إنسانية المافيا … طرد الأجانب

سليم يونس

“إنها محاولة للإضاءة على الأحداث من زوايا أخرى، بقراءة تستهدف استنطاق الأقوال والتصرفات بما لا يفصح عنه ظاهرها، من خلال مشاكسة الظاهر من اللغة، بتفكيك محتواها عبر طرح الأسئلة المخالفة التي ربما لا ترضي الكثيرين، كونها تفتح نافذة للتفكير ربما المفارق… ولكنه الضروري، من أجل أن نعيد لفضيلة السؤال والتفكير قيمته…أليست مشاكسة”؟

إنسانية المافيا..

“كشفت مواقع إيطالية، أن أشهر عصابات المافيا الإيطالية المنظمة تبرعت بأموال طائلة لفائدة مختبر يعمل على اكتشاف لقاح فعال للوباء الذي حطم الطاقة الصحية في إيطاليا.

وذكرت نفس المصادر تبرع: مافيا صقلية كوزا نوسترا ب500 مليون يورو، مافيا نابولي كامورا ب 100 مليون يورو، ومافيا كلابريا ندرانغيتا ب 160 مليون يورو”.

مشاكسة… كيف يمكن توصيف فعل التبرع الذي قامت به عصابات المافيا الإيطالية المنظمة؟  وهل يجوز القبول به كفعل إنساني لا تقتصر مفاعيله على إيطاليا، وإنما على العام كله؟ وهل يمكن ربط وتكييف هذا التصرف من قبل عائلات المافيا، بالهدف الذي قدم من أجله، وهو المساهمة في الحرب على فيروس كوفيد-19 المستجد، عبر اكتشاف لقاح فعال له؟  ثم إذا كان فيروس كورونا قد ظهَّر النوازع الإنسانية والحس والغيرة الوطنية لعائلات الجريمة المنظمة في إيطاليا ” الكافرة”، في رأي البعض، فلماذا لم تحرك كارثة كورونا، الحد الأدنى من الحس الإنساني لدي تجارنا وأثرياءنا المؤمنين؟! ثم أين مساهمات أثرياء العرب والمسلمين في مواجهة تداعيات كورونا الاقتصادية والمعيشية، التي جعلت الكثير من العائلات، تعيش على الخبز فقط، وإن وُجد؟ ثم أين الحس الإنساني والأخلاقي والديني لدى التجار في بلادنا، الذين تغولوا على الناس بالرفع غير المبرر، الذي لا يخضع لقانون العرض والطلب الاقتصادي، لأسعار السلع الضرورية، وإنما يحكمه جشعهم وانعدام الحس الإنساني بالآخر لديهم؟ ثم ألا يعتبر انحياز المافيا في هذه القضية المحددة، أكثر إنسانية ونبلا، ممن يديرون الظهر من أثريائنا لشعوبهم في هذه المحنة الإنسانية غير المسبوقة؟ ثم الا يعتبرون أكثر نبلا وحسا إنسانيا من تجارنا الذين فقدوا إنسانياتهم، بأن أصبح لا همَّ لهم سوي تحقيق أعلى هامش ربح، على حساب حياة الملايين، حتى لو عاشوا على الخبز والماء؟!

طرد الأجانب..!

“دعت الفنانة الكويتية الشهيرة حياة الفهد لترحيل الوافدين الأجانب المصابين بالكورونا من الكويت، عبر مداخلة في برنامج تلفزيوني. كما طالبت بطرد العمالة الوافدة المقيمة في الكويت إلى الصحراء، وتقدر نسبة تلك العمالة بـ 70% من عدد سكان الكويت التي تبلغ 4 ملايين نسمة”.

مشاكسة...هل كان للكويت أن تكون هي الكويت دون هؤلاء الوافدين؟ ثم هل يفرق فيروس كورونا بين مواطن كويتي أصيل وبين الكويتي من فئة “البدون”، وأيضا بين الرعايا الأجانب الذين قامت على أكتافهم الكويت الحديثة؟ ثم ألا تعكس هذه الدعوة وجود تيار ينظر بدونية إلى الآخر؟ ثم ألا يعكس هذا السلوك ضعف، إن لم نقل غياب قيم النزاهة بمعناها الفكري والأخلاقي، لأولئك الذين يشعرون بالتعالي على غيرهم؟ ثم هل طرد هذه الملايين إلى الصحراء، سيجعل فيروس كورونا يتصالح مع الكويتيين من أمثال حياة الفهد؟  ثم هل هذه هي القيم الإنسانية التي يعبر عن ويثقف بها فن التمثيل الذي تمتهنه؟ ثم أي نموذج للثقافة وللحس والقيم الإنسانية تمثله حياة الفهد بدعوتها تلك، مقارنة بالسيدة البلجيكية سوزان التي تقارب الممثلة الكويتية سنا، التي رفضت بعد نقلها للمستشفى وضعها على الجهاز التنفسي الاصطناعي، وقالت ” لقد عشت حياة سعيدة، اتركوا ذلك الجهاز لمن هم أصغر سنا؟ ثم هل الحس الإنساني والشعور بالآخر ومد يد العون له، لها علاقة بنوع الدين أو العرق أو الجنس؟ أم أنها قيم إنسانية فوق كل هذه التقسيمات؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى