“الجيش السري” أبرزها … سويسرا تقترب من إجراء لم ينفذ منذ 25 عاما بسبب “فضيحة القرن”

كشفت تقارير صحفية سويسرية، ما وصفته بـ”التوابع” الجديدة لفضيحة القرن، التي ثبت فيها تجسس الاستخبارات المركزية الأمريكية مع استخبارات ألمانيا الغربية على دول العالم عن طريق شركة سويسرية.

ونشر موقع “سويس إنفو” السويسري الرسمي تقريرا حول لجوء سويسرا إلى إجراء، لم ينفذ من 25 عاما، ردا على تلك الفضيحة المدوية التي تعصف بحياد سويسرا، على حد قوله.

وأشار التقرير إلى أن الحكومة السويسرية اتخذت قرارا بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية، وهو إجراء لم ينفذ إلا 4 مرات فقط في تاريخ سويسرا الحديث.

وأعلنت مفوضية لجان التصرف بالبرلمان الفيدرالي (وهي لجنة برلمانية دائمة معنية بمراقبة أداء الحكومة)، يوم الخميس 13 فبراير/شباط، أنها بدأت أيضًا تحقيقا لتحديد مدى معرفة الحكومة في تلك الفترة بعملية التجسس، لكن الأحزاب اليسارية دفعت باتجاه إنشاء لجنة “تحقيق برلمانية” وهي أداة لم تستخدم منذ 25 عاما.

ووفقا للقانون السويسري، يتم تشكيل اللجنة من قبل غرفتي البرلمان، للتحقيق في أحداث بعيدة المدى، وتسعى لإثبات وقائع مشكوك في أمرها.

ويتم تشكيل اللجنة من عدد متساو من أعضاء مجلس النواب (الغرفة السفلى) ومجلس الشيوخ (الغرفة العليا)، ويتم تعيينهم من طرف مكتبي الغرفتين البرلمانيتين، مع مراعاة القوة العددية للكتل البرلمانية، كما تكون للجنة أمانتها الخاصة أيضا، وتلتزم الهياكل الإدارية للبرلمان بتوفير الموظفين اللازمين للقيام بعملها، كما يكون هناك ممثل للحكومة الفيدرالية في اللجنة ويحق له حضور جلسات استماع الشهود والأشخاص الآخرين المدعُوّين لتقديم معلومات وطرح أسئلة إضافية عليهم.

ويمكن لتلك اللجنة أن تصل إلى كافة المعلومات المسموح لمفوضيات لجان التصرف الوصول إليها، ويمكنها الاستماع إلى شهود والإطلاع على محاضر الجلسات أو الإطلاع على أدلة مرتبطة بالتحقيقات.

ويوضح التقرير أنه في حالة قررت لجنة التحقيق عدم نشره نتائجه، فيجبر جميع الأشخاص الذين شاركوا في الجلسات أو حصص الاستماع على الالتزام بالحفاظ على السرية.

أما بالنسبة للقضايا الأربع الأخرى التي سبق وتم تشكيل لجان تحقيق بسببها في تاريخ سويسرا، فكان أبرزها قضية وصفت حينها بـ”فضيحة طائرات الميراج”، والتي تم فتحها عام 1964، والتي تم التحقيق فيها بسبب الإنفاق الهائل الذي وصل لنحو 567 مليون فرنك سويسري لشراء 100 طائرة مقاتلة فرنسية الصنع.

أما القضية الثانية، فكانت فضيحة “الملفات السرية” عام 1989، والتي فتحت عقب استقالة الوزيرة إليزابيث كوب، والتي كانت تسير أعمال وزارتي العدل والشرطة، واكتشفت اللجنة وجود 900 ألف ملف سري بشأن تتبعها وتوثيقها معظم الأنشطة اليومية لسويسريين وأجانب، ورغم أن الغرض الرسمي كان حماية سويسرا من أنشطة تخريبية شيوعية في سياق الحرب الباردة، إلا أنها وسعت أنشطتها لتشمل معظم السويسريين حينها.

أما الفضيحة الثالثة، فكانت هي قضية “الجيش السري” عام 1990، والتي اكتشفت اللجنة فيها تشكيل وكالة استخبارات سويسرية سرية تحت مسمى “P-27” تجمع المعلومات الاستخباراتية في الخارج لا تخضع لأي رقابة سياسية أو تحكمها أي أسس قانونية.

وآخر القضايا التي فتحتها لجان التحقيق البرلمانية فكانت فضيحة “صندوق المعاشات التقاعدية” عام 1995، والتي تمت بموجبها إدانة الوزير المسؤول حينها أوتّو شتيخ.

ومن المقرر أن يتخذ البرلمان السويسري قرارا في مارس/آذار المقبل بشأن إمكانية تشكيل لجنة تحقيق برلمانية بشأن تلك القضية.

وقالت سيمونيتا سوماروغا، رئيسة سويسرا الشرفية: “منذ الآن، إذا قررت غرفتا البرلمان تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، فإنه بكل تأكيد، ستدعمها الحكومة الفدرالية، كما هو الحال دائمًا”.

وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية والشبكة الألمانية “زد دي إف”، قد نشرتا تحقيقا استقصائيا مشتركا تحت اسم “فضيحة القرن”، حول امتلاك الاستخبارات الأمريكية والاستخبارات الألمانية الغربية، شركة “كرايبتو” السويسرية للتشفير، بصورة سرية في الفترة ما بين 1970 و 1993، واحتفظت الاستخبارات الأمريكية بملكيتها حتى عام 2018، تاريخ تصفية الشركة بصورة نهائية.

ويشير تقرير “واشنطن بوست” أن الاستخبارات الأمريكية والألمانية أخفتا هويات المساهمين في الشركة عن العامة، بموجب قوانين “ليختنشتاين”، التي تحظر الكشف عن أسماء المساهمين في مجال الأعمال للحفاظ على خصوصية وحياد سويسرا.

وتأسست تلك الشركة عام 1952، وكانت متخصصة في بيع المعدات المتطورة للحكومات في جميع أنحاء العالم، لكن تم اكتشاف أن كل تلك المعدات كانت تحمل أجهزة تجسس دقيقة، تسمح للشركة وعملاء الاستخبارات باختراق الملايين من المواقع حول العالم.

من بين عملاء “كرايبتو” الشهيرين، دول كبرى مثل إيران والهند وباكستان والفاتيكان ودول من أمريكا اللاتينية.

كما أعلنت سويسرا أنها ستفتح تحقيقا في مزاعم التجسس تلك.

من جانبها، قالت “واشنطن بوست” إن منتجات “كرايبتو” لا تزال تستخدم في أكثر من 12 دولة حول العالم حتى الآن.

ورفضت الاستخبارات الأمريكية أو الاستخبارات الألمانية التعليق على تلك التقارير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى