الاخفاقات الصهيونية وثبات الشعب والمقاومة
عمر مراد.. سورية
رغم ان الحرب على شعبنا ومقاومته في قطاع غزة والتي أعلنها قادة العدو إثر عملية طوفان الاقصى في السابع من اكتوبر لم تنته بعد الا اننا نستطيع استعراض واقعها واتجاهاتها وبالتالي مآلاتها.
لطالما كان الكيان الصهيوني يتباهى بتفوقه العسكري والاستخباراتي والتقني والاقتصادي على الدول العربية ودول المنطقة، الا أنه كان دائما قلقا ومشغولاً بحجم التحديات والاخطار التي تواجهه وتهدد امنه ومستقبل وجوده .
منذ اغتصاب فلسطين سنة 1948 وحتى يومنا هذا لا يزال يعتقد بأن المناعة الامنية والقومية والتفوق العسكري هم الضمانة الإستراتيجية لحماية الكيان والحلم الصهيوني وفرض السيطرة والهيمنة على مقدرات عالمنا العربي ودول المنطقة وهذا بدوره سيمكنه من تأدية دوره الوظيفي لخدمة مؤسسيه وداعميه في دول الغرب الامبريالي وعى رأسهم الولايات المتحده الآمريكية .
بالتدقيق بواقع الكيان ومجريات الحرب القائمة اليوم على شعبنا الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة ،نرى تراجعا وانحسارا واضحا لدوره الوظيفي واهتزازا ملموسا لمكانته الإستراتيجية في الرؤية والمشروع الامبريالي الاستعماري للسيطرة على المنطقة والعالم، الا أنه سيبقى حاجة ضرورية لهذا المشروع أسوة بالكثير من القواعد والبوارج والمدمرات الآمريكية والاطلسية المنتشرة في اصقاع البحار والمحيطات وكل العالم .
إن الذي أوصل الكيان الى هذه الحالة من ضعف الموثوقية، وربما من الوهن والارتجاج، هي مجموعة الاخفاقات والازمات الداخلية والمحيطة التي رافقت وجوده منذ اصطناعه ، وهذا ما كشفت عنه المقاومة الفلسطينية المعاصرة وفي السابع من اكتوبر والى الآن وعلى مدى شهرين من استمرار العدوان على قطاع غزة .
اهم الاخفاقات
1_ الفشل الامني والعسكري والاستخباراتي .
2_ الإنهيار الذي أصاب الفرقة العسكرية وأنظمة الدفاع وتحصيناتها .
3_ الارتباك الذي حل في هيئة الاركان وقادة الكيان والجيش والأجهزة الامنية ،
4_ الفشل في تحقيق اهدافه الأقصوية التي حددها كالقضاء على المقاومة وحماس وتهجير اهلنا من القطاع، رغم حجم الدعم والتأييد الذي تلقاه من امريكا والغرب الامبريالي .
5_ عدم القدرة على العثور على اي من أسراه المحتجزين لدى المقاومة .
6_ الإخفاق بالوصول الى قادة حماس والمقاومة لإعتقالهم أو تصفيتهم .
7_ عجزه عن تأمين الحماية للمستوطنين في غلاف غزة والجليل الأعلى في شمال فلسطين ، ما أدى الى اخلائهم من هذه المناطق .
8_ الخسائر العسكرية الكبرى التي تكبدتها قواته المتوغلة في القطاع أو المحتشدة حوله .
9_ الآثار والاضرار الإقتصادية والاجتماعية والمعنوية والنفسية الفادحة التي اربكت وزعزعت جبهته الداخلية .
10_ عدم اقتناع امريكا ورفضها لتوسيع نطاق الحرب لتشمل استهداف المقاومة في المنطقة والاقليم وخاصة في لبنان او إيران .
11_ انكشاف حقيقة الكيان العنصرية
والفاشية وزيف روايته لمعظم دول وشعوب
العالم .
12_ تراجع دول الغرب عن تأييد الكيان بتهجير اهلنا من القطاع او اعادة احتلاله وزيادة حجم الانتقادات لجرائمه بحق المدنيين والبنى التحتية وكذلك لجرائم المستوطنين والاستيطان في الضفة والقدس .
13_ تفاقم التناقضات الداخلية السياسية والاجتماعية والأمنية وفي اعلى المستويات العسكرية .
14_ باتت الأخطار التي تهدد وجود هذا الكيان ومستقبله اكثر ملموسية وخاصة تلك المتعلقة باستمرار القلق الوجودي وضعف المناعة القومية وتآكل قوة الردع .
ثبات الشعب الفلسطيني وصمود المقاومة
يتميز الشعب العربي الفلسطيني بادراكه الواعي والعميق لقضيته الوطنية ولحقه المطلق في ارضه ووطنه واستعداده العالي للتضحية من اجل استرجاع فلسطين وتحريرها . وكذلك يتميز الوعي الجمعي الفلسطيني بالاستفادة من دروس النكبة المرة والمأساوية وعدم تكرار الهجرة واللجوء رغم كل ما يمارسه الكيان الصهيوني العنصري من حروب او جرائم أو مجازر كوسائل وطرق للإبادة الجماعية والتطهير العرقي .
المقاومة والثورة الفلسطينية هي النقيض الموضوعي لوجود الاحتلال على ارض فلسطين ، وهي حق للشعب الفلسطيني يمارسه منذ اكثر من مئة عام ..فهو متمسك بهذا الحق الى ان يظفر بإنجاز اهدافه كاملة بتحرير كامل التراب الوطني واقامة فلسطين الديمقراطية والقدس عاصمتها الأبدية .
ان حق العودة وحق تقرير المصير هما حقان مطلقان لا يتحققان الا بارادة الشعب الفلسطيني وإزالة الكيان الصهيوني من الوجود، امتثالا لصدقية الرواية الفلسطينية وحقائق التاريخ والجغرافيا وكل مكونات الوطنية والهوية الفلسطينية المتجسدة بالاهداف الإستراتيجية كما حددها الميثاق الوطني الفلسطيني .
لا يوجد مرحلة تاريخية من تاريخ فلسطين الحديث لم تشهد احتجاجات وانتفاضات وثورات على الاقل منذ وعد بلفور المشؤوم 1917 .
المقاومة فكرة اصيلة لدى الانسان الفلسطيني فهو يدركها بعفويته وفي وجدانه وفي عقله ،
وعندما يتوفر الوعي والارادة تترسخ الفكرة لانها تعبير عن حقيقة وجوهر الصراع على انه صراع وجودي وطبيعته تناحرية .
بهذا المعنى فالفكرة عميقة ومتجذرة في الوعي الفلسطيني واقترنت بوجوده وحقوقه لذلك هي عصية على الاجتثاث او الاقتلاع .
اليوم اهلنا في قطاع غزة وكذلك في الضفة وابناء شعبنا في فلسطين وفي كل مكان يجسدون ذلك كل حسب موقعه ومكانه وقدرته .
إن ماثرة الصمود والثبات والتضحية والمقاومة وخاصة في قطاع غزة ماهي الا التعبير الصادق والأمين لأصالة هذه الفكرة وهذا الشعب .
شهران وآلة العدو الفاشية والمدمرة ترتكب أبشع الجرائم والمجازر وعشرات الالاف من الضحايا المدنيين والأبرياء ومعظمهم من الاطفال والنساء ، والموقف لشعبنا ولابنائنا من أهالي الضحايا واضح ؛ لن نترك ارضنا ولن نستسلم ولن نرحل …عندما تكون المقاومة مزنرة ومحاطة بهذا الشعب وبهذا الموقف فكيف ستنهزم او تقهر . ان شعبا عظيما الى هذا الحد لن ينكسر ، ولن تخذله المقاومة .
بنادق الثوار ستبقى مشرعة وسنضمد الجراح ،
وسنكرم الشهداء والضحايا وسنحتفي بحرية اسرانا كل اسرانا ….وسنستعد لنصر جديد وفجر قريب.