محقِّق أممي باليمن يتعرض للتجسس عبر “بيغاسوس”.. هاتفه اختُرق قبل إصداره تقريراً يدين السعودية
كان التونسي كمال الجندوبي قد تولى رئاسة مجموعة الخبراء البارزين بشأن اليمن (GEE)، وهي لجنة أوكلت إليها الأمم المتحدة في عام 2017، التحقيقَ في جرائم الحرب المحتملة باليمن، ولم تعد قائمةً الآن.
التحليل الجنائي الذي أجراه خبراء في منظمة العفو الدولية ومختبر “سيتيزن لاب”، وهو مختبر للأبحاث الأكاديمية معنيٌّ بالتهديدات الرقمية للمجتمع المدني ويقع مقره في جامعة تورونتو الكندية، قد كشف أن هاتف الجندوبي تعرض للاستهداف أثناء فترة رئاسته للجنة في أغسطس/آب 2019، حسب ما قالته صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 20 ديسمبر/كانون الأول 2021.
قبل أسابيع من تقرير “دامغ”
يزعم التحليل كذلك أن الاستهداف وقع قبل أسابيع فحسب من إصدار الجندوبي وفريق الخبراء التابع له، تقريراً دامغاً خلصوا فيه إلى أن التحالف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن، قد ارتكب “انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي” يمكن أن تؤدي إلى “مسؤولية جنائية عن ارتكاب جرائم حرب”.
وظهر رقم الهاتف الخاص بالجندوبي على قاعدة بيانات مسربة كشف عنها مشروع “بيغاسوس”، وهو تحقيق في أنشطة شركة “إن إس أو” أجرته صحيفة The Guardian البريطانية ووسائل إعلام عالمية أخرى بالتنسيق مع Forbidden Stories، وهي مجموعة إعلامية فرنسية غير هادفة للربح.
وشملت القائمة المسربة عدداً من الأفراد الذين يُعتقد أنه قد وقع عليهم الاختيار ضمن الأهداف المحتملة للمراقبة من الحكومات المتعاقدة مع شركة “إن إس أو”.
وتشير البيانات إلى أن السعودية، التي كانت عميلاً قديماً لشركة “إن إس أو” قبل الكشف عن أنشطتها في وقت سابق من هذا العام، هي التي وضعت الجندوبي ضمن قوائم المراقبة.
من جانب آخر، قال الجندوبي لمشروع بيغاسوس إن استهداف هاتفه بالاختراق يمثل فعلاً من أفعال “الدول المارقة”.
وأضاف: “أنا عاجز عن الكلام. نحن محققون دوليون، ويُفترض أن نكون محميِّين. لكنني لست مُفاجأ على الإطلاق. لقد كنت مرتاباً في الأمر منذ عام 2019. وكنا نعلم أن من المحتمل استهدافنا [اللجنة] منذ أن نُشر تقريرنا في عام 2018. لقد أحدث هذا التقرير صدمة في السعودية والإمارات. فهم لم يكونوا متوقعين لهذه النتائج”.
وتابع الجندوبي: “لقد استخدموا كل دعاياتهم ووسائل إعلامهم.. لتشويه سمعتنا والانتقاص من عملنا”، ومع ذلك فقد أشار إلى أنه لا يعتقد أن المعلومات الخاصة بعمله قد تسربت عن طريق الهاتف المخترق، لأنه استخدم جهازاً آخر لإجراء تحقيقاته. وقال إن اختراق أي دولة لهاتفه يدل على أنها دولة لا تعبأ “بالالتزمات الدولية ولا الحد الأدنى من القواعد الدولية”.
وقال الخبراء إن تحليل الطب الشرعي للهاتف كشف أن أحد عملاء “إن إس أو” حاول اختراق الجهاز.
ومع ذلك، لا يوجد دليل واضح يُثبت ما إذا كان الهاتف قد اختُرق بنجاح وسُرقت بياناته أم لا.
لكن المعلومات المتاحة تشير إلى أنه في حال اختراق الهاتف ببرنامج “بيغاسوس” الذي تنتجه شركة “إن إس أو”، فإن مشغلي برنامج التجسس يصبح لديهم وصول كامل إلى بياناته، والقدرة على اعتراض المكالمات الهاتفية وقراءة الرسائل النصية والتسلل إلى التطبيقات المشفرة وتتبُّع الموقع الفعلي للفرد. كما يُمكن لبرامج التجسس أيضاً تحويل الهاتف الحمول إلى جهاز استماع، من خلال التحكم عن بُعد في مسجِّل الهاتف.
إنهاء عمل اللجنة
يُذكر أن الأمم المتحدة أوقفت على نحو مفاجئ، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، تفويضها الذي كان ممنوحاً للجنة التحقيق في جرائم الحرب المحتملة باليمن، بعد أن صوّت أعضاء مجلس حقوق الإنسان على إنهاء التحقيق.
وذكرت صحيفة The Guardian في وقت سابق من هذا الشهر، نقلاً عن خبراء سياسيين ودبلوماسيين على دراية وثيقة بالموضوع، أن السعودية استخدمت “الحوافز والتهديدات” في حملة ضغط مكثفة؛ لإسدال الستار على تحقيق الأمم المتحدة.