“الخرطوم تشعر بالتآمر عليها”.. صحيفة: التنافس على السودان بين القادة الأمنيين الإسرائيليين قد يطيح باتفاق التطبيع

ذكر موقع Axios الأمريكي الأسبوع الماضي أنَّ كبار المسؤولين المدنيين السودانيين كانوا يَشكُون إلى كل من المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين والأمريكيين بشأن الاتصالات الجانبية غير المُنسَّقة بين جهاز الموساد الإسرائيلي والمسؤولين العسكريين السودانيين.

ولم يوقع السودان وإسرائيل حتى الآن اتفاقاً رسمياً بشأن العلاقات الدبلوماسية. وبحسب الموقع الأمريكي تمت صياغة اتفاقية مبدئية، لكن السودانيين يريدون المصادقة عليها من قبل إدارة جو بايدن وتوقيعها في حفل يقام بواشنطن. لكن حتى الآن تشكو الخرطوم من سوء التواصل مع تل أبيب.

فهل من الممكن أن تُهدِّد الخصومات الداخلية في إسرائيل نجاح تطبيع العلاقات مع السودان؟ هذا السؤال الذي طرحته صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية في تقرير لها يوم الإثنين 28 يونيو/حزيران 2021، والذي كشفت فيه أنَّ الاتصالات الجانبية هي جزء من التنافس المستمر بين الموساد ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شبات لكسب النفوذ مع مراكز القوة في السودان. فما الحكاية؟

التنافس الداخلي الإسرائيلي على السودان

تقول الصحيفة الإسرائيلية إن هناك ثلاث شخصيات رئيسية على الأقل في السودان حالياً. وفي الآونة الأخيرة، تعامل مائير بن شبات مباشرةً أكثر مع الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس الحاكم في السودان.

وفي السابق، كان يوسي كوهين، مدير الموساد الذي تقاعد في الأول من يونيو/حزيران، على صلة بالبرهان وساعد في ترتيب اجتماع رئيسي بين الجنرال ورئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.

لكن في مرحلة ما، بدأ كوهين يعمل مباشرةً أكثر من خلال رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، حسبما أدركت صحيفة The Jerusalem Post.

وبحسب الصحيفة، كان لدى بن شبات وكوهين منافسات كبيرة للسيطرة على عمليات التطبيع مع السودان والمغرب وكذلك على السياسات المعنية بإيران.

وعلى الرغم من أنَّ نتنياهو، في نهاية المطاف، سلَّم بن شبات رسمياً حقيبتي السودان والمغرب داخل مكتبه، فيبدو أنَّ رئيس الوزراء السابق قد غضّ الطرف أو أجاز بهدوء علاقات كوهين مع حمدوك.

هل يعمل الموساد على تولي حميدتي إدارة الأمور في السودان؟

تقول “جيروزاليم بوست”، إذا كانت هذه هي نهاية القصة، فإنها ستكون بالفعل معقدة وقد تؤدي إلى أخطاء، وإثارة شكوك السودانيين حول تآمر الإسرائيليين وتدخلهم في قضاياهم الداخلية.

لكن ما يمكن أن يُعرِّض التطبيع للخطر -خاصة وأن وثيقة التطبيع النهائية لم تُوقَّع بعد- هي الطبقة التالية من التعقيد.

تحت إدارة كوهين -وكذلك تحت قيادة مدير الموساد الجديد ديفيد بارنيا حسبما يبدو الآن- طوَّر الموساد علاقات مع الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف أيضاً باسم حميدتي. ومن الناحية النظرية، حميدتي هو نائب البرهان، لكن هذا على الورق فقط.

فما وراء الرواية الرسمية، قد يكون حميدتي هو القوة الحقيقية في السودان لأنه يسيطر على أكبر وأقوى قوة عسكرية به؛ وهي ميليشيات تتفوق بكثير على جيش البلاد. ويعتبر الكثيرون حميدتي الشخصية الحقيقية التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير في عام 2019، بعد حكم استمر 25 عاماً.

السؤال إذن هو ما إذا كان الموساد يلعب أوراقه بعناية ومرونة في حالة تولي حميدتي زمام الأمور في مرحلة ما، أو ما إذا كانت القضية هي استمرار أكثر عمومية للتنافس بين مائير بن شبات والموساد للسيطرة على بعض القضايا الخارجية.

علمت صحيفة The Jerusalem Post أنَّ المسؤولين الإسرائيليين في عهد نتنياهو كانوا على دراية بالموضوع، بل إنَّ البعض انهالت عليهم الانتقادات من السودانيين بشأنها. لكن لم تُحلّ هذه المسألة قط، مثل بعض مظاهر التنافس الأخرى.

علاوةً على ذلك، تدرك الصحيفة أنَّ الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء نفتالي بينيت ووزير الخارجية يائير لابيد، لم تتعامل مع هذه القضية حتى الآن.

وهناك منعطف آخر في كل هذا يتمثل في مسألة من الذي سيحل المشكلة بين بينيت ولبيد. فمن ناحية، بينيت هو رئيس الوزراء ويسيطر على الموساد ومجلس الأمن القومي.

لكن من المفترض أن يترأس لابيد وزارة خارجية تتمتع بسلطة أكبر بكثير مما شوهد منذ خدم شمعون بيريس تحت قيادة إسحاق رابين في منتصف التسعينيات. وكانت سلطة الوزارة محدودة أكثر بكثير في عهد نتنياهو، تاركة التنافس بالأساس بين مسؤوليه.

“التطبيع الإسرائيلي مع السودان في وضع حرج”

هل ستحل حكومة بينيت-لابيد التنافس على سياسة السودان؛ إذ يشكو المسؤولون السودانيون للأمريكيين من عمل الموساد باستقلالية مع القادة العسكريين خلف ظهور القادة المدنيين، كما لو كانوا في “الغرب المتوحش”؟

أم ستكون وزارة الخارجية ببساطة منافس جديد وثالث يُضَاف إلى هذا المزيج؟ هناك شيء واحد مؤكد؛ تدرك صحيفة The Jerusalem Post أنَّ السودان ليس دولة بها أعداد هائلة من المطارات والرحلات الجوية الدولية. وقد يكون الموساد قادراً على الدخول والخروج من بلدان أخرى دون أن يلاحظه أحد على الإطلاق.

لكن إذا استمرت في العمل مباشرةً مع القادة العسكريين مثل حميدتي في السودان، ودون التنسيق مع القيادة المدنية، فسيلفت الانتباه، وقد يضع جهود التطبيع في وضع حرج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى