“أزمة فكة” في أمريكا.. تخلص من الـ”كوين” ولك مكافأة بالدولارات
يواجه السوق الأمريكي أزمة نقص العملات المعدنية أو المعروفة بـ”الفكة” نتيجة إجراءات إغلاق العديد من المحال التجارية وسط جائحة كورونا، والتي تضاءلت معها العملات المعدنية المتداولة.
هذه الأزمة ليست بجديدة، بل هناك جذور راسخة يشهد عليها التاريخ على مدار عشرات السنين داخل الولايات المتحدة، ولا سيما في القرن الثامن عشر الميلادي، وسبق وقوعها بعدة قرون في بلدان أخرى داخل أوروبا تمكنت من حلها بحزمة من القرارات.
خلال العقود الأولى من عمر الولايات المتحدة عانت دار سك العملة من حدودية قدرتها على تلبية احتياجات البلاد من العملات، ما دفع جهات خاصة لسك فئات صغيرة ما بين نصف سنت أو سنت مع تعهدها بمعاودة شراء في الوقت الذي يرغب فيه حامل العملة.
وانتشرت هذه الظاهرة في العقد الثالث من القرن الـ19، خاصة أنه تم تصنيع أغلبها من الورق وليس المعدن.
وظهر في المشهد حل آخر باستغلال طوابع البريد كفئة صغيرة من العملات، بشرط حمايتها من التمزق أو التلف، وحصل صاحب هذا البديل رجل الأعمال جون جولت على براءة اختراع لحامل ختم نحاسي بغطاء شفاف، يستخدم في تحويل قيمة طابع من سنت إلى فلس.
واكتسبت عملات طوابع البريد شعبية كبيرة، حتى أسفرت عن عجز بالطوابع المطلوبة لأداء مهام البريد نفسها.
واستمرت الأوضاع على هذا النحو إلا أن اشتعال الحرب الأهلية لقرابة 25 عاما أسفر عن اختفاء العملات المعدنية الحكومية تقريبا، وتوسعت المؤسسات التجرية في إصدار الأوراق النقدية والمعدنية.
ووضع الكونجرس حدا لإصدار الفئات الصغيرة الخاصة عبر إصدار قانونين ما بين عامي 1862 و1864 للحيلولة دون ذلك، وبالتوازي شرع مكتب النقش والطباعة التابع للحكومة في إصدار أوراق نقدية رسمية تحظى بموافقة الدولة بفئات صغيرة 3 و5 سنتات.
وتوسعت دار سك العملات في إصدار الفكة الصغيرة عقب انتهاء الحرب الأهلية، وقامت حكومات عديدة في القرن التاسع عشر بإنتاج عملات نقدية صغيرة لا تحمل قيمة معدنية تذكر، للتغلب على أزمة نقص الفكرة.
ومع ذلك سمح القضاء الأمريكي باستثناء بعض المؤسسات الخاصة من قيود إصدار العملات الصغيرة التي تقل قيمتها عن دولار واحد، ومنها ما يعرف بـ”وراق اعتماد الشركات”، التي كانت تصدر داخل مدن تهيمن عليها شركة واحدة.
ربما تطرح أزمة الفكة الراهنة ومضة ضوء للعودة للوراء واسترجاع حلول الماضي مع إضافة بعض التحديثات من أجل تسهيل المشتريات داخل المتاجر دون وقوع مشكلة.
حلول واقعية
منتصف يوليو/تموز الماضي أطلق مصرف Community State Bank في ويسكونسن الأمريكية، برنامجا لإعادة شراء العملات المعدنية Coin Buy Back”، الذي يعرض مكافأة بقيمة خمسة دولارات مقابل كل 100 دولار من العملات المعدنية عند تسليمها إلى أيٍّ من فروع المصرف السبعة.
وفق تقرير لشبكة CNN الأمريكية، فإنه يُمكن لأي شخص الحصول على مكافأة عملات معدنية بحد أقصى 500 دولار عند تسليم عملاته، سواء كان عميلاً لدى المصرف أم لا، كما تأتي هذه الخطوة بهدف مساعدة الشركات المحلية التي تُكافح بسبب أزمة نقص العملات المعدنية على مستوى البلاد، نتيجة جائحة فيروس كورونا.
تأثير مذهل
قال نائب رئيس المصرف نيل بوشانان لشبكة CNN الأمريكية: “أدركنا أننا بحاجةٍ للخروج بحل، إذ لا نحب أن نقول لعملائنا: لا، لن نستطيع منحكم الخدمات التي نفخر بتقديمها، لذا خرجنا بفكرة مبتكرة لإتمام الأمور، وعدم تنفيذ الفكرة من قبل لا يعني أنها ستفشل، لقد أحدثت فارقا كبيرا بالفعل”.
ومنذ إطلاق البرنامج توجه مئات الأشخاص إلى فروع المصرف لتسليم “الفكة الفائضة”، ما أسفر بالفعل عن “تأثير مذهل على الشركات المحلية التي كانت تُكافح بسبب الأزمة، وفقاً لبوشانان.
ولا يتم تحصيل أي رسوم من العملاء على معاملات عد العملات المعدنية، كما يُمكنهم تسلم أموالهم نقداً أو كوديعة مباشرة، فضلاً عن أن العديد سلّموا عملاتهم المعدنية الفائضة دون أن يطلبوا أي مقابل.
وقال بوشانان: “تواصلت معنا الشركات تقديراً لمصرفهم المحلي، الذي خرج بفكرة مبتكرة لمساعدتهم في القضاء على التحدّي الذي تواجهه العديد من الشركات حول البلاد، وسيواصل المصرف برنامج Coin Buy Back حتى ينتهي الطلب عليه”.