آخر الأخبارتحليلات و آراء

الاضطراب وعقدة الشفاء

عمر مراد… سورية

عندما يقتحم الاضطراب كياناً في عقله وتفكيره، في معنوياته وأعصابه، ويلقي بظلاله على النظر والبصيرة، يصاب بحالة من الانهيار وفقدان الوعي والتوازن، وهي حالة مرضية خطيرة قد تكون مستعصية على العلاج ومستحيلة الشفاء.

عبثاً يحاول الكيان الصهيوني استعادة قواه وتجميع ركائزه ودعائمه وحفظ ما تبقى من كينونته، بعد الإغارة البطولية في السابع من أكتوبر “طوفان الأقصى” التي انطلقت من غزة لتجتاح جزءاً من أرضنا الفلسطينية المحتلة عام 1948، أو ما يسمى بـ”غلاف غزة” بإرادة وعزيمة المئات من المقاومين والفدائيين، أعتقد بعض المراقبين والسياسيين للوهلة الاولى وربما بعض القائمين على هذا العمل البطولي العظيم، أن الانهيار قد أصاب الدفاعات الاستراتيجية للعدو، وفرقة عسكرية بأكملها، لكن الحقيقة والواقع والميدان أثبت بأن ما حصل كان أفدح وأكبر وأخطر بكثير. فالعملية أصابت وعصفت بالكيان الصهيوني من رأسه حتى أخمص قدميه، لذا تراه يبحث عن مخرج وعلاج لحالته المهشمة والمتهالكة عله يجد ذلك في جماجم وعروق الأطفال والنساء، وفي لحم ودماء الأبرياء والآمنين، مرتكباً أبشع المجازر تلك التي عجزت حتى النازية عن تخيلها وفعلها.

هدم البيوت والمشافي والمدارس والطرقات، وقطع الماء والكهرباء والدواء والاتصالات محاولاً القتل والتجويع والإبادة لكل حي، مستخدماً كل الأساليب والوسائل والخطط القاتلة بهدف إقتلاع شعبنا وأهلنا وترحيلهم أو تهجيرهم ، تماماً كما التطهير العرقي ، ولكن دون جدوى، لعله وجد ضالته المنشودة في الإبادة الجماعية مستشرساً في ممارستها بكل غضب وقهر وبكل بأس وعجز مكللاً بالإحباط والخيبات .

خمس وأربعون يوماً والحالة الهستيرية تستعصي أكثر فأكثر على الشفاء.

وحتى السادية التي توفر لروادها بعض السعادة والمتعة في التعذيب والقتل والتمثيل بأجساد الضحايا لا زالت بعيدة عن تحقيق غايات الفاشيين والعنصريين ، لذلك يزدادون غياً وغلاً .

فالضحية في فلسطين تقاوم وتقاتل وتضرب بإرادة من فولاذ ،وبموقف ثابت لا يلين ، توجه الضربات فتؤلم وتُفجع وتُجهز على ما تبقى من روح مهزومة في جسد هذا الكيان.

نعم تثور الضحية وتصمد وتعض على الجراح لكنها تقاوم، تدافع وتهاجم ولا تعرف التراجع، بل تتقدم من غزة الأبية، غزة العزة، ومن الضفة الثائرة ومن القدس عبق التاريخ ومن جنوب لبنان الأشم ومن اليمن الحر السعيد ومن العراق الحضاري العريق وبدعم كل المقاومين والثائرين ، ونبض كل شعوب الأرض، رغم الحصارات والتهديدات ورغم الأخطار كلها ، فقد دنا الامل وحان موعدنا مع الانتصار الكبير ؛ انتصار الدم على السيف، ومثل غزة، مثل العين التي تقاوم المخرز، وستنتصر حتماً.

أما الكيان الصهيوني فهو في حالة احتضار ، يتقهقهر ويموت يومياً وكأنه على موعد مع الأجل المحتوم، حتى الساهرين عليه أو لأجله في أمريكا والغرب الإمبريالي أُسقط بيدهم وباتوا أعجز من إنقاذه وإنعاشه، وحتى إقناعه بنصيحة أو بفكرة رأفةً به لكنه لا يسمع ولا يفهم ولا يرى، كيف لا وهو في حالة كوما وفقدان الوعي والإحساس، ولم يعد يجد علاجه حتى في مشفى الشفاء.
نعم اقترب اليوم الذي ستتقطع فيه أجهزة التنفس الاصطناعي وخراب منفسة الإنعاش على سواعد الأبطال الميامين.
العالم بدون الصهيونية والعنصرية سيغدوا أجمل، أما دمنا ولحمنا وأشلاء أطفالنا وأرواح شهدائنا وأنات جرحانا وعذابات أسرانا وصرخات أمهاتنا ستكون أعمدة وروافعاً وأنواراً وبشارة للنصر والتحرير، مجداً وحرية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى