الأسيرات الفلسطينيات ومسيرة  نضالية في سجون الاحتلال الصهيوني

تقرير:إعداد..هناء الزريعي

ساهمت المرأة الفلسطينية عبر مسيرتها النضالية في دور فعال في تاريخ الشعب والثورة الفلسطينية وتركت بصمة قوية لها، ومنذ بدايات الصراع مع المحتل؛ لعبت دورًا هاماً في التصدي للمحتل الإسرائيلي؛ فحملت السلاح وشاركت في الثورات، ونظمت المظاهرات والاحتجاجات؛ وتعرضت فيها إلى أبشع أنواع التعذيب والمعاملة المهينة، وصدرت بحقها الأحكام الجائرة ما جعلها تتجرع كأس المرارة والظلم؛ فاستشهدت، وجُرحت، وأسرت، وأبعدت؛ لكن كل ذلك لم يثنها أو يحبط عزيمتها؛ فكانت شعلة منيرة في طريق النضال والكفاح في سبيل الوطن، ولتظهر صورة أخرى مشرفة للمرأة, ولتضرب لنا أمثلة خالدة عبر السنوات في الصمود في وجه العدوان الصهيوني، نضال وتضحيات مستمرة حتى تحرير كل بقعة مسلوبة من الأراضي المحتلة.

 

1967 وبداية المعاناة

منذ العام 1967 كانت سجون الاحتلال ساحات للصراع بين المرأة الفلسطينية والسجان المحتل، الذي حاول بكل السبل كسر إرادتها؛ إلا أنها صمدت، لتضيف إلى سجل تاريخها حلقة جديدة من حلقات العز والفخر؛ لذا كان لا بد لنا من تسليط الضوء على قضية الأسيرات اللواتي قدمن زهرة شبابهن خلف قضبان سجون المحتل منذ عام 1967 وحتى هذا الوقت .

تتعرض الأسيرات الفلسطينيات للاعتقال من الشارع أو أثناء عبورهنّ الحواجز أو بعد اقتحام منازلهنّ ليلاً، مع اصطحاب الكلاب البوليسية لترهيب العائلة وتدمير محتويات المنزل. وعند الاعتقال يقوم الجيش الصهيوني النازي بتعصيب عيونهن وتقييد أيديهن خلف ظهورهن، ووضعهن داخل الجيبات العسكرية، فيتعرضن أثناء ذلك للتعذيب وسوء المعاملة منذ لحظة اعتقالهن على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي للضرب والإهانة والسب والشتم؛ وتتصاعد عمليات التضييق عليهن حال وصولهن إلى مراكز التحقيق؛ وتمارس بحقهن كافة أساليب الضغط، سواء النفسية منها أو الجسدية، كالضرب والحرمان من النوم والشبح لساعات طويلة، والترهيب والترويع، دون مراعاة لأنوثتهن واحتياجاتهن الخاصة.

نضال مستمر حتى تحقيق النصر

وعلى مدار سنوات الصراع الطويلة مع الكيان الصهيوني، تعرضت أكثر من 16.000 فلسطينية (بين مسنة وقاصر) للاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وقد شهدت فترة الانتفاضة الفلسطينية الأولى (انتفاضة الحجارة) التي انطلقت عام 1987م، أكبر عمليات اعتقال بحق النساء الفلسطينيات؛ إذ وصل عدد حالات الاعتقال في صفوفهن إلى نحو 3000 فلسطينية؛ أما خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى) التي اندلعت عام 2000م، فقد وصل عدد حالات الاعتقال بحق النساء الفلسطينيات إلى نحو 900 فلسطينية.

ومنذ عام 2009 وحتى مطلع عام 2012، تراجعت حدة الاعتقالات في صفوف الفلسطينيات، لتعود بشكل متصاعد مع انطلاقة الهبة الجماهيرية الفلسطينية نهاية عام 2015، وصولًا إلى المقاومة الشعبية عند إغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوابات المسجد الأقصى المبارك في تموز 2017؛ ليصل عدد الأسيرات اللواتي تعرضن للاعتقال منذ بداية الهبة الجماهيرية وحتى الأول من تشرين الأول 2017 إلى نحو 370 حالة اعتقال. وبلغت ذروة التصعيد في عمليات اعتقال الفلسطينيات على يد سلطات الاحتلال الصهيوني منذ اندلاع “هبة القدس” العاصمة الأبدية لفلسطين- بعد إعلان الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت (دونالد ترامب) المشؤوم في السادس من كانون الأول 2017؛ واستمرت خلال عام 2018 الذي شهد ارتفاعًا في وتيرة اعتقال الفلسطينيات، وخاصة المرابطات في المسجد الأقصى، لتتواصل خلال العام 2019؛ حيث اعتقلت سلطات الاحتلال خلال ذلك العام نحو 110 فلسطينيات؛ وفي العام 2020 ارتفعت وتيرة الاعتقالات والعقوبات بحق الأسيرات الفلسطينيات؛ إذ اعتقلت سلطات الاحتلال خلاله نحو128 من النساء. وحتى تاريخ 16/ 12/ 2021 بلغ عدد الأسيرات رهن الاعتقال نحو 31 أسيرة.

وتحتجز جميع الأسيرات الفلسطينيات في ظروف لإنسانية  في سجن الدامون الذي أقيم في عهد الانتداب البريطاني كمستودع للدخان، بحيث تم مراعاة توفير الرطوبة لحفظ أوراق الدخان عند تشييده؛ فبعد عام 1948 وضعت إسرائيل يدها عليه وحولته إلى سجن، أغلق هذا السجن لفترة زمنية قصيرة؛ ثم أعيد فتحه عام 2001. يفتقر سجن الدامون إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية؛ فغالبية الغرف فيه سيئة التهوية وتنتشر فيه العديد منها الحشرات والرطوبة بسبب قدم البناء؛ كما أن أرضيته من الباطون؛ ما يجعلها باردة جداً في أيام الشتاء وحارة جداً في أيام الصيف.

في ظل تفشي فيروس كورونا لم تتخذ إدارة سجون الاحتلال الصهيوني، بما فيها سجن الدامون، أي إجراءات وقائية حقيقية ضد فيروس كورونا، بل منعت الأسرى من شراء 170 صنفاً من الكنتين من ضمنها مواد تنظيف؛ الأمر الذي يهدد صحة الأسيرات وكافة الأسرى ويجعلها في دائرة الخطر.

معاناة مستمرة

والى وقتنا الحالي لازالت المرأة الفلسطينية تقدم التضحيات فداء إلى تراب فلسطين  ولتحقيق جميع مطالب الشعب الفلسطيني .

 ومع حلول عام جديد يبقى السؤال متى تنتهي معاناة الأسيرات وجميع الأسرى وإلى متى صمت المجتمع الدولي عن الانتهاكات الجائرة بحق الأسرى!؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى