أزمة كوريا الجنوبية.. ماذا بعد فشل توقيف الرئيس؟
الأزمة تستعر في كوريا الجنوبية عقب فشل محققين في توقيف الرئيس المعزول برلمانياً في حدث يضع البلاد على شفا سيناريوهات لا تخلو من مخاطر.
وأمس الجمعة، حاول المحققون توقيف يون سوك يول، لكنهم علّقوا هذا المسعى بعدما منعهم الأمن الرئاسي من تنفيذ مذكرة قضائية صادرة بحقه.
وفيما يلي السيناريوهات المحتملة في أزمة سياسية متواصلة منذ شهر إثر محاولة الرئيس فرض الأحكام العرفية، قبل انقضاء مهلة مذكرة التوقيف الإثنين، بحسب وكالة فرانس برس.
يمكن لمكتب التحقيق في فساد كبار المسؤولين أن يسعى لتنفيذ مذكرة التوقيف مرة أخرى قبل انقضاء مهلتها.
وقال المكتب بعد تعليق محاولة الجمعة إنه “سيتخذ القرار بشأن الخطوات المستقبلية بعد مراجعة إضافية”.
وفي حال توقيف يون قبل الإثنين، ستكون أمام المكتب 48 ساعة لطلب إصدار مذكرة جديدة لتوقيفه رسميًا، أو الإفراج عنه.
وكرر محامو يون التأكيد على أن مذكرة التوقيف الصادرة بحقه “غير قانونية”، متعهدين بـ”اتّخاذ إجراءات قانونية في ما يتعلق بتنفيذ التفويض خلافًا للقانون”.
من جانبه، اعتبر جهاز الأمن الرئاسي أن عناصر مكتب التحقيق “تطفلوا بشكل غير قانوني” على حرم مقر إقامة يون، مشيرًا إلى أنه سيقوم بتحميلهم المسؤولية القانونية عن هذا الأمر.
ورفض اثنان من كبار المسؤولين في الحماية الرئاسية طلب الشرطة الحضور للاستجواب السبت، وبرّرا ذلك بـ”الطبيعة الجدية” لمهمة حماية يون، بحسب بيان اطلعت عليه فرانس برس.
مذكرة جديدة
حتى في حال لم يتمكن مكتب التحقيق من توقيف يون قبل السادس من يناير/كانون الثاني الجاري، يمكن أن يطلب إصدار مذكرة جديدة صالحة لسبعة أيام. كما يمكن أن تكون أكثر صرامة، وتتيح إبقاء الرئيس موقوفًا أكثر من 48 ساعة.
ويرجح خبراء أن يوافق القضاء الكوري الجنوبي على إصدار مذكرة جديدة أكثر صرامة من سابقتها، نظرًا لأن الرئيس المعزول برلمانيًا رفض تلبية المذكرة القائمة، وسبق له أن رفض ثلاث مرات التجاوب مع مذكرات استدعاء لكي يتم استجوابه.
وقال المحلل السياسي بارك-سانغ بيونغ لوكالة فرانس برس، إن المذكرات الأشد صرامة تصدر عادة “عندما يرفض مشتبه به التعاون مع التحقيق”.
ولفت إلى أن يون “حرّض أيضًا وشجّع مناصريه (اليمينيين) المتطرفين، في ما قد تعتبره المحكمة من وجهة نظرها، إقرارًا عمليًا بالتهم الجنائية”.
لكن تنفيذ مذكرة جديدة قد يلاقي المصير ذاته في حال امتنع يون عن مغادرة مقر إقامته، وبقي بعهدة جهاز حمايته الذي يضم وحدة عسكرية.
الرئيس بالوكالة
ودفعت الأزمة المتواصلة منذ شهر والمواجهة التي وقعت الجمعة بين المحققين وجهاز الحماية الرئاسي، بمكتب التحقيق والحزب الديمقراطي المعارض إلى الطلب من تشوي سانغ-موك، رئيس الجمهورية بالوكالة، إصدار أمر لجهاز الحماية بالتعاون في القضية.
وقال مسؤول في مكتب التحقيق، الجمعة، إن 20 محققًا بمؤازرة 80 شرطيًا شاركوا في العملية، لكنهم واجهوا حوالي 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي شكلوا جدارًا بشريًا لمنعهم من المرور.
وأكد مكتب التحقيق أنه “يستحيل عمليًا تنفيذ مذكرة التوقيف طالما أن المسؤولين في جهاز الأمن الرئاسي يواصلون توفير الحماية” ليون.
ولم يدل تشوي، وهو أيضًا نائب لرئيس الوزراء ووزير للمالية ينتمي إلى حزب يون “قوة الشعب”، بأي تعليق بعد.
ويرجح خبراء أن طلب تشوي من جهاز الأمن التعاون مع التحقيق، سيزيد من فرص تنفيذ مذكرة التوقيف قبل الإثنين.
إلا أن تشوي يواجه انتقادات من حزبه بسبب تعيينه قاضيين لشغل اثنين من المناصب الثلاثة الشاغرة في المحكمة الدستورية التي تنظر في قرار البرلمان عزل يون.
وبهذا التعيين، زادت حظوظ مصادقة المحكمة على العزل، إذ بات ذلك يحتاج موافقة ست قضاة فقط من أصل ثمانية.
وقبل تعيين القاضيين، كان يمكن لصوت واحد ضد المصادقة على العزل أن يؤدي إلى عدم رفض المحكمة لقرار البرلمان، وبالتالي عودة يون إلى مزاولة مهماته.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميونغجي شين يول لفرانس برس، إنه بالنظر إلى السياق الراهن “من غير المرجح أن يتعاون تشوي مع طلب مكتب التحقيق” بشأن تعاون الأمن الرئاسي.
انتظار المحكمة
وبعد إقصاء يون، عزل البرلمان أيضًا أول رئيس بالوكالة، وهو هان داك-سو، على خلفية امتناعه عن ملء المناصب الثلاثة الشاغرة في المحكمة الدستورية.
وكانت المعارضة ترى في التعيين خطوة تعزّز حظوظ مصادقة القضاء على عزل الرئيس.
وأمام المحكمة الدستورية 180 يومًا للمصادقة على العزل أو ردّه، وإلى حين البتّ بذلك، يبقى يون رسميًا رئيسًا للجمهورية، لكنه لا يؤدي صلاحياته.
ويرى الخبراء أن نزع صفة الرئيس عن يون كان ليجعل مهمة المحققين أسهل في ملاحقته أو توقيفه رسميًا.
ويمكن لطول المهلة المتاحة أمام المحكمة للبتّ بالقضية أن تؤخر الإجراءات، علمًا بأن المحكمة تعهدت النظر فيها بسرعة نظرًا لأهميتها.
لكن محامي الدفاع عن يون يشددون على ضرورة أن تستنفد المحكمة كامل المهلة القانونية لكي تدرس “الظروف التي أدت إلى إعلان فرض الأحكام العرفية”.