إنذار أوروبي لبريطانيا.. منتصف ليل الأحد موعد نهائي لاتفاق تجاري
أصدر نواب الاتحاد الأوروبي إنذارا مدته 3 أيام للمفاوضين الأوروبيين والبريطانيين للتوصل لاتفاق.
وعبر الكثير منهم عن شكواهم من تهميشهم والاضطرار للموافقة تلقائيا على اتفاق دون إجراء مشاورات مناسبة بشأنه.
وقال قادة المجموعات السياسية بالبرلمان الأوروبي إن البرلمان “مستعد” لعقد جلسة طارئة للمصادقة، لكن فقط “إذا تم التوصل لاتفاق بحلول منتصف ليل يوم الأحد (المقبل)”.
ورسميا وضع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، الخميس، حلا لنزاع ممتد لأشهر يتعلق باتفاق الانسحاب من التكتل “بريكست”، على الرغم من أن كل الأنظار لا تزال مصوبة على مفاوضات بشأن اتفاق تجاري مهم، يفترض أن يتم العمل به بعد أقل من أسبوعين.
وبات الجانبان قريبين، الخميس، من التوصل إلى اتفاق تجاري ما بعد بريكست مع الأمل في أن تفضي مفاوضاتهما الشائكة إلى نتائج في نهاية الأسبوع، رغم الخلافات العميقة حول ملف الصيد البحري.
وأعلن المفاوض الأوروبي ميشال بارنييه أمام النواب الأوروبيين أن التوصل إلى اتفاق لما بعد بريكست مع المملكة المتحدة بحلول الجمعة “صعب ولكنه ممكن”، بشرط تحقيق تفاهم حول ملف الصيد البحري الذي يمثل حجر عثرة.
وقالت رئاسة الوزراء البريطانية إن بوريس جونسون سيجري اتصالا الخميس في الساعة 19,00 بتوقيت جرينتش مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين.
وتأييدا للموقف الفرنسي، أشار مصدر في وزارة الخارجية الألمانية إلى “بوادر لكسر الجمود” في الجانب البريطاني.
من جهتها، خفضت لندن من سقف الطموحات للتوصل إلى اتفاق بسرعة، واعتبر الوزير البريطاني مايكل جوف أن “عدم التوصل لاتفاق أكثر ترجيحا” حاليا.
وقال نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماركوس سيفكوفيتش في بيان مقتضب الخميس، بعد مباحثات مع وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني مايكل جوف، إننا “صادقنا على قرارات رسمية وحلول عملية أخرى، تضمن سريان اتفاق الانسحاب في الموعد المحدد”.
ويشرف الرجلان على تنفيذ الاتفاق.
وكانت لندن وافقت الأسبوع الماضي على إلغاء فقرات من قانونها “السوق الداخلية” المثير للجدل، والذي يمنح بريطانيا السلطة لإلغاء أجزاء من اتفاق انسحابها مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما دفع المفوضية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، للبدء في إجراء قانوني ضد بريطانيا.
لكن هذا النزاع، الذي يتركز على ترتيبات لتفادي وجود حدود أيرلندية صارمة، كان فقط جانبا من المشهد الرئيسي، حيث تجرى مباحثات للتوصل لاتفاق بشأن علاقة الطرفين عموما في المستقبل، بما في ذلك التوصل لاتفاق تجاري ضخم.
وانسحبت بريطانيا رسميا من الاتحاد الأوروبي بنهاية يناير/كانون الثاني الماضي، لكنها لا تزال في السوق الموحدة خلال فترة انتقالية تنتهي بنهاية العام الجاري. وإذا لم يتم التوصل لاتفاق، سيتم فرض تعريفات وإجراء عمليات فحص جمركي عوضا عن ذلك.
وستخضع المبادلات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى قواعد منظمة التجارة العالمية، ما يعني فرض رسوم جمركية وحصص، مع ما يرافق ذلك من تداعيات على اقتصادات متضررة أصلا من فيروس كورونا المستجد.
وحيال هذه الشكوك أعدت الدول الأوروبية تدابير طارئة للحفاظ على الرحلات الجوية والنقل البري مع بريطانيا لستة أشهر إذا التزمت لندن أيضا بذلك. ووافق البرلمان الأوروبي الخميس، على تدابير مؤقتة لضمان استمرارية حركة المرور تحت المانش بين فرنسا وبريطانيا.
– “مصداقية”
وفي ختام لقائهم مع بارنييه، حذر النواب الأوروبيون أنهم في حال لم يتلقوا نص اتفاق بحلول “منتصف ليل الأحد”، لن يتوفر لهم ما يكفي من الوقت للمصادقة عليه ليدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير/كانون الثاني 2021.
وأشار رئيس كتلة الخضر فيليب لامبيرتس إلى أن المهلة الممنوحة للبرلمان قصيرة جدا في نظره.
وأضاف محتجا “بالنظر إلى حجمها وأهميتها السياسية، لا يمكن للبرلمان أن يعتمد هذه الاتفاقية في بضعة أيام”.
وبدون مصادقة البرلمان هذا العام، يمكن أن يدخل الاتفاق المستقبلي حيز التنفيذ بشكل مؤقت في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل. وتعتبر الدول الأعضاء أن هذا الخيار هو “الأفضل”، وفق ما أفاد مسؤول أوروبي كبير، وسيكون حينها على البرلمان النظر فيه والمصادقة عليه بأثر رجعي.
من جهتها، قالت رئاسة الوزراء البريطانية إنه يمكن في حال التوصل لاتفاق استدعاء برلمان البلد للانعقاد خلال 48 ساعة، بعد أن علق أعماله الخميس، ويشمل ذلك نهاية الأسبوع.
– “تقدم جيد”
وأشار ميشال بارنييه قبل لقائه مع نواب البرلمان الأوروبي إلى تحقيق “تقدم جيد” في النقاشات، رغم وجود “عقبات”، وذكّر أن الاتحاد الأوروبي لن يوقع إلاّ على “اتفاق يحمي مصالحه ومبادئه”.
وتحسنت في الأيام الأخيرة فرص التوصل إلى اتفاق مع تحقيق تقدم، لكن ما يزال ملف الصيد البحري المهم بالنسبة لعدد من الدول الأعضاء على رأسها فرنسا وهولندا يمثل حجر عثرة في المفاوضات.
وقال بارنييه للنواب إن الاتحاد الأوروبي قبل مبدأ وضع “فترة انتقالية”، بدون أن يحدد مدتها، تستعيد المملكة المتحدة في نهايتها السيطرة على مياهها ويمكنها نظريا غلقها أمام الصيادين الأوروبيين. ويطالب الاتحاد بتعويضات في حال منع صياديه من العمل في مياه المملكة.
ووفق مشاركين في الجلسة، شدد المسؤول الأوروبي على أن “المملكة المتحدة تعلم أنه دون تفاهم حول الصيد، لن يكون هناك اتفاق”.
أما الملفان الآخران اللذان يعيقان تقدم المفاوضات، وهما شروط المنافسة العادلة وطريقة إدارة الاتفاق المستقبلي، فيبدو أنهما في طريقهما للحل.
فيما يخص الضمانات التي يطالب بها التكتّل في ملف المنافسة لضمان فرص عادلة أمام شركات الطرفين، يبدو أن المملكة المتحدة قدمت تنازلات.
ووفق مشاركين، التزمت لندن بعدم التراجع عن الشروط المتفق عليها.
وفي حال قدّر أحد الطرفين أنه جرى الإخلال بالاتفاق، يمكنه اتخاذ تدابير مضادة على غرار فرض رسوم جمركية على قطاعات بعينها، إذ يمكن للاتحاد الأوروبي أن يفرض مثلا ضرائب على صناعة السيارات البريطانية في حال لم تحترم لندن القواعد المتعلقة بالبيئة في قطاع صناعي آخر.