انفتاح على البعد الإنسانى فى “مسافة كافية” لـ جعفر العقيلى عن هيئة الكتاب

صدرت للقاص الأردنى جعفر العقيلى مجموعة قصصية بعنوان “مسافة كافية” عن سلسلة الإبداع العربى التى تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور هيثم الحاج على، وتتضمن 15 قصة تتسم بسلاسة السرد وحيويته، وقوة اللغة وحضورها، وجماليات الحدث ومفارقاته.
تتنوع القصص فى مضامينها، غير أنها تشترك فى إبراز الهواجس الإنسانية، التى تتضح فى صورة جليّة عبر المفارقة ابنة اللحظة، وهى تعلى من قيم التمرد والثورة والاختلاف، وتقارب القصص مواضيع تتعلق بواقع الناس وحياتهم اليومية وهمومهم النفسية الذاتية والمعيشية والاجتماعية والسياسية، وتتسم بأن الأحداث البسيطة والمقدمات التى تبدو للوهلة الأولى عادية ومنطقية فيها، تقود إلى نهايات غير متوقَّعة.
58-600x330
تشكل لغة العقيلى جزءا أساسيا فى بنية القصة، حيث إنها قادرة على التوالد والتشكل واكتساب أبعاد رمزية ودلالية وإشارية، وهو يضبط القصة إلى حدّ التّحكيك، ويعطي القصةَ حقها، فالواقعية منها واقعيةٌ ناجحة، والغرائبية منها غرائبيةٌ ناجحة، والذهنية الرمزية منها ناجحةٌ كذلك، وبتقنيات قَصّ جميلة مع ضبطٍ للزمن، وللعناصر التقليدية للقصة، مع انفتاح القصة على التأويل والترميز.
كذلك تنفتح لغة المجموعة على آفاق مبتكرة تنأى عن تكرار مفردات قاموسية مجترة، وتسعى بعض القصص إلى اجتراح لغة فصيحة -بخاصة في الحوارات- قريبة للدارجة المحكية، متجنّبًا الانزلاق في وهدة “العامّية”، وهو ما جعل الحوارات منسجمة مع وعي الشخصيات القصصية وواقعيتها.
وتبرز فى عدد من القصص سخرية سوداء تتأتى من المفارقة في الموقف الذى تتصاعد فيه الأحداث دراماتيكيًّا، بشكل يدفع للضحك حينًا، وللبكاء أحيانًا، وتنفتح القصص على البعد الإنساني، وتتخلص من محدودية الزمان والمكان أو تتابعهما التعاقبي لصالح التتابع النفسي، حتى صار الحدث مشرعًا على التأويل ومحافظًا على روح المتعة والإدهاش، رغم أنه يلتصق بالواقع المعاش؛ منه ينطلق وإليه يعود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى