الكاتب السعودي تركي الحمد يثير سجالاً مع الكويتيين بحديثه عن أمجاد الماضي
قوبلت أحدث آراء الكاتب والروائي والمفكر السعودي، تركي الحمد، حول الكويت، اليوم الجمعة، بانتقادات لاذعة من قبل مواطني البلد الخليجي الصغير بعدما قال إن بلادهم فقدت طعمها، وتعيش على أمجاد الماضي.
وكان الحمد، ذو التوجه الليبرالي المعروف، يعلق على وفاة شملان العيسى، أستاذ العلوم السياسية البارز في جامعة الكويت، عندما قال:“لم يعد للكويت طعم بعد أحمد الربعي، وأحمد البغدادي، وشملان العيسى“.
وأحمد الربعي هو مفكر كويتي بارز رحل في العام 2008، كما أن أحمد البغدادي مفكر وأكاديمي كويتي ليبرالي رحل في العام 2010، وكان الاثنان مع شملان العيسى الذي رحل، أمس الخميس، من أبرز النخب الثقافية في الكويت.
ولم يرقَ ذلك النعي لكثير من الكويتيين الذين اختاروا الرد على تغريدة الكاتب السعودي، ودافعوا عن بلادهم لكونها ”لا تُختصر بعدد من الأشخاص مهما علا شأنهم، كما أنها تنجب كفاءات في كل القطاعات عبر التاريخ“ على حد قول البعض منهم.
وبدا ”الحمد“ متفاجئًا في بادئ الأمر من ردود الكويتيين على تغريدته تلك، ودافع عن نفسه بالرد على أحد الكويتيين الذين انتقدوه بالقول:“مو الكويت، حط التوجه الذي يهمك تالي الدولة إلي فيه، بعّد عن الحرش يا بو حمد“، ليأتيه رد الكاتب السعودي:“أخي الكريم.. لم كل هذه الحساسية؟.. أعبّر عن مشاعري.. بالنسبة لي، كانت الكويت هؤلاء الثلاثة، وهذا لا يقلل من قدر الكويت“.
ومع تواصل الانتقادات ضد الحمد، وتجاوز بعض المغردين الكويتيين الانتقاد، إلى الإساءة للكاتب السعودي، قرر الرد على الجميع بتغريدة ما لبثت أن أثارت السجال من جديد بين مغردين كويتيين لم تعجبهم آراء الحمد ببلادهم، ومغردين سعوديين راحوا يدافعون عن آراء مواطنهم.
وقال الحمد في تغريدته:“مشكلة الكويت، وليعذرنا أهلنا في الكويت، أنها تعيش على أمجاد الماضي ما قبل الغزو، أمجاد دستور عبدالله السالم، وبرلمانات ما قبل 1985، ونجومية عبدالحسين عبدالرضا، ولكن كل ذلك انتهى.. كويت اليوم غارقة في مشاكل الفساد.. الجيل الجديد لا يعي ذلك، ولكن درة الخليج التي كانت لم تعد“.
وتشكل التواريخ، والأحداث، والأسماء، التي أشار إليها ”الحمد“، محطات مفصلية في تاريخ الكويت، عندما أقر البلد الخليجي دستورًا في العام 1962، أعقبه إجراء انتخابات لأول مجلس أمة يعد برلمانًا وفق المفاهيم السياسية الغربية، فيما اعتبر حل ذلك ”البرلمان“ في العام 1985 غير دستوري وبداية لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد.
وتتباين الآراء حول التجربة السياسية الكويتية بين من يراها ناجحة وتمتلك الكثير من الأسس الديمقراطية من جهة، وبين من يرى الكويت غارقة في فساد إداري استنزف ثروتها التي جلبتها عائدات بيع النفط لتتأخر عن جيرانها الخليجيين في كثير من المجالات.
وتقدم النائب الكويتي في مجلس الأمة، صالح أحمد عاشور، منتقدي الكاتب السعودي الحمد، وقال في رد على تغريدته:“يكفي أنه عندنا برلمان منتخب ويحاسب حتى حكامنا، وللعلم 3 وزراء سابقين من الأسرة تمت محاسبتهم، وهذا حلمكم، وتحتاجون لمعجزة حتى تبلغوه“.
وربط الإعلامي الكويتي طلال الكشتي آراء ”الحمد“ بالأزمة الخليجية، وأنها جاءت ردًا على استعانة الكويت بطائرات تابعة للخطوط القطرية لإجلاء مواطنيها في الخارج، حيث ينقسم الكويتيون بشأن الخلاف بين دول المقاطعة والدوحة بالفعل، وبينما ينحاز فريق منهم لصالح الرياض وحلفائها، تقف جماعات الإسلام السياسي الكويتية في صف قطر.
وقال الكشتي:“تركي الحمد…كل هذا علشان الكويت طلبت من الشقيقة قطر استخدام جزء من طائراتها العملاقة لإجلاء أبنائها من الخارج… يا تركي يكفي حقدًا وكراهية للكويت“.
وبدا الكاتب الكويتي، مبارك الجِرِي، هادئًا في انتقاد ”الحمد“ مقارنة بكثير من مواطنيه، وقال:“سبقك الكويتيون في هذه الملاحظة وناقشوها في العلن، و انتقدوا فساد حكومتهم في العلن أيضًا، وملاحظتك قديمة ولم تأتِ بجديد، ولكن توقيتها غريب. وأخيرًا بلادي لم ولن تغرق، والقادم أجمل بإذن الله، ولدى الكويت خصوصية ما زالت تميزها بالرغم من إخفاقات الحاضر، حفظ الله الخليج من كل مكروه“.
في السياق ذاته، قال مشاري الحمد:“لكثرة الردود، ولاختصار ما قلت يا أستاذ تركي، لسنا في المدينة الفاضلة، ولكن لله الحمد والمنة نسيّر شؤوننا بطريقة متقدمة مرة ومتراجعة مرة أخرى، وإن اختلفنا كثيرًا مع الحكومة وانتقدنا أفرادها ورئيسها لتصحيح الاعوجاج“.
وأيد أحمد موسى مواطنه ”الحمد“ في رد على تغريدته، قال فيه:“نقطة جديرة بالإيضاح، حتى أمجاد الماضي غالبيتها زائفة، اسمع رأي عبدالله النفيسي الذي يعتبرونه من عظماء مفكريهم عن برلمانهم وديمقراطيتهم لتعرف أن ماضيهم مجرد جعجعة“.
وقال مغرد سعودي آخر في دعم لرأي الحمد:“مساء الخير، رأيك سليم، وأضيف أن تنظيم الأحزاب والجماعات السياسية والدينية غير صالح في الوطن العربي ودمار شامل للوطن، وهذه التنظيمات والأحزاب السياسية هي تنظيمات عنصرية، ودمار للوحدة الوطنية، وتخدم أعداء الوطن.. وتتنافس في نشر الحقد والانتقام بين أفراد الشعب، وهي تُوقف التطور. رأي“.
وفي محاولة لتهدئة السجال، قال يوسف عوض العازمي:“عيّن خيرًا يا دكتور تركي، والكلام الذي ليست فيه فائدة تركه فائدة، وحفظ الله الكويت والشقيقة الكبرى الغالية السعودية من كل شر وضر، يا أستاذنا الناس تحت كورونا، وحظر جزئي، وحظر كلي، وأنت جاي بهذه التغريدة! تغريدة غير موفقة أستاذنا العزيز، وليست في وقتها، هدانا الله وإياكم“.وفي سياق مماثل، قال المستشار القانوني السعودي، سعد الوهيبي:“للأسف هناك مؤامرة ضد الكويت تحاك في الخفاء لجعل الشعوب غارقة في الكراهية بدأت بمصر والآن في السعودية، ولكن رغم كل الظروف كلنا يد واحدة إن شاء الله، ولا يجب أن ننساق خلف الحاقدين، والسعودية، والكويت، كيان واحد مهما حدث“.
وبينما ترتبط السعودية والكويت بتحالف وثيق وقديم على مستوى القادة، يبدي بعض الكويتيين انحيازًا لصالح الدوحة في الأزمة الخليجية الحالية، ويتورط بعضهم بالإساءة للسعودية ودول المقاطعة الأخرى، ما يثير ردودًا غاضبة من قبل مواطني دول المقاطعة من خلال سجالات تظهر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.