العمال في صدمة.. كورونا يعيد السيناريو المرعب للكساد العظيم
يعيش العالم “أزمة لا مثيل لها” على حد وصف كريستالينا جورجييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي، أزمة جلبها كورونا وشعر بتأثيرها الصادم جميع العمال بشكل فوري، وبينما يلوح في الأفق سيناريو “الكساد العظيم” يتمنى البعض ألا تكون الأمور في اتجاه ما هو أسوأ.
حتى الآن، ينظر المحللون إلى تداعيات “كوفيد – 19” بوصفها أعمق ركود في زمن السلم منذ ثلاثينيات القرن الماضي وقت أن ضرب الكساد العظيم أرجاء العالم منطلقا من الولايات المتحدة، وفقا لبلومبرج.
ومن الولايات المتحدة أيضا خرجت أكثر الأرقام المرعبة جراء تفشي الفيروس التاجي، بخلاف الإصابات والوفيات القياسية، تشير البيانات إلى أن 10 ملايين أمريكي طُردوا من وظائفهم في غضون أسبوعين فقط من الجائحة، في أسرع انهيار على الإطلاق لسوق العمل الأمريكية، وفقا للأسوشيتد برس.
وبينما تتكدس الجثث في دور جنازات نيويورك، يعيش حي مانهاتن الراقي في قلب “عاصمة المال والإعلام” أياما سوداء، حيث تشير بيانات “وول ستريت” إلى انهيارات قياسية في مؤشرات البورصة.
ووسط الحظر والإغلاق الذي تبنته الولايات المتحدة لمحاصرة تفشي الوباء، تراجعت أجور الأمريكيين للمرة الأولى منذ عام 2010.
ويقول بيتر هوبر، رئيس الأبحاث الاقتصادية العالمية في “دويتشه بنك” إن معدلات البطالة المتصاعدة في الولايات المتحدة وأوروبا “أمر غير مسبوق منذ الكساد العظيم”.
والشهر الماضي، حذرت منظمة العمل الدولية من تلاشي 25 مليون وظيفة إذا لم تتم السيطرة على الفيروس.
– البطالة تكثف الضغط على الحكومات
وحسب بلومبرج، سيعمل تزايد البطالة على تكثيف الضغط على الحكومات والبنوك المركزية لتسريع تنفيذ برامج إما لتعويض العمال المفصولين بشكل مباشر أو محاولة إقناع أرباب العمل بالحفاظ على موظفيهم لحين تلاشي أثر كورونا.
وتحذر الوكالة من أن الفشل في تحقيق هذا الأمر يدفع إلى المخاطرة بحدوث ركود أعمق.
ويتوقع الاقتصاديون في “جى بي مورجان” أن يقفز مقياس البطالة في الأسواق المتقدمة بنسبة 2.7% بحلول منتصف هذا العام ، بعد أن بدأ هذا العام حول أدنى مستوى له في 4 عقود.
وسيتغير تأثير البطالة على أسواق العالم بحسب النموذج الذي تتبناه، حيث تمثل الصدمة لأسواق العمل “اختبار ضغط” للنماذج الاجتماعية المختلفة.
وتشير التحليلات إلى أن المرونة في سوق العمل الأمريكية هي الأعلى مقارنة بمنطقة اليورو واليابان، بما يعني أنها ستكون الأعلى في البطالة، حيث يوجد عبء أكبر على الاحتفاظ بالموظفين، فيما ستحافظ شبكات الأمان الاجتماعي على جزء من العمالة في أوروبا.
وحتى الآن في أوروبا، أظهر تقرير أن ما يقرب من مليون بريطاني تقدموا بطلبات للحصول على مدفوعات الرعاية الاجتماعية في غضون أسبوعين، وهو 10 أضعاف الرقم المعتاد.
وأصدر مكتب الإحصاء في بريطانيا دراسة استقصائية للشركات توصلت إلى أن 27% منها تعمل على تسريح موظفين على المدى القصير.
وفي إسبانيا، سجلت معدلات طلبات إعانة البطالة ارتفاعا قياسيا بينما قفز المعدل في النمسا إلى أعلى مستوى منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي ألمانيا تقدمت 470 ألف شركة بطلبات للحصول على دعم للأجور من الدولة الألمانية في مارس الماضي، وهو رقم من المرجح أن يستمر في الارتفاع.
وفي فرنسا سارعت 400 ألف شركة إلى الاستفادة من المساعدات الحكومية للإبقاء على العمال.
وتكررت صدمات التوظيف في أنحاء أوروبا وآسيا بأرقام متفاوتة لكنها صادمة في مجملها.
– المستقبل؟ البطالة تطوق العالم حتى نهاية 2021
ورغم التوقعات ببعض التعافي مع انقشاع تأثير الفيروس، يتوقع محللو “جى بي مورجان” ارتفاع معدل البطالة بنسبة 4.6% في الولايات المتحدة و8.3% في منطقة اليورو بحلول نهاية عام 2021.
فيما يقول بيتر هوبر المحلل لدى “دويتشه بنك” إن التوقعات لن تبدو قاتمة عندما يتوقف تفشي الفيروس ويعود الطلب إلى الارتفاع.
وتابع: “يجب أن نرى انخفاضا سريعا إلى حد ما في مستويات البطالة المرتفعة جدا”.