أيها الهواء.. ديوان جديد للشاعر شربل داغر
ويعتقد الكثيرون أن التأمل يتم بإغماض العينين والاستماع والإصغاء لصوتنا الداخلي، لكن الشاعر داغر يتشافى وهو يحدق، ويستشعر التفاصيل ويلتقطها بحدسه، ويحولها إلى مشهديات متخيلة ومذهلة، ويجسد اللحظة قصيدة كما تلقاها من المستوى الأرهف، فيتحرر منها وينتقل إلى أخرى.
وتلفت “الجوهري” في مقدمتها لديوان “أيها الهواء، يا قاتلي”: يظهر جليا ما شغله في كتابه من تأثيرات وتداعيات وباء الكورونا بقصائده:”يا حياة اشتقت إليك”.
كانت السلاح الذي شهرَه لتحديها بقوله في أحد مقاطعها:”لن يبقى دائما إصبعي.. سأكتب به لكي أهرب خوفي من مهاوي الألفاظ. لكي اشغل نفسي بما يجدد الشعور بالحياة.
لا وباء في الكلمات، بل مناعة، إذ تجند قوى الخيال أرحم من المسعفين، ولها عيش أجمل من حياتي في مثل هذه الأيام، التي تحيلني إلى هشاشتي، إلى غيابي، يا حياة اشتقت إليك”.
يضم الكتاب ما يقارب مئة وسبعة عشر نصا بين قصيدة وومضة غنية ودسمة. كتبتُ قرب كل منها ملاحظة صغيرة فكانت “ما أجملها” هي الطاغية.
العناوين كثيرة ومتنوعة ضمت إلى جانب الكورونا والحجر انفجار مرفأ بيروت، والشغف، واستدعاء النوستالجيا التي تعيد إحياء ما تبقى من إمكانية للحياة.
وكتب قصائده في أحوال تأملية يشاهد نفسه ويحكي تفاصيل وكأنه خارجها. يلتقط اللمسة، البسمة، الصوت، الإشارة، وذلك الرنين الذي اعجبني استخدامه للنظر والماء. خلال القراءة حاولت تفكيك المشهد ودراسته ثم جمعه، توقفت أحيانا عن المتابعة. فبعض القصائد يجعلني أشعر بالامتلاء، واتوقف لأبدأ بأخذ جرعتي الجديدة.