آخر الأخبارتحليلات و آراء

الوحدة الكفاحية.. لمواجهة “فخ” ترامب ـــ نتنياهو

سليم الزريعي

يمكن التقدير أنه إذا كان صحيحا؛ أن إخطار قطر كلا من الكيان الصهيوني وحماس “قبل 10 أيام أثناء المحاولات الأخيرة للوصول إلى اتفاق، بأنها ستعلق جهودها في الوساطة بينهما في حال عدم التوصل لاتفاق في تلك الجولة”، فإن ذلك ربما كان يتفق وما يريده نتنياهو، انتظارا لعودة ترامب للبيت الأبيض.

وهذه الرغبة الصهيونية اليهودية ليست معزولة عن سلوك ومواقف ترامب العملية، أثناء فترة رئاسته الأولى ما بين 2017 و2020، التي تجلت في الموقف المعادي للشعب الفلسطيني وقضيته، سواء عبر الاعتراف بأن القدس الموحدة هي عاصمة للكيان الصهيوني، وقرار نقل سفارته إليها، أو عبر ما سماها صفقة القرن التي كانت بمثابة تصفية موصوفة، للحل السياسي عبر مفهوم الدولتين. زكى هذا النزوع لدى نتنياهو مواقف ترامب المعلنة مما يجري في غزة خلال حملته الرئاسية.

وضمن توقع ما سيقدمه ترامب على صعيد القضية الفلسطينية في تماهيه في مواقف الكيان الصهيوني، كشف نتنياهو أنه “في الأيام الأخيرة تحدث ثلاث مرات مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب”، وأن تلك المحادثات كانت” جيدة وهامة جدا، غايتها توثيق أكثر للتحالف الصلب بين إسرائيل والولايات المتحدة” وأنهما كما قال” متفقان بشأن التهديد الإيراني بكافة مركباته والخطر الكامن فيه”، وأن أمام الكيان الصهيوني فرص كبيرة فيما سماه ” مجال السلام وتوسيعه وفي مجالات أخرى”.
كل ذلك يجري فيما المحرقة مستمرة، فكان أن ارتفع عدد ضحايا تلك المحرقة في يومها 401، في قطاع غزة يوم الأحد 10 نوفمبر إلى 43.603 شهيدا، و102.929 مصابا.

هذا في الوقت الذي يقوم فيه الكيان الصهيوني بتكريس وجودة العسكري في قطاع غزة عبر تغيير بنية القطاع، فقد كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن جيش الاحتلال حول محور نتساريم إلى بؤرة عسكرية ضخمة داخل قطاع غزة، تتضمن منشآت عسكرية ثابتة، ومعتقلات، ومراكز قيادة، مما يشير إلى وجود نية لإبقاء قوات إسرائيلية على أرض القطاع بشكل دائم.

وأفادت الصحيفة أن الجيش يعمل على تغيير هيكل القطاع بشكل جذري عبر تقسيمه إلى ثلاث مناطق، فأنشأ محوراً جديداً يفصل بين مناطق شمال غزة وسائر القطاع، مع التخطيط لإنشاء محور ثالث في الجنوب.

وتهدف هذه الخطوات إلى تعزيز السيطرة الميدانية وتقييد حركة الفلسطينيين في القطاع، مما يضع أساساً لوجود عسكري إسرائيلي مستدام في هذه المناطق.

ويجري توسيع ممر “نيتساريم” بشمال قطاع غزة، بشكل ملحوظ حيث عزز الجيش الإسرائيلي تواجده العسكري والبنية التحتية فيه، مما حوّله إلى جيب إسرائيلي يمتد بطول 8 كيلومترات وعرض 7 كيلومترات، مجهز بنقاط مراقبة ومرافق عسكرية متكاملة.

وأقام جيش الاحتلال في ممر “نيتساريم” محطة اتصال جديدة بالتعاون مع شركة “سيلكوم”، كما تم إنشاء خط مياه جديد لخدمة القوات في الموقع، ما يعزز من استعدادات إسرائيل لتواجد طويل الأمد. وتم تجهيز حواجز ونقاط تفتيش مشددة على طول الممر.

وتأتي توسعات “نيتساريم” ضمن جهود إسرائيلية لتحصين المنطقة الشمالية في قطاع غزة.

وفي الوقت الذي يعمل فيه الكيان الصهيوني على التواجد في القطاع بشكل مباشر ودائم، يعاني المشهد الفلسطيني من التشتت والانقسام، وربما ما هو أكثر بؤسا من ذلك، وأحد تجليات ذلك هو غياب إرادة الوحدة، أمام خيار شطب القضية الفلسطينية، من ذلك عجز الحركتين المتنفذتين أي فتح وحماس مع كل الدم الذي يراق في غزة والضفة، عن الاتفاق على كيفية مواجهة هذا التحدي الوجودي، بأن فشل اجتماع الحركتين برعاية مصرية، في الوصول إلى صيغة ورؤية وطنية مشتركة لمواجهة ما يبيت إلى قطاع غزة بعد الحرب.

وربما يكشف فشل الحركتين الاتفاق على رؤية وطنية مشتركة، أنهما ريما تملكان ترف تبديد الوقت، وكأن هذا الوقت ليس من دم، في الوقت الذي يسقط فيه مع كل دقيقة إضافية شهداء جدد، قتلا بالرصاص أو جوعا، خاصة مناطق شمال قطاع غزة التي تعيش كما قال المفوض العام لوكالة (أونروا) فيليب لازاريني، ليل السبت/ الأحد، إنه من المرجح حدوث مجاعة في محافظة شمال قطاع غزة التي تشهد إبادة وتطهير عرقي إسرائيلي منذ أكثر من شهر. كاشفا أن الكيان الصهيوني يستخدم” الجوع كسلاح”، بعد أن “حرم الناس في غزة من الأساسيات، بما في ذلك الطعام للبقاء على قيد الحياة”.

وفي تقديري أن نتنياهو نجح في إطالة أمد المحرقة، وجلب حماس إلى المربع الذي يريده، عبر مماطلته ومناوراته ، فيما هو يحقق إنجازات لا يمكن لأي مكابر أن يتجاهلها، وبالطبع ليس من موقع التسليم السياسي والفكري أو العملي، ولكن من أجل وعي درس ما جرى، والتصرف بمسؤولية وطنية، من أجل تجاوز “فخ”، تحالف ترامب ــــــ نتنياهو، بأن يعاد الاعتبار إلى الوحدة الوطنية، من خلال أداة تنظيمية وسياسية وكفاحية واحدة ضمن برنامج جامع يحتوي الكل الفلسطيني، ويجب أن يدرك الجميع أن خذلان وتواطؤ وعجز البعض عن نصرة أهل غزة، يجب أن يكون حافزا للتشبث بإرث هذا الشعب الصابر الصامد، الذي واجه وحده مع بعض أحرار هذه الأمة، منذ قرن من الزمان، وما يزال هذا المشروع الصهيوني الكولنيالي الذي يستهدف أرضه ووجوده في ذاته. ولاشك أن من أسقط مشروع صفقة القرن قادر على احتواء الصدمات المتوقعة، والنهوض مجددا.

وليكون السؤال من بعد: ألا يستحق هذا الشعب المكافح الصابر المضحي بعد كل ما تعرض ويتعرض له، قيادة تليق به ..؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى