آخر الأخبارتحليلات و آراء

أوكرانيا تستعين بنظام جديد لإخفاء دباباتها عن أعين المسيّرات الانتحارية الروسية.. فهل ينجح بمهمته أم يفسدها؟

أسفر الغزو الروسي لأوكرانيا عن تحفيز سباق التسلح في مجال الطائرات المسيَّرة، فقد تزايد استخدام الجانبين للمركبات الجوية غير المأهولة في كثير من المهام المتنوعة. وأحدث إنجاز في هذا السباق هو جهاز تشويش يثبَّت على الدبابات، ويُنشئ حولها قبة واقية غير مرئية، تعمل على تشويش الإشارات الصادرة عن مسيَّرات “الكاميكيازي” الانتحارية، والإفلات بها من محاولات الرصد والهجوم عليها.

أوكرانيا تختبر حلاً جديداً للمسيّرات الانتحارية الروسية

تقول مجلة Popular Mechanics الأمريكية، إن طائرة الكاميكازي الانتحارية إحدى أخطر أنواع المسيَّرات التي تصاعد استخدامها في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وقد صارت المسيرات الانتحارية الروسية خطراً يحوم فوق القوات الأوكرانية في كل مكان، إذ لا تكاد تتوقف عن مطاردة الدبابات والمدفعية في مختلف ساحات المعركة.

وفي سياق المساعي الأوكرانية لمواجهة هذا الخطر، كشفت مدونة الدفاع الأوكرانية Militarnyi لأول مرة عن جهاز جديد للتشويش، يتكون من جهاز راديو لاسلكي يعمل في نطاق 900 ميغاهرتز، وقوة بثٍ تبلغ 50 واط. ويعمل الجهاز الجديد على قطع إشارة الاتصال بين المسيَّرة الانتحارية ومشغِّلها، فيفقد السيطرة عليها، ويسهل بذلك تحييد الطائرة عن أهدافها.

كيف تعمل المسيّرات الانتحارية الروسية؟

تحمل مسيَّرات “لانسيت” الانتحارية الروسية عبوةً ناسفة قادرة على اختراق 200 ملم من الدروع. وتستطيع أن تخترق الدروع غير السميكة لأسقف الكثير من الدبابات، وأبراج المدفعية التي تحمي المدافع وطواقهما.

وإذا كانت معظم الدبابات الأوكرانية مزوَّدة  بطبقة من التدريع الفعال على سطحها لتخفيف البلازما النفاثة التي تنتج عن انفجار “الحشوة المشكَّلة” Shaped charge في مضادات الدروع، فإن المدفعية الأوكرانية لا تتمتع بهذه الحماية.

ولذلك، فإن لدينا الكثير من مقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تظهر فيها مسيرات لانسيت الروسية وهي تستهدف المدفعية الأوكرانية بنجاح.

جهاز تشويش في صندوق.. هل ينجح بمهمته أمام المسيَّرات الروسية؟

يُركَّب جهاز التشويش على سطح برج الدبابة، خلف فتحة القائد، وفي أعلى نقطة من الدبابة. ويوضع الجهاز الإلكتروني داخل صندوق مقاوم للماء، ثم في صندوق معدني مغلق للحماية من نيران العدو. ويخرج من الصندوق هوائي يستخدم لبث إشارة التشويش.

ذكرت مدونة Militarnyi الأوكرانية أنه لم يتضح بعدُ إذا كان جهاز التشويش يستمد الطاقة من بطارية ملحقة به أم يكون موصلاً بالدبابة، ولكن حجم الطاقة التي يسحبها الجهاز (50 واط)، وتركيب الصندوق على بُعد بضع بوصات عن فتحة خزان الدبابة يشيران إلى أن الكابل يسحب الطاقة من النظام الكهربائي للدبابة.

وعلى الرغم من أن هذا قد يتطلب فتح الخزان أثناء بث جهاز التشويش، فإن غالب الأمر أن الطاقم سيستخدم الجهاز حين تكون الدبابة متوقفة. وعادة ما يصعب إصابة الدبابات المتحركة على أي حال.

أما النطاق “900 ميغاهرتز” الذي يستهدفه جهاز التشويش، فتستعمله المسيَّرات المدنية بعيدة المدى؛ والطول الموجي للإشارة هو ذاته الذي تعمل عليه مسيَّرات لانسيت الروسية. ومن المعروف أيضاً أن القوات الروسية تستعمل المسيَّرات المدنية للاستطلاع، ولذلك تشتريها بأعداد كبيرة في السوق العالمية.

لكن هل يسلِّم الجهاز الأوكراني الصيد إلى صائده دون عناء؟

يعتري جهاز التشويش اللاسلكي بعض العيوب؛ فهذا النطاق (900 ميغاهرتز) يشيع استخدامه أيضاً في الاتصالات الصوتية، ومن ثم فإن المركبة يجب أن تستخدم نطاقاً مختلفاً عند البث، وإلا انقطعت عن الوحدات الأخرى. وهذا العيب قد يفضي إلى فقدان التنسيق بين المركبات في ساحة المعركة حين تشغِّل أجهزة التشويش لمواجهة المسيَّرات. علاوة على ذلك، فإن الجهاز سيشوِّش بهذه الإشارة أيضاً على المسيَّرات الصديقة.

ومن عيوب هذه الأجهزة كذلك أن إشارة البث التي تستخدمها (50 واط) ستعلن عن الدبابة ومكان وجودها لأي طرف يراقب هذه الإشارة، ومن ثم إذا كانت هناك قوة معادية قريبة، فإنها تستطيع اكتشاف أجهزة التشويش المركبة بالدبابة، وتحديد موقعها الجغرافي، ويمكنها بذلك أن تحصي عدد الدبابات والمركبات القتالية، وأن تعرف مواقعها.

على الرغم من ذلك، فإن المخاطرة باستغلال العدو لهذه العيوب أقل ضرراً من ترك الدبابات عرضة للاستهداف بالمسيّرات. ومن جهة أخرى، فإن التحكَّم بالمسيَّرات باستخدام إشارة الراديو يوجب على القادة العسكريين أن يُحسنوا معرفة متى يخفون بصماتهم الكهرومغناطيسية ومتى يكشفونها، لأن العدو قد يكون لديه أجهزة تشويشه الخاصة، وقد تتحرك قواته وتتأهب لشنِّ هجماتها من دون أن تستخدم المسيَّرات.

الخلاصة، قد تكون أجهزة التشويش منقذاً للدبابات من مسيَّرات العدو الانتحارية، ولكنها قد تحرم المدرعات والمسيّرات الصديقة من التواصل مع بعضها في الوقت ذاته. ولمَّا كان الاعتماد على الطائرات المسيّرة ما انفك يتزايد ويتوسع في مختلف أنواع العمليات الحربية، فإن القوات العسكرية صار من الواجب عليها أن تعدَّ الخطط اللازمة لمواجهتها في الجو وعلى الأرض وفي البحر. وهذا الأمر أشد صعوبة في حرب لا تزال تدور رحاها، مثل حرب أوكرانيا، إذ إن الأسلحة قد تتطور وتتعزز قدراتها في غضون أسابيع، ومن ثم يقع على الطرف الآخر أن يسارع بابتكار تدابير مضادة، وإلا يخسر الحرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى