المصارف اللبنانية تحجز الرواتب… فما هي خيارات الحكومة لحل المشكلة؟

اتهم علي خليل، وزير المالية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، المصارف اللبنانية بحجز رواتب الموظفين وعدم دفعها، ما أدى إلى غضب شعبي في البلاد.

هذا الاتهام جاء في تغريدة للوزير على موقع تويتر، الذي اعتبر فيه أن رواتب الموظفين هو حق مقدس ومن غير المسموح المس فيه، وأنه سيقوم بكافة الإجراءات القانونية لحماية هذه الرواتب.

ويأتي هذا الاتهام في الوقت الذي أصدرت جمعية مصارف لبنان بيانا أعلنت فيه عن الموافقة على مجموعة من الإجراءات تتضمن تحديد سقفا للمسحوبات حدد بألف دولار أمريكي أسبوعيا، ومليون ليرة لبنانية.

أسباب الإجراءات

وعن سبب هذه الإجراءات وحجز المصارف للرواتب يقول الخبير الإقتصادي اللبناني الدكتور جاسم عجاقة في حوار صحفي: من غير المقبول أن لا يتم دفع الرواتب وخاصة بالليرة اللبنانية، ولكن الناس تطلب السيولة ونحن نعرف أن لا سيولة حتى بالليرة اللبنانية كافية لتغطية الطلبات، لذلك تم طبع أوراق جديدة لتغطية الطلب الداخلي.

ويتابع: نحن نعتقد أن الأمر بالمطلق يظهر مدى الوضع الحرج عند المصارف، مع العلم إن بعض المصارف تتخذ بعض الإجراءات القاسية جدا وغير الضرورية، ولا تعكس الوضع الحقيقي لها.

ويكمل عجاقة: هناك قيود على الدولار والسبب معروف لأنه لم يعد يدخل إلى لبنان، حيث لم يعد أحد يودع بالدولار، نظرا للأوضاع السياسية وتراجع الثقة بالقطاع المصرفي، وهذين الشيئين يمنعوا الدولة من أن تعطي ضمان كما كان سابقا.

ويضيف: أما موضوع التحجيم فيما يخص الليرة اللبنانية مبالغ فيه قليلا، فخلال فترة قام الناس بسحب مبالغ من الليرة اللبنانية ووضعها في المنازل، وهذا ما قلل السيولة قليلا في الأسواق، ولكن في المطلق مع الطبعة الجديدة لا يوجد هناك مبرر لمنع الليرة عن الناس.

بدوره يرى الخبير الاقتصادي اللبناني زياد ناصر الدين في لقاء صحفي أن هذا الشيء قديم نسبيا، ويقول: هذه الإجراءات ليست جديدة، هناك اليوم تشكيل الحكومة أصبح عامل أساسي لإعادة الثقة في لبنان، ونحن لدينا مشكلة والمصارف جزء من المشكلة وجزء من إدارة الأزمة، وهي تشارك سياسيا في مكان ما في الأزمة.

ويتابع: الواقع اللبناني الآن يحتاج إلى إدارة مالية ومصرفية جديدة، ويمكن القول أن امتيازات النظام السابق قد انتهت، وعلى الطبقة السياسية الجديدة أن تأخذ قرارا بأن امتيازات الفساد انتهت، والمطلوب اليوم توضيح كامل واتخاذ اجراءات لحماية الناس وحماية المودعين وحقوق المواطنين.

ويضيف ناصر الدين: أعتقد أن طبعة جديدة للعملة اللبنانية اليوم موجود، وبالتالي نقص السيولة الذي كانت تتكلم عنه المصارف أصبح غير موجود، وهناك بلبلة نقدية ومالية بسبب غياب من يتخذ القرار بالتصحيح، وبالتالي تشكيل الحكومة سيكون بالاتجاه الصحيح، واتخاذ القرارات مفيدة اقتصاديا يساعد على البدء بإعادة الثقة وهي مفقودة اليوم، وبالتالي لن يكون هناك ثقة للمودعين في المصارف، وأي إجراءات من قبل المصارف لن يكون لها أثر إيجابي إلا في حال أعادت الثقة للمودعين،

ويستكمل: فقدان الثقة اليوم مرتبط بالوضع السياسي المأزوم، وهناك من ماطل في موضوع القبول بالتأليف ث م تراجع عن موضوع القبول، وهناك الآن إمكانية جدية بوجود الرئيس يريد تأليف الحكومة، وتأليف الحكومة سيكون اللاعب الأساسي والأهم في وضع رؤية أساسية لمعالجة أسباب النظام الريعي، والأخذ بعين الاعتبار أن لبنان يحتاج إلى نظام اقتصادي جديد.

حال المواطن

وعن معيشة المواطن اللبناني في ظل هذه الإجراءات وخصوصا من يحتجز راتبه منهم يقول الخبير جاسم عجاقة: المصارف تتحجج بأنها لا تحتجز الأموال وبأنها وضعت بين أيدي الناس وسائل دفع الأموال، مثل الشيكات والبطاقات المصرفية ويتم استخدامها لكل المعاملات، وهذا من حيث المبدأ صحيح، لكن ليس الجميع يمتلكون هذه الوسائل

ويتابع: هناك شيء يسمى الشمول المالي وهو يعكس مدى تمدد وسائل الدفع غير الكاش في الاقتصاد، وهو صحيح مرتفع لدينا، لكن هناك فئة من الناس لا تملك بطاقات أو غيرها، هؤلاء الناس يجب أن يلبى طلبهم، والمصرف يعرف من لديه بطاقة مصرفية أو لا.

ويكمل عجاقة: الأخذ بعين الاعتبار لهذه الأمور سيسهل الحياة على المواطن، وإذا استمرت المصارف بهذا النوع من التشدد، يمكن أن نصل إلى أزمة اجتماعية قد تخلف تداعيات أمنية، حيث يمكن أن يزداد العنف، ونحن نشهد مواجهات بين المودعين المطالبين بأموالهم وبين المصارف.

أما الخبير زياد ناصر الدين فلا يرى أن الأمر بالغ الخطورة أو أن المواطن يعاني بشكل كبير، ويبين: المواطن اللبناني يقبض راتبه، لكنه يقسم على دفعات، واليوم يجب أن يكون قد تم حل المشكلة من خلال طبع المزيد من الأموال، ونحن اللآن أمام مرحلة مختلفة.

 ويواصل: هم لا يمكنهم حجز أموال اللبنانيين أبدا، ولكن هم فقط يقومون بتقسيم هذا الراتب، والموضوع سيتم معالجته بأسرع وقت، لأن الجميع يعلم بأن الأموال موجودة، وهي أساسا غير مرتبطة بالأموال، حيث أن هناك سيطرة مقنعة على رأس المال.

إجراءات حكومية

وعن الأجراءات المعاكسة التي يجب على الحكومة اتخاذها لمواجهة إجراءات المصارف يقول الدكتور جاسم : المشكلة أن لا حكومة أصيلة لدينا اليوم، وإنما حكومة تصريف أعمال، لذلك بالمطلق العملية غير سهلة، وفي حال وجود حكومة أصيلة فيكون نصف المشكلة قد حل، لأننا نفقد الثقة في القطاع المصرفي، حيث أن قسم كبير من تهافت المواطنين على الأموال هو بسبب فقدان الثقة، والناتج عن التخبط السياسي الحاصل في لبنان.

ويضيف: إذا وجدت الحكومة فإن الثقة سوف تستعاد، وأكيد عندها سيكون تعاون أكبر بين المصارف والحكومة، حيث أن يمكن للحكومة أن تضغط على المصارف لتخفيف التشدد الذي تقوم به حاليا.

وبدوره الخبير زياد ناصر الدين يرى أن الحكومة هي الحل، ويقول: يجب تشكيل حكومة بشكل لاتخاذ إجراءات مع المصارف، وأن تعطي هذه  الإجراءات الثقة في البلد، ولبنان دولة صغيرة، وإذا عادت الثقة تعود بشكل سريع إلى كافة الطبقات، ولكن الآن نحن أمام مرحلة انتقالية وبرنامج الحكومة هو من يعطي الثقة، وبالتالي يخفف من الأضرار المالية والنقدية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى