أرقام صادمة…24 طفلا يلقى بهم في القمامة يوميا في المغرب
بين الفترة والأخرى تعود قضية الأطفال المتخلى عنهم إلى الواجهة مرة أخرى، خاصة أن العديد من التقارير أشارت إلى أرقام صادمة في السنوات الماضية، ما يوحي بتفاقم المشكلة والوصول إلى مستويات خطيرة.
التصريحات الأخيرة للناشطة الاجتماعية المغربية عائشة الشنا، رئيس “جمعية التضامن النسوي”، أعادت القضية للواجهة مرة أخرى، خاصة إنها قالت أن 50 ألف طفل يتم التخلي عنهم، وأن 24 طفلا يلقون في القمامة بشكل يومي، ما يعني كل ساعة يلقى بطفل في القمامة.
تصريحات الشنا التي جاءت قبل أيام في مقابلة لها مع صحيفة “mujerhoy” الإسبانية، قالت فيها إن “المغرب يعيش حالة فصام غير مسبوقة”.
الأرقام المعلنة لم تؤكدها بيانات أو دراسات رسمية من جانب حكومة المغرب، إلا أن النشطاء في مجال حقوق الإنسان أكدوا دقة الأرقام وصحتها، وأنها في تزايد بين العام والآخر.
وتحدث مصدر مطلع على الملف كان بتشكيلة الحكومة السابقة، طلب عدم ذكر اسمه، حيث قال إن المغرب عندما قدم تقريره حول الطفولة 2014 أمام لجنة الأمم المتحدة بجنيف، كان متقدما مقارنة مع العديد من الدول الإقليمية والعربية.
وأضاف المصدر أن هناك بعض الإشكاليات التي يجب معالجتها منها ما يرتبط بالتعليم والصحة، وأكد المصدر أن هناك بعض الأطفال المتخلى عنهم إلا أن الأرقام المعلنة ليست دقيقة، خاصة أنها تتداول من دون جهات رسمية مغربية.
وأوضح المصدر أن بعض الأرقام التي يتم الإعلام عنها يتم خلطها بشكل مغالط وتصبح ضخمة دون الاستناد إلى جهات رسمية.
صحة الأرقام المعلنة
على جانب أخر أكدت الناشطة الحقوقية كريمة نادر، أن الأرقام والإحصائيات التي تشير إلى أن 50 ألف طفل يتخلى عنهم سنويا هي أقرب للدقة وصحيحة، خاصة أن هناك إجماعا على الأرقام من جهات حقوقية عدة ومراكز بحثية محلية ودولية.
وأضافت في تصريحات صحفية، اليوم الجمعة، أن الأرقام نتيجة أبحاث ودراسات تجرى منذ سنوات.
وأوضحت أن الأرقام المتزايدة تكشف المجهود المبذول من قبل الحكومة في هذا الإطار، خاصة أن هذه الإحصائيات تتزايد منذ سنوات، وهو ما يؤكد عدم فعالية الجهود الحكومية.
أسباب تفاقم الظاهرة
تشير كريمة إلى أن الأسباب مختلفة وكثيرة، وعلى رأسها غياب التربية الجنسية والتوعية بالمناهج التعليمية، وكذلك القانون المجرم للإجهاض، الذي يؤدي إلى تفاقم ظواهر اجتماعية خطيرة، خاصة أن الأطفال يجدون أنفسهم في وضعية اجتماعية هشة، وإقصاء من المجتمع وفراغ قانوني لا يضمن لهم حقهم.
قنابل موقوتة
توضح الناشطة أن 50 ألف طفل يتم التخلي عنهم هم بمثابة قنابل موقوتة في المجتمع، وأنهم يتحولون مع مرور الوقت إثر الأقصاء وعدم الاعتناء بهم إلى أشخاص متطرفين لديهم ردود أفعال عنيفة إزاء المجتمع ومؤسساته.
نتائج خطرة
تفاقم ظاهرة الدعارة ودعارة القاصرات أيضا هي ضمن الأثار السلبية المترتبة على الأمر بحسب الناشطة الحقوقية، والتي تشير إلى أن الكثير من العوامل أدت إلى معظم حالات الحمل خارج نطاق الزواج تنتج عن الاغتصاب أو زنا المحارم أو قلة الوعي، وأنهن يجدن أنفسهن في وضعية قانونية صعبة، خاصة إن الإجهاض يعاقب عليه القانون، فتضطر الفتاة إلى الاحتفاظ بالجنين حتى موعد الولادة ومن ثم تتخلى عنه بأي طريقة ومنها صناديق القمامة.
