اجتماع “أوبك+” المرتقب هل ينقذ النفط من وطأة كورونا؟
دفعت المخاوف من تحول فيروس كورونا المستجد أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في أكثر من عام بنهاية تداولات يوم الجمعة في الأسواق العالمية، والأنظار تتجه إلى اجتماع أوبك+ يوم الجمعة المقبل لتخفيف الضغوط على الخام.. لكن هل ينجح في مهمته؟
وسجل خام (برنت) والخام الأمريكي غرب تكساس في تداولات يوم الجمعة أدنى إقفال لكل منها منذ ديسمبر/كانون الأول 2018، إذ بلغ خام برنت تسليم أبريل/نيسان المقبل 50.52 دولار للبرميل، في حين بلغ الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 44.76 دولار عند التسوية، وسط تأجج المخاوف من تأثر الطلب على الطاقة بفعل تباطؤ الاقتصاد العالمي جراء الفيروس.
وتوقع آخر تقرير لوكالة الطاقة الدولية تراجع الطلب العالمي على النفط في الربع الأول من عام 2020 للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية عامي 2008 و2009 نظرا إلى تفشي الفيروس عالميا، مبينا أن عواقب الفيروس بالنسبة للطلب العالمي على النفط ستكون كبيرة.
ويأتي ذلك في ضوء رفع منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة الماضي درجة التأهب للخطر من الفيروس إلى “مرتفع جدا”، إثر انتشاره السريع في دول متفرقة من العالم.
وتتجه الأنظار إلى المؤتمر الوزاري الاستثنائي الـ178 لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) والاجتماع الوزاري الثامن لتحالف (أوبك +)، المقررين يومي الخميس والجمعة المقبلين على التوالي في العاصمة النمساوية فيينا.
ومن شأن أي تخفيض إضافي يقره اجتماع (أوبك +) المرتقب أن يسهم في إعادة التوازن لأسواق النفط العالمية، ودعم استقرار الأسعار والحد من انخفاضها.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن الرئيس فلاديمير بوتين قوله، اليوم الأحد، إن أسعار النفط الحالية مقبولة، وإن روسيا تملك الأدوات للتعامل مع أي آثار سلبية لانتشار فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي.
أضاف بوتين أنه ينظر إلى مجموعة أوبك+ كآلية فعالة للحفاظ على الاستقرار طويل الأجل، مضيفا أن على روسيا أن تكون مستعدة لشتى الاحتمالات في أسواق النفط عقب تراجع عالمي في أسعار الخام بسبب بواعث القلق من الفيروس.
وكان تحالف (أوبك +) الذي يضم 24 دولة منتجة من داخل (أوبك) وآخرين مستقلين بقيادة روسيا اتفقوا خلال آخر اجتماع لهم في 6 ديسمبر/كانون الأول الماضي على زيادة حجم خفض الإنتاج بواقع 500 ألف برميل يوميا، ليصبح بذلك الخفض الإجمالي المقرر 1.7 مليون برميل يوميا، اعتبارا من بداية العام الجاري وحتى نهاية مارس/آذارالجاري.
وتوقع خبراء نفطيون اليوم الأحد أن تدور أسعار النفط خلال العام الجاري بين 50 و60 دولارا للبرميل، موضحين أن مخرجات وقرارات اجتماع (أوبك +) المقبل ستعتمد على تقدير مدى انتشار فيروس كورونا المستجد وإمكانية احتوائه، وفقا لوكالة الأنباء الكويتية.
وقال الخبير النفطي أحمد حسن كرم لـ(كونا) إن أحد أسباب انخفاض أسعار النفط هو الاكتفاء الذاتي للاقتصاد الأمريكي من إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة وانتشار فيروس كورونا المستجد.
وأوضح كرم أن قرارات (أوبك +) بخفض الإنتاج من شأنها أن تخلق حالة من التوازن في الأسواق النفطية وتحد من انخفاض الأسعار.
وذكر أن اجتماع (أوبك +) المقبل سيراجع حالة الأسواق العالمية الاقتصادية والنفطية، وبعدها سيتم اتخاذ قرار بكمية الخفض التي من شأنها أن تعيد أسعار النفط إلى المستويات المطلوبة، متوقعا أن تدور أسعار النفط في 2020 بين 50 و60 دولارا للبرميل.
من جانبه، قال أستاذ هندسة البترول بجامعة الكويت الدكتور أحمد الكوح لـ(كونا) إن أسعار النفط شهدت خلال الأسبوع الماضي أسوأ أداء أسبوعي منذ عام 2008، لافتا إلى أن هناك “هبوطا قويا في الطلب”، نظرا لتوقف الكثير من المنشآت في الصين التي تعتبر أكبر مستورد للنفط في العالم.
وأشاد الكوح بجهود (أوبك) و(أوبك +)، إذ أسهمت في خلق حالة من الاستقرار في الأسواق النفطية، لأنها تنتج نحو 40% من إنتاج النفط العالمي.
وأوضح أنه في حال انخفاض أسعار النفط تتجه الأنظار إلى (أوبك +) لزيادة نسب خفض الإنتاج، مبينا أن هناك توقعات تشير إلى احتمال خفض بواقع مليون برميل إضافي فوق التخفيض الحالي البالغ 1.7 مليون برميل.
وشدد على أهمية توقيت اجتماع (أوبك بلس) يوم الجمعة المقبل، لافتا إلى أن استمرار انخفاض أسعار النفط سيؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، إذ إن النفط “يقع في صلب هذا الاقتصاد”.
ويميل عدة أعضاء رئيسيين في أوبك لخفض إنتاج النفط على نحو أكبر مما كان متوقعا من قبل، حسب ما قالته 4 مصادر مطلعة على سير المحادثات لرويترز، مع هبوط أسعار الخام إلى 50 دولارا للبرميل بفعل المخاوف من تضرر الطلب جراء الانتشار العالمي لفيروس كورونا.
وتدرس السعودية، أكبر منتج في أوبك، وبعض الأعضاء الآخرين الاتفاق على خفض الإنتاج مليون برميل يوميا للربع الثاني من 2020، بما يتجاوز المقترح الأصلي البالغ 600 ألف برميل يوميا، وفقا للمصادر.
وفي حين تدعم السعودية تعميق خفض الإنتاج فإن روسيا لم تعلن بعد موقفها النهائي، وسجل موسكو حافل بعدم الموافقة على إجراءات أوبك+ إلا في اللحظات الأخيرة، وبعد ممانعة.
ودفع الفزع من كورونا أسواق الأسهم العالمية والمعادن الصناعية والنفيسة للتهاوي هي الأخرى، بخسائر تصل إلى 5 تريليونات دولار.
ويواصل فيروس كورونا المستجد انتشاره في العالم مع تسجيل زيادة جديدة في عدد الإصابات في الصين، وأولى الوفيات في الولايات المتحدة وأستراليا.
وباتت حصيلة وباء كوفيد-19 تقارب 3 آلاف حالة وفاة من أصل أكثر من 86 ألف إصابة في نحو 60 بلدا، من بينها نحو 80 ألف إصابة و2870 وفاة في الصين وحدها، حيث أدت التدابير المتخذة منذ نهاية يناير/كانون الثاني الماضي لاحتواء انتشار الفيروس إلى شل النشاط إلى حد كبير.