الجرعة الثانية “لا فائدة لها”.. دراستان علميتان توصيان بمنح حقنة واحدة من لقاح كورونا لمن أصيب بالفيروس
حسب تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية، السبت 20 فبراير/شباط 2021، فإن الدراستين المذكورتين أشارتا إلى أن جرعة واحدة فقط من اللقاح كافية لزيادة الأجسام المضادة وتدمير فيروس كورونا وحتى تدمير بعض المتغيرات المعدية لدى الأشخاص الذين أصيبوا من قبل بفيروس كورونا.
عكس المتداول
تتوافق نتائج هذه الدراسات الجديدة مع نتائج دراستين أخريين جرى نشرهما خلال الأسابيع القليلة الماضية.
مع أخذ نتائج تلك الدراسات بشكل مجتمع، نجد أن البحث يقترح ضرورة تحصين الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا، لكن جرعة واحدة من اللقاح قد تكون كافية.
هناك ما يقرب من 30 مليون شخص في الولايات المتحدة- وربما العديد من الأشخاص الآخرين الذين لم يُشخَّصوا بالمرض- أًصيبوا بفيروس كورونا حتى الآن، فهل يجب تطعيم هؤلاء الأشخاص؟.. تجيب دراستان جديدتان عن هذا السؤال بنعم، وبشكل مشدد.
تعليقاً على الأمر، تعتقد جينيفر غومرمان، اختصاصية المناعة في جامعة تورنتو التي لم تشارك في البحث الجديد، أنه من المنطقي للغاية ضرورة حصول الأشخاص الذين أصيبوا سابقاً بفيروس كورونا على اللقاح.
إن استجابة الشخص المناعية للعدوى الطبيعية متغيرة للغاية، ويصنع معظم الأشخاص كميات وفيرة من الأجسام المضادة التي تستمر لعدة أشهر، لكن بعض الأشخاص الذين ظهرت عليهم أعراض خفيفة أو لم تظهر عليهم أعراض لفيروس كورونا ينتجون عدداً قليلاً من الأجسام المضادة، والتي تنخفض بسرعة إلى مستويات لا يمكن اكتشافها.
حللت الدراسة الأخيرة، التي لم يجر نشرها بعد في مجلة علمية، عينات دم من أشخاص مصابين بفيروس كورونا، وأشارت النتائج إلى أن أجهزتهم المناعية ستواجه مشكلة في صد فيروس B.1.351، وهي السلالة المتحورة من فيروس كورونا المكتشفة لأول مرة في جنوب إفريقيا.
لكن جرعة واحدة من لقاح فايزر-بيونتك أو موديرنا غيرت الصورة بشكل كبير، إذ قال أندرو ماكغواير، اختصاصي المناعة في مركز أبحاث السرطان فريد هاتشينسون في سياتل والذي قاد الدراسة: “لقد عملت تلك اللقاحات على مضاعفة كمية الأجسام المضادة في دمائهم ألف مرة، وهي دفعة هائلة للغاية”.
مع تدفق الأجسام المضادة في الدم، أظهرت عينات من جميع المشاركين قدرة اللقاحات على تحييد ليس فقط السلالة B.1.351 من فيروس كورونا، ولكن أيضاً فيروس كورونا الذي تسبب في وباء السارس في عام 2003.
في الواقع يبدو أن الأجسام المضادة تعمل بشكل أفضل من تلك الموجودة في الأشخاص الذين لم يصابوا بفيروس كورونا وتلقوا جرعتين من اللقاح.
استجابة مناعية
إذ حصل الباحثون على عينات دم من 10 متطوعين في دراسة التعرض لفيروس كورونا بسياتل الذين تم تلقيحهم بعد أشهر من الإصابة بفيروس كورونا. تلقى سبعة من المشاركين لقاح فايزر- بيونتك وتلقى ثلاثة أشخاص لقاح موديرنا.
أظهر الدم المأخوذ بعد حوالي أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من التطعيم باللقاحات قفزةً كبيرة في كميات الأجسام المضادة مقارنة بالعينات التي جمعت قبل التطعيم.
يقول الدكتور ماكغواير: “لا يعرف الباحثون بعد إلى متى ستستمر كمية الأجسام المضادة المتزايدة، لكن نأمل أن تستمر لفترة طويلة”.
يضيف المتحدث ذاته أن الباحثين رأوا أيضاً زيادات في الخلايا المناعية التي تتذكر الفيروس وتقاومه. وقال: “يبدو واضحاً أننا نعزز مناعتهم الموجودة مسبقاً”.
وفي دراسة جديدة أخرى، وجد باحثون في جامعة نيويورك أن جرعة ثانية من اللقاح لم تضف فائدة كبيرة على الإطلاق للأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا، وهي ظاهرة جرت ملاحظتها أيضاً مع لقاحات فيروسات أخرى.
في تلك الدراسة، أصيب معظم الأشخاص بفيروس كورونا قبل ثمانية أو تسعة أشهر، لكنهم رأوا أن أجسامهم المضادة تزداد بمقدار مئة إلى ألف مرة عند إعطاء الجرعة الأولى من اللقاح. بعد الجرعة الثانية لم تزد مستويات الأجسام المضادة أكثر من ذلك.
قوة الذاكرة المناعية
في تعليقه على هذه النتائج، أكد الدكتور مارك موليغان، مدير مركز لقاحات لانغون بجامعة نيويورك والمؤلف الرئيسي للدراسة، أن الأمر يعتبر بمثابة “شهادة حقيقية على قوة الذاكرة المناعية وتتمثل في أن الأشخاص الذين يحصلون على جرعة واحدة تزداد لديهم الأجسام المناعية بصورة هائلة”.
جدير بالذكر أن فيروس كورونا الجديد يتحور بشكل أبطأ بكثير، ولكن هناك الآن أنواع متعددة من الفيروس التي يبدو أنها تطورت لتصبح أكثر عدوى أو مثبطة أكثر لجهاز المناعة. وقال الدكتور دينيس بيرتون، عالم المناعة في معهد سكريبس للأبحاث في لا جولا بكاليفورنيا إن الدراسة الجديدة قد تقدم أدلة على كيفية صنع لقاح واحد يحفز إنتاج الأجسام المضادة المحايدة على نطاق واسع والتي يمكن أن تدمر جميع أنواع فيروس كورونا.
وبدون مثل هذا اللقاح، سيحتاج العلماء إلى تعديل اللقاحات في كل مرة يتغير فيها الفيروس بشكل كبير. وقال الدكتور بيرتون: “من المحتمل أن يستغرق الأمر عدة أشهر إن لم يكن وقتاً أطول لتطوير واختبار هذا النوع من اللقاح ضد فيروس كورونا”، ولكن “هذه هي الطريقة طويلة المدى للتعامل مع هذا الفيروس”.