وجود الكيان الصهيوني المحتل.. هو العار 2/2
- سليم يونس الزريعي
ومع ذلك اعتبر الجمهور اليهودي، بأغلبيته الساحقة، معطيات هذا الكتاب هي حقائق تاريخية غير مشكوك فيها، حتى أنهم اعتبروا الباحثين الانتقاديين من اليهود مجرد معادين للسامية(3)، ،لتبرير سرقة فلسطين من أهلها حسب توراتهم، الذي كان في العرف الصهيوني مصدرا أيضا للتاريخ، الذي فيه تكمن كل مبررات الادعاء اليهودي بالحق التاريخي في فلسطين.
واللافت أن ذلك الإحياء لهذا المصدر جاء في الوقت الذي كانت فيه أغلبية الباحثين في هذا الحقل ترى في كتاب التوراة مجرد أساطير لا يمكن الاستناد إليها، لا في كتابة التاريخ القديم لفلسطين، ولا في منح الحق لليهود في فلسطين(4)،
ولأن الإيمان بخرافات التوراة مكون أساس في عقيدة الكنيسة البروتستنتية ، جرى الترويج لخرافة العودة، التي بدأت كمشروع مسيحي بروتستنتي ثم التحقت به الحركة الصهيونية، ولذلك تسبغ تلك الأساطير على حفنة اليهود الذين وصلوا فلسطين عام 1882 لتأكيد ذلك التزوير، أنهم هم أحفاد أولئك الذين طردهم الرومان منها عام 70م، لكن المؤرخ إيلان بابي يدحض ذلك قائلا إن ما قبل عهد الصهيونية كانت الرابطة بين المجتمعات اليهودية في العالم -بما فيه فلسطين- علاقة روحية ودينية وليست سياسية(5).
ويؤكد المؤرخ بابي أن ترتيب عودة اليهود إلى فلسطين كان مشروعا مسيحيا بروتستانتيا في الأصل حتى القرن السادس عشر، ثم أكملته الصهيونية(6).أمل عيسى، المصدر السابق.
إلاّ أنّ هذه الأساطير الدينية للصهيونية بأنّ فلسطين هي (أرض الميعاد)، واليهود هم (شعب الله المختار)، وأنّ القدس في أدبياتهم هي (مركز تلك الأرض)، وأنها (عاصمة الآباء والأجداد)، وأنها (مدينة يهودية بالكامل) يُبطلها بالكامل عالمُ الآثار الإسرائيلي الشهير (إسرائيل فنكلشتاين) من جامعة تل أبيب بنفيه وجود أيّ صلةٍ لليهود بالقدس، وأكّد في تقرير نُشر بتاريخ 5 آب/ اغسطس2011م (أنّ علماء الآثار اليهود لم يعثروا على شواهد تاريخية أو أثرية تدعم بعض القصص الواردة في التوراة..)، والأكثر من ذلك فإنه يشكك في قصة داوود، وهي الشخصية التوراتية الأكثر ارتباطاً بالقدس حسب معتقدات اليهود، موضحًا أنه: (لا يوجد أساسٌ أو شاهدُ إثبات تاريخي على وجود هذا الملك الذي اتخذ من القدس عاصمة له..)، مؤكداً (أنّ شخصية داوود كزعيمٍ يحظى بتكريم كبير لأنه وَحّد مملكتي يهودَا وإسرائيل هو مجرد وَهْم وخيال لم يكن له وجودٌ حقيقي.)، و(أنّ ما يتعلق بهيكل سليمان، لا يوجد أيُّ شاهدٍ أثري يدلّ على أنه كان موجودًا بالفعل.). ويقول المؤرّخ اليهودي (شلومو ساند) في كتابه (كيف اختُلق الشعب اليهودي؟) إنّ القومية اليهودية خرافة، وأنّ اليهود الذين يعيشون اليوم في (إسرائيل) ليسوا على الإطلاق أحفاد (الشّعب العتيق) الذي عاش في مملكة يهودا، وأنّ اليهود لم يُطرَدوا من الأراضي المقدسة، ومعظم يهود اليوم ليست لهم أيّ أصول عرقية في فلسطين التاريخية(7).
ولم تكن الأطراف المتآمرة على الشعب الفلسطيني بحاجة لمعرفة الحقائق، وإنما هي بحاجة لذرائع لمشروعها، وهي وطنت نفسها على ان تتعامل مع تلك الذرائع كحقائق
مطلقة لأنها تريد تصديق ذلك بصرف عن أنها خرافة من عدمه.
ونقول أخيرا هل حقا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة هو وصمة عار كما زعم المندوب الصهيوني؟ـ أم أن العار كل العار هو ما جاء في توراتهم، كما أثبت ذلك علماء يهود صهاينةـ الذين نفوا أي وجود كان لما يسمى بالشعب اليهودي في فلسطين؟، وهي شهادة علمية نزيهة تدحض خرافة وجود شعب يهودي كما أكد ذلك المؤرخ اليهودي شلومو ساند، وكذلك أكذوبة أرض إسرائيل كما حقق ذلك علماء الآثار اليهود مثل “زئيف هرتسوغ” و”إسرائيل فنكلشتاين” و” إيلان بابيه” ، ومن ثم أليس العار كل العار والحال هذه، هو في من كذبوا وزورا باسم الإله ليحتلوا أرضا ليست أرضهم ؟!
الهوامش
- البروفيسور زئيف هرتسوغ ، علم الآثار يكشف زيف الحق التاريخي “الإسرائيلي” هآرتس 28/11/1999 https://www.facebook.com
- د. غازي حسين، المشروع الصهيوني إلى أين !، 9/8/2014، https://kanaanonline.org
3- البروفيسور زئيف هرتسوغ ، علم الآثار يكشف زيف الحق التاريخي “الإسرائيلي” هآرتس 28/11/1999 https://www.facebook.com
4- البروفيسور زئيف هرتسوغ ، علم الآثار يكشف زيف الحق التاريخي “الإسرائيلي” هآرتس 28/11/1999 https://www.facebook.com
- أمل عيسى، عشر خرافات عن إسرائيل، 30/5/2017، https://www.aljazeera.net/
- أمل عيسى المصدر السابق.
- ناصر حمدادوش، الأساطير الدّينية المؤسِّسة لإسرائيل، 13/02/2020،https://www.echoroukonline.com
- المرجع: مخطوط دراسة للكاتب بعنوان: “مشروع الحركة الصهيونية في فلسطيني.. نهاية الخرافة”