أطراف النزاع الليبي تنهي الجدل وتضع العربة على سكة الانتخابات

بعد عام مضطرب عاشته ليبيا في خضم أزمة سياسية، تبدو بوادر انفراجة مع بداية 2023 في المسار الدستوري المؤدي للانتخابات.

جاء ذلك عقب لقاء جمع رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح ورئيس ما يعرف بمجلس الدولة خالد المشري انتهى ببيان مشترك تلقت “العين الإخبارية” نسخة منه.

ووفق البيان فإن الطرفين اتفقا بالقاهرة اليوم الخميس على “قيام اللجنة المشتركة بين المجلسين بإحالة الوثيقة للمجلسين لإقرارها طبقا لنظام كل مجلس”.

كما توافقا على “وضع خارطة طريق واضحة ومحددة تعلن لاحقا استكمال كل الإجراءات اللازمة لإتمام العملية الانتخابية، سواء التي تتعلق بالأسس والقوانين أو المتعلقة بالإجراءات التنفيذية وتوحيد المؤسسات”.

ووجه الجانبان الشكر إلى “مصر على احتضانها وتوفيرها الأجواء المناسبة لإجراء مباحثات المسار الدستوري التي أفضت إلى الاتفاق”، كما أثنى المسؤولان الليبيان على “دور الأطراف الدولية والمحلية وعلى رأسها بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا متمثلة في رئيس البعثة عبدالله باتيلي والدول الصديقة والشقيقة الساعية لاستقرار ليبيا وسلامة ووحدة أراضيها “.

وكانت مصادر برلمانية ذكرت أمس أن اجتماع الرجلين في القاهرة “سيبحث المضي في تنفيذ اتفاق المغرب الذي تم بين صالح والمشري في 21 أكتوبر 2022 “بقصد الاتفاق الذي جرى حول 3 نقاط وهي مباشرة عمل السعي للتوافق على قاعدة دستورية تقود للانتخابات وتغيير شاغلي المناصب السيادية لتوحيد مؤسسات الدولة المنقسمة وتوحيد السلطة التنفيذية في البلاد (الحكومة)”.

وعقب اجتماعهما اليوم، عقد صالح والمشري مؤتمرا صحفيا، أكد خلاله رئيس مجلس النواب الليبي أنه اتفق مع المشري على “الإسراع في إنجاز القاعدة الدستورية للانتخابات “.

وأشار إلى أن “الانتخابات هي الهدف لحل الأزمة الليبية ـ لكن يجب الاتفاق على القوانين المنظمة لها وذلك بالاتفاق بين مجلسي النواب والدولة وستصدر عنهما تلك القوانين وحين تكون الأمور جاهزة من الناحية اللوجستية والأمنية ستكون الانتخابات في أقرب الآجال”.

ولفت رئيس مجلس النواب الليبي إلى “الحاجة لسلطة موحدة لإجراء الانتخابات في ليبيا وسيكون هناك اتفاق بين المجلسين بشأن هذا الأمر وسيكون هناك لقاء في منطقة داخل ليبيا حول هذا الأمر”.

من جانبه، كشف المشري عن “التوافق مع مجلس النواب بشأن مشروع الوثيقة الدستورية باستثناء بند أو بندين”.

وأضاف: “في وقت سابق تم التوافق خلال جولات الحوار بين لجان المجلسين في الغردقة والقاهرة على عدة بنود فيما يخص القاعدة الدستورية حيث اتفق على وضع القوانين الانتخابية بتوافق تام بين المجلسين وفي حال عدم حدوث ذلك تعرض القوانين للاستفتاء وسماع رأي الشعب مصدر السلطات”.

وأوضح أن “هذه المرحلة التي توصلنا إليها متقدمة جدا ـ وأنهينا بها الكثير من الجدل واستطعنا بها وضع العربة على سكة الانتخابات للوصول بأسرع وقت ممكن”.

انفراجة ولكن

وتعليقا على ذلك، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعات الليبية فيصل باكير إن ” ما حدث اليوم في القاهرة بين الأطراف المتصارعة الليبية يعد إنجازا حقيقيا”.

وأضاف باكير في حديث أن “توافق أقطاب النزاع الليبي المتمثل في عقيلة صالح وخالد المشري يعد نقطة تحول في الأزمة الليبية خاصة وأنه جاء بعد شهر واحد من جولات أجراها المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي لعدة عواصم، طالبا ضغطا دوليا على القادة الليبيين لإنجاز القاعدة الدستورية التي تقود إلى حل الأزمة.

إلا أن الأكاديمي الليبي أعرب عن تخوفه من عدم توضيح مصير نقطة الخلاف الرئيسية في القاعدة الدستورية والمتمثلة في شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، مؤكدا أن تلك النقطة إن لم تحل بشكل جدي خلال مباحثات القاهرة اليوم ستكون قنبلة موقوتة في أي وقت قادم .

ورغم التفاؤل الذي بدا في حديثه حول مباحثات القاهرة اليوم إلا أن باكير قال أيضا إن “ما جري ليس كل شيء بل إن التنفيذ هو الأهم”، مؤكدا أن “الرجلين (عقيلة والمشري) سبق وإن اتفقا أيضا في المغرب إلا أن ذلك الاتفاق لم ينجز رغم أنهم وضعوا حينها مدة زمنية محددة لتنفيذ الاتفاق وهي قبل نهاية عام 2022 والذي انقضى دون حدوث ذلك.

وتابع: “هناك أطراف عديدة تعارض اتفاق المشري وصالح ومنها رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة كون أن أحد بنود اتفاقهما هو استحداث حكومة موحدة جديدة وهو ما يعني فقدان الدبيبة للسلطة “.

وذكر أيضا أنه عقب الاتفاق السابق بين صالح والمشري قد منعت ميليشيات مسلحة انعقاد اجتماع لمجلس الدولة في طرابلس والذي كان سيناقش خطوات تنفيذ اتفاق الجانبين، وسبق وأن منع لقاء بينهما في مدينة الزنتان كان سيناقش تنفيذ اتفاق المغرب وذلك بتعليمات من الدبيبة لعميد بلدية المدينة “.

واختتم الأكاديمي الليبي حديثه قائلا إن “كل تلك المعطيات تجعلنا لا نفرح كثيرا بما تم اليوم من توافق كون المعرقلين كثر لأي اتفاق “.

ومنذ مطلع العام الماضي تشهد ليبيا أزمة سياسية خانقة تتمثل في صراع بين حكومتين الأولى حكومة فتحي باشاغا التي كلفها مجلس النواب والثانية حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد يختاره الشعب من خلال انتخابات مقبلة، وفق قوله.

ولحل تلك الأزمة، أطلقت الأمم المتحدة مبادرة تقضي بتشكيل لجنة مشتركة من مجلس النواب وما يعرف بمجلس الدولة للتوافق حول قاعدة دستورية تقود البلاد إلى انتخابات في أقرب وقت ممكن.

وبعد مباحثات جرت في العاصمة المصرية القاهرة من 19 يونيو الماضي إلى 13 أبريل الماضي وفق ثلاث جولات لم تفلح اللجنة في تحقيق الهدف والتوافق حول بعض بنود القاعدة الدستورية والمتمثلة في شروط الترشح للانتخابات الرئاسية.

ذلك التعثر كان بسبب إصرار ممثلي الإخوان في لجنة المسار الدستوري التابعة لمجلس الدولة على إقصاء مزدوجي الجنسية وكذلك العسكريين من الترشح للانتخابات الرئاسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى