الصين تجبر مسلمي الإيغور على العمل بدون أجور، ومجموعة من الشركات العالمية تتنصل من هذه الجريمة

“الصين تجبر الإيغور على العمل بدون أجور”، وقائع مروعة أخرى كشفتها مراكز أبحاث عالمية عن الاضطهاد الصيني لمسلمي الإيغور

ويشكل مسلمو الإيغور في الصين، ما يقرب من نصف سكَّان منطقة شينجيانغ في أقصى الغرب (موطنهم الأصلي).

وظهرت جوانب مروعة جديدة في مأساة الإيغور قد تكشف عن تورط واسع النطاق لشركات صينية في ممارسات مشينة ضدهم، حسب ما ورد في تقرير لمجلة The Economist البريطانية.

لكن الأسوأ أن بعض الشركات العالمية قد تكون لها علاقة بهذه الانتهاكات.

ترامب يوقع القانون بعدما كان يؤيد وضعهم في المعسكر

يهدف قانون سياسة حقوق الإنسان تجاه الإيغور الذي وقعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 17 يونيو/حزيران لمعاقبة بعض المسؤولين الصينين إلى معاقبة المسؤولين الصينيين على انتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانغ، حيث زُجَّ ربما بحوالي مليون شخص، بما يشمل واحداً من كلِّ عشرة من الإيغور، في عام 2017، في معسكر اعتقال جديد.

اختير هؤلاء لهذا “التدريب”، لأن عاداتهم، مثل الصلاة، تُظهِر الكثير من الحماس لثقافتهم أو رفضهم مشاهدة التلفزيون الحكومي.

وقبيل أن يرفع ترامب قلمه للتوقيع، جاءت وخزةٌ حادة من جون بولتون، المستشار السابق للأمن القومي. قال بولتون إن ترامب قد طمأن الرئيس الصيني شي جين بينغ أن بناء معسكرات السجن “هو بالضبط الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله”. ليس من الواضح ما إذا كان ترامب قد تحدَّثَ هكذا بدافعٍ من القسوة أو الجهل. وربما أخبره شي أن المعسكرات ضروريةٌ لكبح جماح الإرهاب، وأن المعتقلين قد أظهروا جميعاً توجُّهاتٍ خطيرة. هذا هو الخط الرسمي للصين. كان على ترامب أن يرى ذلك، لكنه لا يقرأ دائماً أوراق الإحاطة الموجزة التي تُقدَّم له.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ/Reuters

ومع ذلك، احتفى مؤيِّدو الإيغور بتوقيع ترامب مشروع القانون، فهم يرحِّبون بالمساعدة أينما أمكنهم الحصول عليها. لكن القانون ليس قوي الشوكة، فالولايات المتحدة لديها بالفعل قانونٌ يسمح للرئيس بفرضِ عقوباتٍ، مثل تجميد الأصول أو رفض منح التأشيرات، على المسؤولين الأجانب الذين ينتهكون حقوق الإنسان.

وهذا القانون اتَّخَذَ خطوةً إضافية بتحديد اسمين، هما: تشن كوانغو، أمين الحزب الشيوعي لمنطقة شينجيانغ، ونائبه السابق تشو هايلون. (في 19 يونيو/حزيران، في حوارٍ أجراه ترامب مع موقع Axios الأمريكي، قال إنه لم يكن يرغب في تعريض المحادثات التجارية مع الصين للخطر). وأدرجت إدارة ترامب بالفعل عشراتٍ عديدة من الشركات في القائمة السوداء، لاعتبارها مُتورِّطةً في هذه الفظائع، بما يشمل توفير تكنولوجيا المراقبة. ولا يفرض القانون الجديد أكثر من ذلك بكثير، إلا من خلال مطالبة الحكومة الأمريكية بالإبلاغ عن مدى القمع الذي يتعرَّض له الإيغور ومن يمارس هذا القمع.

دول عديدة انتقدت الصين ولا أحد فعل شيئاً

ووجَّهَت العديد من الدول انتقاداتٍ للصين على هذا القمع الذي يُعَدُّ أكبر عمليةٍ تعسُّفيةٍ ضد أقليةٍ في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، لكن قليلاً من هذه الدول اتَّخَذَ خطواتٍ أكثر من ذلك في هذا الصدد.

وتقول الصين إنها تقدِّم تدريباً مهنياً للنزلاء في المعسكرات. لكنهم يُجبَرون على انتقاد الإسلام، وحلق لحاهم، وتناول لحم الخنزير، والتحدُّث بلغة الماندرين، والإشادة بالرئيس شي. ولم يُخبَر أيٌّ منهم متى يُطلَق سراحهم.

في أكتوبر/تشرين الأول، أظهر البرلمان الأوروبي بعض الدعم من خلال منح جائزة ساخاروف لحرية الفِكر للأكاديمي الإيغوري إلهام توختي، الذي حُكِمَ عليه بالسجن مدى الحياة في العام 2014 بتهمة الانفصالية.

والشركات تتجاهل مناشدات النشطاء وبعض الدول تسلم الإيغور للصين

لكن الشركات والبطولات الرياضية التي تتعامل مع الصين تجاهلت في الغالب مناشدات النشطاء بالتنديد بأهوال الحادثة في شينجيانغ. أعلنت السويد أنه يمكن افتراض أن أياً من الإيغور الذين يتقدَّمون بطلباتِ لجوءٍ إليها قد تعرَّضوا بالفعل لاضطهاد. لكن بعض الدول، مثل كمبوديا ومصر وتايلاند، أرسلت اللاجئين الإيغور لديها إلى الصين مرةً أخرى، ليتلقوا عقوباتٍ أكيدة.

ساعدت القوة الاقتصادية للصين في تجنُّبها التعرُّض للاستهجان على ذلك. وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول، وقَّعَت الحكومات الأوروبية وإدارة ترامب خطاباً في الأمم المتحدة لإدانة الصين علناً. ورداً على ذلك، كسبت الصين إلى صفِّها 50 دولةً أخرى، بما في ذلك الكثير من الدول ذات الأغلبية المسلمة، لتبنِّي السردية الرسمية بأن المعسكرات جزءٌ من استراتيجية مكافحة الإرهاب التي تجعل شينجيانغ أكثر أماناً. وساعدت الجائحة الصين أيضاً في تحويل انتباه الجميع عن شينجيانغ.

ومن الغريب أن الصين سجَّلَت أقل من 100 حالة إصابة بفيروس كوفيد-19 بين سكَّان شينجيانغ البالغ عددهم حوالي 22 مليوناً. قد لا تكون الأرقام الرسمية دقيقة، لكن من الممكن أن يكون الإيغور قد عُزِلوا عن بقية العالم بحيث صاروا بالكاد يتعرَّضون للفيروس.

الصدمة، الصين تجبر الإيغور على العمل بدون أجور

وقبل ظهور الجائحة، وأثناء اندلاعها، فصَّلت ثلاثة تقارير -من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ومعهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي في كانبيرا، ومن الباحث الألماني أدريان زينز- مخططات رسمية لإرسال الكثير من الإيغور من المعسكرات من أجل أداء أعمالٍ قسرية في مصانع في شينجيانغ وعبر أرجاء الصين.

وقدَّم معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي ما قال إنه تقديرٌ مُحافِظ بأنه بين عاميّ 2017 و2019 أُرسِلَ ما يقرب من 80 ألف إيغوري لأداء مثل هذه الأعمال خارج شينجيانغ. وتمنح الحكومة مكافآتٍ للمصانع لكلِّ عاملٍ يستقبلونه منهم.

ويتحمَّل الكثير من الإيغوريين ظروفاً بائسة؛ حيث أماكن مبيت منفصلة عرقياً في مجمَّعاتٍ بأبراج مراقبة، وجلسات تلقين، ورواتب غالباً ما تكون أقل بكثير من الحدِّ الأدنى للأجور (في حال تلقوا أيَّ رواتب من الأصل).

وقد تكون بعض الشركات العالمية مستفيدة من ذلك حتى دون أن تدري

أيقظت التقارير الثلاثة بعض الشركات الأجنبية، فأخذت العشرات منها تتفحَّص سلاسل الإمداد الخاصة بها من أجل العثور على دليلٍ على العمل القسري (أو على الأقل قالوا إنهم يفعلون ذلك). وحدَّد تقرير معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي أسماء 83 شركة من المُحتَمَل تورُّطها في استخدام هذا النوع من الأعمال، لكن عدداً من الشركات اعترضت على ذلك. وقالت شركة أديداس إن مصنعاً مذكوراً في التقرير، يظهر فيه شعار أديداس، ليس من مُورِّديها. أما شركة نايكي، التي ذُكِرَت أيضاً في التقرير، فقد أصدرت بياناً تنصَّلَت فيه من العمل القسري، بينما أشارت إلى أن الظروف السائدة في المصانع المذكورة ربما ليست قسريةً كما هو واردٌ في التقرير.

وتقول الجماعات الأمريكية التي تمثِّل شركات تكنولوجية وشركات ملابس إنها تحاول فعل المزيد، لكن نفوذها محدود في تعاملاتها مع الحكومة الصينية.

لكن هذه الجماعات تبدو متردِّدةً في استخدام أيِّ نفوذ لديهم، أو حتى أن يعلنوا أيَّ خطواتٍ محدَّدة يتخذونها.

والشركات تحمل المسؤولية للحكومات الغربية، وها هو عضو بالكونغرس يتحرك

تزرع شينجيانغ أكثر من القطن الصيني، وحوالي 20% من القطن العالمي. وتُعَدُّ الصين أيضاً مركز تصنيع وسوقاً واسعة لكبرى العلامات التجارية الاستهلاكية في العالم. وتخشى الشركات من انتقاد الحزب الحاكم في الصين علانيةً. وتجادل جماعات الضغط الخاصة بهذه الشركات أنها بحاجةٍ إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للعمل معهم للدفع من أجل تغيير هذا السلوك.

وفي ظلِّ تخاذل ترامب عن فرض العقوبات، أخذ صقور الكونغرس زمام المبادرة.

وفي مارس/آذار الماضي، قدَّم ماركو روبيو، السيناتور الجمهوري من فلوريدا، قانون حماية الإيغور من العمل القسري.

ومن شأن مشروع القانون هذا أن يضع “افتراضاً قابلاً للدحض” أن أيَّ بضائع من شينجيانغ صُنِعَت بواسطة العمل القسري، وبالتالي قد لا تُستورَد.

وسوف يتطلَّب أيضاً من الشركات المُدرَجة علناً في الولايات المتحدة أن تفصح عن أيِّ صلاتٍ لها بالعمل القسري في شينجيانغ أو أيِّ من الفظائع هناك.

ويمكن لسلطات الجمارك الأمريكية بالفعل منع واردات المنتجات المُصنَّعة من العمل القسري، ولكن ليس لديها إلا موارد محدودة لمساعدتها في التحقيق في ما إذا كانت البضائع تستحق المُصادَرة على هذه الأسس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى