الإمارات تلوِّح بمنح الجنسية للإسرائيليين، وتتغاضى عن اتهاماتهم بشأن الجائحة مقابل صفقة مشكوك في أمرها
تُدرك الآن مديرة الصحة العامة في وزارة الصحة الإسرائيلية شارون ألروي-بريس أن النكات الإسرائيلية ليس لها أصداء في الإمارات، وأن بعض النكات يجب تفسيرها.
إذ علّقت الأسبوع الماضي ساخرةً من أنّ “عدد الأشخاص الذين ماتوا في أسبوعين من السلام مع دبي هو أكبر ممن ماتوا خلال حرب الـ70 عاماً بينهما”.
وكانت انتقاداتها في الواقع موجهةً إلى الحكومة الإسرائيلية بسبب تباطئها في حظر دخول ركاب الطائرات المصابين بفيروس كورونا والواصلين إلى إسرائيل من الإمارات.
لكن في دبي، أيقونة السياحة الإماراتة، اعتقد المسؤولون أنّ الانتقادات كانت موجهةً لهم لاتهامهم بالتسبب في زيادة أعداد إصابات ووفيات كوفيد-19 داخل إسرائيل.
وانتهى الجدل الدبلوماسي في المرحلة الحالية، إذ طلبت الإمارات توضيحاً، واعتذرت الحكومة الإسرائيلية، وعادت العلاقات بين إسرائيل وحليفتها الجديدة إلى وضعها الطبيعي.
وتبذل الإمارات جهوداً كبرى لوقف انتشار الفيروس. إذ أصدرت قائمةً طويلة من قواعد التباعد الاجتماعي. وتفرض الغرامات على المنتهكين، كما تقوم بتطعيم السكان بوتيرةٍ شديدة السرعة.
اتّهمت ردود الأفعال الإعلامية المنتقدين لتعامل الإمارات مع الجائحة بأنّ لهم دوافع خفية لا علاقة لها بالصحة العامة، وتهدف إلى الإضرار بمصالح البلاد.
محاولة الإمارات إنقاذ صفقة طائرات إف 35
والإماراتيون لديهم ما يكفي من الأسباب للاشتباه في مؤامرةٍ تُحاك ضدهم، إذ إنّ قرار جو بايدن بالتعليق المؤقت الذي استهدف صفقة طائرات إف 35 وأسلحة أخرى، التي وقّعها ترامب قبل يومٍ من ترك المنصب، مع الإمارات أثار غضباً واسعاً في أبوظبي. بينما فشل التفسير الأمريكي الذي استنكر توقيع اتفاقية أثناء عملية انتقالية بين إدارتين في تهدئة الإمارات.
وفي إطار محاولة الإمارات إنقاذ صفقة طائرات إف 35، خرج السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة عن صمته ليظهر تفهمه لخطوة إدارة بايدن، مشيراً إلى أنّها لا تعني إلغاء صفقة طائرات إف 35.
وقال العتيبة في بيانه: “كما حدث في الفترات الانتقالية السابقة، توقّعت الإمارات مراجعةً للسياسات القائمة بواسطة الإدارة الجديدة، مضيفاً أن صفقة طائرات إف 35 هي أكثر من مجرد عملية بيع أسلحة لأحد الشركاء”. حيث أوضح السفير أنّ الاتفاقية مهمةٌ أيضاً للولايات المتحدة لأنّها “ستُحرّر أصول الولايات المتحدة حتى تتفرّغ للتحديات العالمية الأخرى”.
نحن ذراع أمريكا العسكرية
وبعبارةٍ أخرى، في إطار محاولة الإمارات إنقاذ صفقة طائرات إف 35، تقدم أبوظبي نفسها بصفتها ذراعاً عسكرية للإدارة الأمريكية وتقول إنّها ترعى رفاهية دول المنطقة. إذ أردف السفير: “عند استخدام نفس المعدات والتدريب، ستكون القوات الأمريكية والإماراتية أكثر فاعلية معاً متى وأين دعت الحاجة”.
واستغل السفير الإماراتي مهاراته الدبلوماسية لإخفاء الصدمة والغضب، واصفاً تعليق الصفقة بأنها خطوةٌ روتينية. وتوقع الإماراتيون الأمر بتفهم كما زعموا، ولم تقلقهم فكرة أنّ عملية البيع قد تُلغى بعد أن حصلت على كافة الموافقات. وهذا بالطبع يشمل موافقة إسرائيل.
لكن حاكم الإمارات الفعلي وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد يُدرك أيضاً أنّه بعكس فترة ترامب في الحكم، فربما يجد نفسه الآن على قائمة الانتظار حين يُحاول الاتصال بالبيت الأبيض، وأنّ الاعتماد على إسرائيل للتواصل مع بايدن قد يتبيّن أنه خيارٌ غير مستقر.
ويلمح التقرير إلى إسرائيل تدعم محاولة الإمارات إنقاذ صفقة طائرات إف 35 في مواجهة مواقف إدارة بايدن غير الإيجابية تجاه الصفقة.
إذ يقول التقرير “يبدو أنّ إسرائيل تجد نفسها الآن في وضع متناقض جديد سيُطلب منها فيه الموافقة على صفقات الأسلحة إلى دولةٍ عربية، إلى جانب بذل جهودها الكبرى لتمرير الصفقة”.
الجنسية مقابل الطائرات
وإليكم أمر آخر، ففي يوم السبت 30 من يناير/كانون الثاني، أُعلِنَ عن تعديل تاريخي على قانون الجنسية الإماراتي. ومن الآن فصاعداً بات بإمكان المستثمرين، والمهنيين في الوظائف المطلوبة- مثل الأطباء، والعلماء، والفنانين، والمفكرين- من جميع أنحاء العالم الحصول على الجنسية الإماراتية.
ويتطلّب القانون من المتقدمين أن يكونوا من أصحاب المهن المطلوبة ولديهم سمعة عالمية. ويشمل ذلك الفنانين المشهورين الذين أثبتوا أنفسهم، والعلماء المعترف بهم عن طريق الجوائز. علاوةً على ذلك سيتمكّن المتقدمون من الاحتفاظ بجنسيتهم الأصلية، مع إعلان ولائهم للإمارات. كما تُمنح هذه الجنسية للمتقدمين وعائلاتهم على حدٍ سواء. كذلك يسمح القانون لأيّ شخص يعتبر “موهبةً فريدة” أن يحصل على الجنسية، وهذا يشمل الأشخاص الذين يمتلكون براءة اختراع واحدة على الأقل والممثلين الذين فازوا بجوائز عالمية مرموقة.
وسيجري التدقيق في مواهب المتقدمين بواسطة لجنة مختصة، وليست هناك قيود في الوقت الحالي على البلد الأصلي لمُقدّم الطلب.
وتعتقد الصحيفة الإسرائيلية بأن هذا القرار يأتي ضمن محاولة الإمارات إنقاذ صفقة طائرات إف 35.
فبالنسبة للإسرائيليين، سيمنحهم ذلك فرصةً للعمل في الإمارات وامتلاك جنسية تسمح لهم نظرياً بزيارة الدول المحظورة على الإسرائيليين عادةً، حسب تقرير Haaretz.
لكن كل ذلك بشرط استمرار صفقة السلام الإماراتية مع إسرائيل، وألا تنقلب الصفقة بسبب صفقة صغيرة لمقاتلات F-35.