الجيش يفتح معركة «جسور الخرطوم» لفك حصار قواته بالعاصمة
عادت المواجهات الرئيسية في السودان إلى العاصمة الخرطوم، بعد شهور من الهدوء الهش.
وكانت حمم الصراع في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع التي تفجر شرارته في العاصمة، قد طالت ولايات أخرى شهدت معارك أكثر احتداما على مدى الشهور الماضية.
لكن على ما يبدو تشهد المعارك المستمرة منذ أبريل/نيسان من العام الماضي تحولا بالارتداد مجددا للخرطوم في معركة للسيطرة الجسور في مسعى جديد من الجيش لفك الحصار عن قواته المحاصرة في العاصمة.
ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو لعناصر قواته وهي تعبر جسر “الحلفايا” والتحام قوات منطقتي “الكدور”، وأم درمان.
ولم تعلق قوات “الدعم السريع”، على المقطع المنشور، ولم يتسن التأكد منه من مصدر مستقل.
وأفادت مصادر عسكرية، أن الجيش السوداني، واصل الزحف نحو الخرطوم من مدينتي بحري أم درمان لإعادة ربط قواته وإحكام السيطرة.
وحسب المصادر العسكرية، فإن عناصر الجيش السوداني، عبرت من أم درمان عبر جسور “السلاح الطبي”، “والفتيحاب”، و”الحلفايا”، إلى مدينتي الخرطوم وبحري.
وطبقا للمصادر العسكرية، فإن السيطرة على الجسور أشبه بمعركة “كسر العظم”، في حسم القتال والسيطرة على المناطق العسكرية في قلب العاصمة.
ووفق المصادر العسكرية، فإن قوات “الدعم السريع”، تحاول السيطرة على الجسور التي عبرت خلالها عناصر الجيش السوداني إلى قبل العاصمة الخرطوم.
ويلتقي نهرا النيل الأزرق والنيل الأبيض في وسط العاصمة الخرطوم ليكّونا نهر النيل، إذ تنقسم العاصمة الخرطوم إلى 3 مدن، هي الخرطوم، والخرطوم بحري وأم درمان.
ويربط العاصمة المثلثة عدد من الجسور، دُمّرت 3 منها كيا أو جزئيا، هي جسر “الحلفايا”، وجسر “شمبات”، وجسر خزان “جبل أولياء.”
ومنذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/ نيسان 2023، تسيطر قوات “الدعم السريع”، بصورة كاملة على جسري “سوبا” و”المنشية”، اللذين يربطان شرق مدينة الخرطوم بشرق مدينة بحري.
كما تسيطر على جسري “كوبر” و”المك نمر” اللذين يربطان شمال الخرطوم بجنوب بحري، وتسيطر أيضا على جسر “توتي” الذي يربط وسط العاصمة بجزيرة “توتي” حيث ملتقى النيلين الأزرق والأبيض وبداية نهر النيل.
وتسيطر قوات “الدعم السريع” أيضا على جسر خزان “جبل أولياء” الذي يربط جنوب الخرطوم بجنوب مدينة أم درمان ويربط قواتها بأم درمان وغرب البلاد بالمناطق الشرقية للنيل الأبيض.
ويتقاسم الجيش السوداني و”الدعم السريع” السيطرة على جسر “الفتيحاب” الرابط بين أم درمان والخرطوم، إذ يسيطر الجيش عليه من جهة أم درمان، وتسيطر “الدعم السريع” على الجانب الآخر.
كما يتقاسم طرفي النزاع جسر “الحلفايا”، الرابط بين مدينتي أم درمان وبحري، إذ يسيطر الجيش السوداني، على جانب أم درمان، بينما تسيطر قوات “الدعم السريع على الجانب الآخر من مدينة بحري.
وينطبق الأمر نفسه على جسر “النيل الأبيض” الذي يربط المدينتين، بينما خرج جسر “شمبات” الرابط بين بحري وأم درمان من الخدمة بعد تدميره في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ورأى الخبير العسكري، محمد العباس، أن الجيش السوداني من خلال محاولته لاستعادة السيطرة على الجسور يسعى لربط قواته المتمركزة في مدن الخرطوم وبحري وأم درمان وفك الحصار الذي تفرضه قوات “الدعم السريع” على مواقعه العسكرية.
وأوضح العباس في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن الجيش يسعى أيضا لتدمير الارتكازات الصلبة التي أنشأتها قوات “الدعم السريع” خلال الشهور الماضية في الشوارع الرئيسة، منذ اندلاع الحرب وفتح الخطوط الإمداد العسكري.
وأضاف أن “من يستطيع السيطرة على الجسور سيتحكم في سير المعارك وتوجيهها إلى حيث يريد.”
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي، الطاهر أبو بكر، إن السيطرة على الجسور تعني التحكم في بوصلة الحرب، خاصة وأن الجيش السوداني، استعاد السيطرة على مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، بعد تدمير جسر “شمبات” الرابط بين مدينتي أم درمان وبحري.
وأشار أبو بكر في حديثه، أن الجسور ذات أهمية بالغة في أي حرب، وهدف استراتيجي يجب المحافظة عليها لتأمين وصول الإمدادات الغذائية والعسكرية.
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 20 ألف قتيل وأكثر من 10 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.