أعلنه وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس.
وبحسب ما نقله موقع “آكسيوس” الإلكتروني، فإن البيت الأبيض، اتصل بعدد من الدول العربية؛ لتشجيعهم على التوصل إلى اتفاقيات عدم اعتداء مع إسرائيل.
وقال الموقع: “علمنا من مصادر إسرائيلية وعربية وأمريكية، أن نائب مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيكتوريا كوتس، التقت الأسبوع الماضي بسفراء دولة الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وعُمان، والمغرب في واشنطن، لمعرفة موقف هذه الدول”.
وبحسب الموقع، أخبر سفراء الدول الأربع كوتس بأنهم “سيتقدمون بتقاريرهم بهذا الشأن إلى عواصمهم، ويعودون قريبا مع الإجابة”.
وقبل أيام زار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو المغرب، ولم يلتق العاهل المغرب، كما تم إلغاء مؤتمر صحفي كان مقررا له، وتحدثت تقارير عن ضغوط أمريكية متزايدة على محمد السادس ليكون أول الموافقين، لكن الملك المغربي يرفض.
وبحسب تصريحات خبراء ومحللون لـ”سبوتنيك”، فإن الأهداف الأمريكية ليست بالجديدة، وإن الدول العربية لا يمكن أن تتخذ أي خطوات في هذا الإطار دون حل القضية الفلسطينية.
الخبراء أشاروا إلى أنه بالرغم من محاولات واشنطن إيجاد علاقات رياضية أو اقتصادية بين الدول العربية وإسرائيل، إلا أن الأخيرة تقوم بإجراءات عكس الشروط العربية، وأن واشنطن تضغط بشتى الطرق الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية في إطار تأمين إسرائيل.
ويرى الخبراء أن المساعي الأمريكية لخلق علاقات إيجابية بين الدول العربية و اسرائيل لا ترتبط بالتوترات مع إيران، خاصة في ظل وضوح المواقف العربية تجاه إسرائيل.
من ناحيته، قال القيادي في حركة “فتح” الفلسطينية السفير، حازم أبو شنب: “مع عدم توافر أي معلومات في هذا الإطار، إلا أن التوجه الأمريكي منذ البداية كان واضحا بدفع الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، باعتبارها إحدى دول المنطقة العربية لتحظى بعلاقات إيجابية مع الدول العربية”.
وأضاف في تصريحات ، أن “القرارات العربية واضحة في هذا الإطار وترفض التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، قبل أن تحل قضية فلسطين والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس”.
وأوضح أن “الصراع الظاهر بين الولايات المتحدة وإيران يمكن تفسيره بأكثر من رؤية حسب المدارس المختلفة التي تقيم الصراع”.
وبحسب أبو شنب، فإن “إحدى هذه المدارس ترى عدم وجود صراع من الأساس، وإنما تقاسم للأدوار واستثمارها لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية”.
وتابع أنه “لم يثبت من قبل وجود إشكاليات بين إيران ودولة الاحتلال الإسرائيلي، كما أن التهديدات التي تصدر بين الحين والآخر تقتصر على الفضاء الإعلامي”.
وأشار إلى أنه “ليس من الضروري الربط بين تبريد جبهة مع العرب أو إقامة علاقات لاحتمالية توترات الجبهة الأخرى مع إيران، وأن هذا الأمر مبالغ فيه بشكل كبير”.
تعكير الأجواء بين الدول
وفي ذات السياق، قال عضو البرلمان العربي السابق، النائب الإماراتي، جاسم عبد الله: “إن الحديث عن معلومات من مصادر غير رسمية غالبا ما يكون هدفها تعكير الأجواء بين الدول”.
وأضاف في تصريحات ، أن
“الإمارات سياساتها واضحة بشأن القضية الفلسطينية، ولا يوجد لديها ما تخفيه، وأن أي اتصالات رسمية يتم الإعلان عنها، وما دون ذلك لا يمكن التعليق عليه كونه يظل في إطار غير رسمي لا يمكن التحقق منه إلا بالإعلان الرسمي”.
وشدد أنه “لا يوجد أي معلومات حول هذا الأمر، وأن الإمارات تعرف بالسياسة الواضحة تجاه كل القضايا”.
واشنطن والنفط وإسرائيل
من ناحيته، قال الكاتب اللبناني، جمال فياض، إن “المساعي الأمريكية في الشرق الأوسط محصورة بأمرين أولهما الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والنفطية في المنطقة، والأخر هو تأمين دولة الاحتلال الإسرائيلي”.
وأضاف في تصريحات لـ”سبوتنيك”، أن “واشنطن تسعى لتحقيق هذه الأهداف بشتى الطرق، إما عن طريق الدبلوماسية أو الضغوط الاقتصادية أو العسكرية”.
ويشير فياض إلى أن “السعي إلى توقيع اتفاقيات أو ضمانات أو أي خطوة تضمن أمن إسرائيل والحفاظ على مصالح واشنطن هي ليست بالجديدة، وهي تعمل على ذلك الإطار منذ سنوات، خاصة إذا تأكدت المعلومات المتداولة أم لم تتأكد”.
ويرى جمال فياض أن “ما حدث في سوريا ويحدث في لبنان هدفه وقف أي أخطار تهدد إسرائيل، وأن إسرائيل أيقنت في العام 2006 أنها غير قادرة على تأمين وضعها الأمني من الجبهة اللبنانية، وهو ما تفسره الضغوط الاقتصادية على لبنان في الوقت الراهن لتحقيق أهداف واشنطن”.
وأشار فياض إلى أن “ما يحدث في الوضع اللبناني يؤكد على الضغوط الأمريكية الساعية لتأمين جبهة إسرائيل، وأنه بالرغم من عدم تداول أي معلومات رسمية بشأن توقيع أي اتفاقيات جديدة، إلا أن واشنطن تسعى لهذا الأمر منذ حرب 1973”.
وشدد على أن “واشنطن تسعى لإبقاء دول المنطقة في توترات وأزمات، في إطار إبقاء إسرائيل في أمان تام”.
مواقف عربية ثابتة
فيما يرى، سعد بن عمر، رئيس مركز القرن للدراسات في السعودية، أن “الرياض لا يمكن أن تسمح لإسرائيل باستخدام أجوائها حتى وإن كانت ضد إيران”.
وأضاف بن عمر في تصريحات ، أن “الحديث عن أي اتفاقيات غير منطقي، خاصة أن الدول الحدودية مع إسرائيل وهي مصر والأردن موقعة على اتفاقيات سلام، ما يعني أنه ليس هناك حاجة لتوقيع اتفاقيات مع دول ليست حدودية معها”.
وأوضح أن “السعودية وهي الدولة الأكبر في منطقة الخليج لا تقبل بالاصطفاف إلى جانب إسرائيل، ما لم تكن البداية من الجانب الفلسطيني بنيل حقوقه المشروعة والمجمع عليها من الدول العربية”.
وشدد سعد بن عمر على أن “الولايات المتحدة تسعى منذ فترات طويلة إلى دفع الدول العربية للتعاون مع إسرائيل، إلا أنه في المقابل تقدم إسرائيل على خطوات تبعد أي إمكانية لذلك، بما فيها زيادة الاستيطان والقيام بإجراءات تعقد من القضية الفلسطينية، وهي قضية مفصلية في علاقة الدول العربية بإسرائيل”.
وباستثناء مصر والأردن، لا تقيم الدول العربية علاقات دبلوماسية علنية مع إسرائيل.