153 طفلا يولدون خارج إطار الزواج بشكل يومي
بالرغم من أن صحيفة الأخبار المغربية نقلت الخبر عن دراسة كانت قد أنجزتها “العصبة المغربية لحماية الطفولة المغربية”، مع المنظمات النسائية، وقالت إن 153 ولادة خارج إطار الزواج، تتم في اليوم و24 طفلا يتم التخلي عنهم، في المغرب، إلا أن الجزء الأول تم تداوله أيضا في العام 2016 على لسان عائشة الشنا.
كما أشارت دراسة إلى نفس المؤسسة بحسب الصحف المغربية، إلى أن 43،11 % من الأطفال خارج إطار الزواج، ما يعني أن 153 طفلا يولدون يوميا خارج إطار الزواج.
هل يحل الإجهاض الأزمة
حسب مطالبات بعض النشطاء بإلغاء تجريم الإجهاض يرون أن إتاحة الإجهاض سيحل الأزمة نسبيا بالتغلب على مشكلة رمي الرضع والتخلي عنهم، إلا أن البعض الأخر يرى أنه يمكن أن يفاقم من تفشي مشكلات أخرى كالزنا والدعارة.
المركز المغربي لحقوق الإنسان
في ذات السياق قال عبد الإله رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، إن المركز لديه دراسات ميدانية تؤكد ما جاء على لسان عائشة الشنا إلى حد ما.
وأضاف في حديث صحفي اليوم: “لعل تقريرنا الصادر في 12 أبريل/نيسان 2017 خير دليل على ذلك، حيث أكدنا أن المغرب يشهد ولادة ما لا يقل عن 100 طفل في اليوم بدون هوية، يعني دون تحديد الأب، والوضعية تتفاقم بشكل سريع وخطير سنة بعد سنة، ولا أحد يلتفت للأخطار المحدقة بالمجتمع، الإنساني منها والاجتماعي.”
وأضاف فأنه يمكن القول أن أحد أسباب تفشي الجريمة بل وأبشعها، وخاصة الجريمة في حق الأصول، في أوساط اليافعين من سن 14 إلى سن 25 يتورط فيها الأطفال اليافعين الذين وجدوا أنفسهم بدون هوية الأب.
ويرى أن تلك النتائج تنتج إثر تعرضهم لكل أشكال القمع المعنوي والمادي منذ نعومة أظفارهم، حيث يحرمون من الهوية الأبوية، ومن حق الدراسة، ومن الحضن الأسري الدافئ، بل الأدهى من ذلك، يتعرضون لوابل من السب والشتم ونعتهم باللقطاء وأبناء الزنا، كلها عوامل تساهم بشكل مباشر في خلق شريحة ميالة للإجرام، إن لم تختر طريق الانتحار.
معادلة العقاب والغاية
واستطرد بقوله: “في حين الدولة بحد ذاتها غير آبهة لهذا الطوفان الرهيب الذي يجتاح كينونة المجتمع المغربي رويدا رويدا، لقد طلبنا بتقنين الإجهاض، ووضع حد للحمل غير المرغوب فيه بطريقة قانونية، وطلبنا باعتماد الخبرة الطبية على DNA في تحديد هوية الأب في حالة النزاع بين الطرفين أمام القضاء، وللأسف لا زال القضاء يمنح للقاضي صلاحية رفض نتيجة الخبرة الطبية.”
وتابع بقوله : “كما أن البحث عن حلول إنسانية واجتماعية من شأنها تمتيع الإبن بهوية أبيه غير واردة في جل الأحكام التي تصدر بخصوص اتهامات الأبوة، حيث يتم اعتقال الأب في حالة إثبات القضية، ويبقى مصير الإبن أو البنت معلقا لا يلتفت إليه القضاء ولا يهمه، لأن القضاء ببساطة يهمه الزجر والعقاب ولا يكترث للحلول اللازمة.”
وطالب بضرورة البحث عن حلول، والعمل على إلغاء الولادات بدون هوية الأب، مهما كلف الأمر، وإلا أصبح المجتمع أمام خطر التفكك والاندحار القيمي المطلق.