إسرائيل تتبرع بفائض لقاحات كورونا التي تمتلكها! منعتها عن الفلسطينيين وقررت منحها لحلفائها
وجاء ذلك في ظل التأكيدات التي وردت عن حكومتي جمهورية التشيك وهندوراس، الثلاثاء 23 فبراير/شباط، بأن الحكومة الإسرائيلية قد وعدت كل دولة منهما بمنحها 5 آلاف جرعة لقاح كورونا من صناعة شركة “موديرنا” الأمريكية. كما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن حكومة بلادهم سترسل كميات مماثلة إلى المجر وغواتيمالا.
ومع ذلك فقد رفضت الحكومتان المجرية والإسرائيلية التعليقَ على هذه الأنباء، كما لم ترد الحكومة الغواتيمالية على طلب للتعليق، بحسب الصحيفة الأمريكية.
إسرائيل تتبع “دبلوماسية اللقاح”
التبرعات من هذا النوع باتت تمثّل تعبيراً جديداً عن آخر صيحات القوة الناعمة فيما بات يُعرف بـ”دبلوماسية اللقاح”، حيث تسعى الدول التي لديها وفرة من لقاحات كورونا إلى مكافأة الدول الحليفة التي يعوزها اللقاح أو فرض نوع من النفوذ على غيرها.
وفي هذا السياق، تشير الصحيفة إلى أن الصين والهند تبرّعتا بآلافٍ من جرعات اللقاح لجيرانهم، بحثاً عن مزيد من النفوذ لهم في آسيا، كذلك فعلت الإمارات الشيء نفسه مع حلفاء مثل مصر. وفي الأسبوع الماضي، وعدت إسرائيل بشراء عشرات الآلاف من الجرعات نيابةً عن الحكومة السورية، عدوها القديم، مقابل إعادة مدني إسرائيلي محتجز في سوريا.
من جانب آخر، ومع أن اللقاحات التي منحتها إسرائيل أخيراً تبدو ممنوحة دون شروط، فإنها واقع الأمر تعد مكافأة مضمرة من إسرائيل تجاه الدول المستقبِلة التي تقبل ضمنياً بالسيادة الإسرائيلية على القدس، التي يعتبرها الإسرائيليون والفلسطينيون عاصمتهم. وقد سبق بالفعل أن نقلت غواتيمالا سفارتها إلى القدس، في حين تعهدت هندوراس بالقيام بذلك في وقت قريب.
وعلى النحو ذاته، افتتحت المجر مكتب تمثيل دبلوماسي لها في القدس، ووعدت التشيك بفتح مكتب دبلوماسي لها هناك.
كانت إسرائيل قد أعطت جرعة واحدة على الأقل من لقاح “فايزر- بيونتيك” لما يزيد على نصف سكانها البالغ عددهم 9 ملايين نسمة، وتضمن ذلك السكان الذين يعيشون في المستوطنات اليهودية المقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد 1967- كما أن ذلك قد جعل الحكومة الإسرائيلية قادرة على تعزيز علاقاتها الدولية بما توفر لديها من فائض المعروض من لقاحات موديرنا.
لكن ماذا عن الفلسطينيين؟
لكن، على الجهة الأخرى، فإن تلك الخطوات أثارت غضب الفلسطينين، لأنها تبيّن بجلاء أن حلفاء إسرائيل لهم أولوية أكبر من الفلسطينيين الذين يعيشون جبراً تحت السيطرة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وجميعهم تقريباً لم يتلقوا لقاحاً بعد.
في المقابل، تعهدت إسرائيل بالفعل بتقديم ضعف كميات اللقاح التي منحتها الآن لدول أجنبية، كما وعدت بتوفير اللقاح لما يقرب من خمسة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتقول الحكومة الإسرائيلية إن السلطة الفلسطينية يقع عليها، بحكم اتفاقيات أوسلو، مسؤولية تنظيم الرعاية الصحية في المناطق الخاضعة لحكمها في الأراضي المحتلة.
ومنحت إسرائيل ألفي جرعة لقاح للسلطة الفلسطينية، ووعدت بنحو 3 آلاف جرعة إضافية، وهي كميات لا تمثل شيئاً ذا بال بالقياس إلى عدد السكان الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن إسرائيل ألمحت إلى أن مزيداً من جرعات اللقاح قد يأتي، فإنها لم تُضِف أي نوع من الطابع الرسمي على إجراءات القيام بذلك.
من جانبه، قال مارك ريغيف، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن “الفيروس لن يتوقف عند الحدود، وإسرائيل لديها مصلحة قوية للغاية في أن يكون الفلسطينيون في صدارة التعاون” فيما يتعلق بتوفير اللقاحات.
ومع ذلك، قال مسؤول أمني إسرائيلي، مساء الثلاثاء 23 فبراير/شباط، إن الدائرة العسكرية التي تنسق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لم تتلقَّ بعد تفويضاً حكومياً بإيصال مزيد من اللقاحات إلى السلطة الفلسطينية.
من جهة أخرى، يقول مراقبون معنيون بحقوق الإنسان إنه يجب على إسرائيل تنظيم برنامج لتوزيع اللقاح بطريقة منهجية في الأراضي المحتلة، بدلاً من تقديم كميات متقطعة يقتصر كل منها على بضعة آلاف جرعة في المرة الواحدة. ويستشهد هؤلاء الخبراء بما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة، التي تُلزم القوة المحتلة بالتنسيق مع السلطات المحلية للحفاظ على الصحة العامة داخل الأراضي الخاضعة للاحتلال، ويشمل ذلك حالات تفشي الأوبئة.
كما أشارت مجموعات حقوق الإنسان إلى واقع أن الحكومة الإسرائيلية لا تسيطر فقط على جميع الواردات إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن أيضاً إلى حقيقة أنها، وفقاً للمذكرات الأخيرة للمحكمة الجنائية الدولية، حالت دون مطالبات الفلسطينيين بإقامة دولة ذات سيادة.
عرقلة تطعيم ملايين الفلسطينيين
ويواجه الفلسطينيون تحديات في تطعيم المواطنين بجميع أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة، اللتين يعيش فيهما 5.2 مليون فلسطيني، إذ تسيطر إسرائيل على جميع نقاط الدخول والخروج إلى الضفة الغربية ومعظم الحدود الساحلية والبرية لقطاع غزة، باستثناء الحدود الضيقة المجاورة لمصر في الجنوب.
كما تفرض إسرائيل حصاراً على القطاع الساحلي، بسبب مخاوف أمنية من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تسيطر على غزة منذ عام 2007. كما تفرض مصر قيوداً على القطاع.
فقد اتهم فلسطينيون وجماعات حقوقية إسرائيل، وهي من رواد توزيع لقاحات كورونا، بتجاهل واجباتها كقوة احتلال من خلال عدم إدراج السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة في برنامج التطعيم الخاص بها.
فيما قال مسؤولون إسرائيليون إنه بموجب اتفاقات أوسلو للسلام، فإن وزارة الصحة الفلسطينية مسؤولة عن تطعيم الناس في غزة ومناطق من الضفة الغربية، حيث تتمتع السلطة الفلسطينية بحكم ذاتي محدود.
مع العلم أن السلطة الفلسطينية بدأت في تطعيم العاملين الصحيين بالضفة الغربية، في 2 فبراير/شباط، بعد تلقي شحنة صغيرة من لقاحات شركة موديرنا من إسرائيل.