الجزائر تكتب نهاية مشروع “ديزرتيك” مع ألمانيا.. فتش عن فرنسا
قررت الجزائر بشكل مفاجئ إسقاط مشروع “ديزرتيك” للطاقة الشمسية مع ألمانيا من حساباتها، بعد أن أعادته إلى صدارة اهتماماتها فبراير/شباط الماضي.
وأعلن وزير الطاقة الجزائري عبد المجيد عطار بأن مشروع “ديزرتيك” “لم يعد مطروحاً للنقاش”، دون أن يوضح أسباب القرار.
إلا أنه كشف عن قرار رسمي لتعويضه ببرنامج لتقليص استهلاك الطاقة الأحفورية عبر مشاريع صغيرة تعتمد على التقنيات الحديثة وإنشاء محطات صغيرة.
القرار أثار الكثير من الجدل، وانقسمت آراء الخبراء بين من اعتبره “خسارة كبيرة لاقتصاد البلاد” واصفين الخطوة بـ”القرار السياسي” وذكروا بـ”المخاوف الفرنسية التي أبدتها من النفوذ الألماني في الجزائر وشمال أفريقيا”، فيما أشار آخرون إلى ما أسموه “المبالغة في أهميته وجدواه الاقتصادية”.
خطوة مفاجئة
وأجمع خبراء الطاقة والاقتصاد على اعتبار قرار وزير الطاقة بـ”الخطوة المفاجئة”، وقالوا إنه تغير كبير في اهتمام الجزائر بمشروع “ديزرتيك” بين الوزير السابق محمد عرقاب وخلفه عبد المجيد عطار.
وقررت الجزائر، في فبراير/شباط الماضي، إعادة إحياء مشروع “ديزرتيك” الألماني للطاقة الشمسية، قبل أن تكشف عن توقيع “اتفاق مبدئي” مع ألمانيا، أبريل/نيسان الماضي، على أن يكون الأول تقنياً لدراسة مؤهلات الجزائر من الطاقة الشمسية وتبادل التكوين الدقيق بين البلدين.
ووفق ما صرح به وزير الطاقة السابق محمد عرقاب لوسائل إعلام حكومية، فقد وضعت الجزائر استراتيجية محلية للطاقات المتجددة.
ويتضح من ذلك، أن إدارة الرئيس الجزائري الجديد سعت لإعادة المشروع وفق خططها للاعتماد على الطاقات المتجددة وسط أهداف لإنتاج 15 ألف ميجاواط من الكهرباء.
وهي النظرة التي لم تكن سائدة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إذ أبدت الجزائر في العقدين الماضيين “عدم اهتمام ورغبة بالمشروع”، مرجعة ذلك إلى “وجود فائض ضخم من الطاقة الكهربائية في معظم أنحاء أوروبا.
“مغالطات” في الأهمية
ويرى خبير الطاقة الجزائري الدكتور مهماه بوزيان بأن الحديث عن “التجسيد الفعلي للمشروع وأهميته يعد تضليلا للرأي العام، ولا يخدم مصالح الجزائر في مجال الطاقة مع الضفة الشمالية للمتوسط والاتحاد الأوروبي”.
وأوضح الخبير الأسباب الحقيقية التي تقف وراء قرار الجزائر إلغاء مشروع “ديزرتيك” للطاقة الشمسية مع الألمان “انطلاقاً من أبعاده الاقتصادية والاجتماعية”، مشيراً إلى أن “من يدافع عن المشروع لم يطلع على وثيقته ولا يعرف تفاصيله وخلفياته”.
أسباب “سيادية”
ومن بين أبرز الأسباب التي ذكرها خبير الطاقة ودفعت الجزائر للتخلي عن الانضمام للمشروع هو مروره عبر منطقة “الصحراء الغربية” “بحظيرة رياح على طول الساحل الأطلسي انطلاقاً من منطقة طرفايا حتى العاصمة الموريتانية بمسافة 1200 كيلومتر”.
وكشف الخبير في مجال الطاقة عن اقتراح قدمه أعضاء مبادرة “ديزرتيك” أغضب الجزائر، والمتمثل في “تكوين لوبيات صناعية وعلمية خارجة عن القنوات الرسمية، لتسهيل إقامة المشروع وإنشاء محطات شمسية عملاقة على طول الحزام الصحراوي، وهو ما يعني فقدان الحكومات السيادة على حق استغلال المساحة الجغرافية التي توضع فيها معدات النقل والإنتاج أو حتى تسييرها والدخول إليها، وستكون حكراً على لوبي الشركاء المحليين”.
4 أسباب اقتصادية
ومن بين الأسباب الاقتصادية التي دفعت الجزائر إلى إسقاط مشروع “ديزرتيك” – وفق ما ذكره خبير الطاقة الجزائري – مسألة “تكلفة المشروع المقدرة بنحو 430 مليار دولار”.
وأشار إلى “تحفظ ألمانيا على شروط الجزائر المتعلقة بضرورة نقل وتوطين التكنولوجيا إلى دول جنوب المتوسط المستفيدة من المشروع، وتقديم ضمانات أوروبية لها لبعث صناعات محلية لمعدات الطاقة التي يحتاجها المشروع”.
ووفق دراسة أجرتها شركة الكهرباء والغاز الجزائرية “سونلغاز” عام 2013 مع المركز الألماني “ديزيرت أندوستري”، فقد كشفت عن خلافات بين الجانبين تتعلق بسعر الكهرباء.
وأشارت الدراسة إلى “ضرورة مراجعة الشروطة القانونية الأوروبية بنشاط إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية الشمسية ومراجعة سعر بيع الكيلوواط الساعي للكهرباء الشمسية في دول الاتحاد الأوروبي كونه غير تنافسي”.
سبب سادس قدمه الدكتور بوزيان يتمثل في نسبة استفادة الجزائر من الطاقة الكهربائية، إذ كشف عن أن “هدف المشروع توفير 15% من حاجة أوروبا من الطاقة، في مقابل إجبار الطرف الجزائري على دفع رسوم وضرائب”.