آخر الأخبارتحليلات و آراء

باول يحسم جولة الفائدة الأولى وترامب «ليس سعيدا».. هل يصمد الفيدرالي؟

حسم رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي، جيروم باول، أول جولة في مسار السياسة النقدية الأمريكية لصالحه بالإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير، رغم تبني الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، لاتجاه معاكس.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء، في أول تعليق له على قرار تثبيت الفائدة، إن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) “فشل في وقف مشكلة التضخم التي صنعها” وقام “بعمل مروع فيما يتعلق بتنظيم البنوك”.

ترامب ليس سعيدا

توجه ترامب إلى وسائل التواصل الاجتماعي لانتقاد فشل الاحتياطي الفيدرالي في وقف ما أسماه “المشكلة التي خلقوها مع التضخم”. وتعهد الرئيس الذي جرى تنصيبه مؤخرا بتولي زمام الأمور بنفسه.

وكتب ترامب في منشور على موقع تروث سوشيال: “سأفعل ذلك من خلال إطلاق العنان لإنتاج الطاقة الأمريكي، وتخفيف اللوائح التنظيمية، وإعادة التوازن للتجارة العالمية، وإعادة إحياء التصنيع الأمريكي”.

ويضغط ترامب منذ فترة من أجل خفض أسعار الفائدة، إذ يرى أنه يجب أن يكون له رأي في سياسة الاحتياطي الفيدرالي. “سأطالب بخفض أسعار الفائدة على الفور، وبالمثل، يجب أن تنخفض في جميع أنحاء العالم”، كما قال في وقت سابق في دافوس.

باول يحسم الجولة الأولى

ومساء الأربعاء، أبقى مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة دون تغيير، ولم يقدم سوى القليل من الإشارات عن موعد إقرار المزيد من تخفيضات تكاليف الاقتراض.

وأبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي، في اجتماعه اليوم الأربعاء، أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية عند 4.50%، وهو أول اجتماع في عهد ترامب، عقب ثلاث تخفيضات متتالية بنسبة 1% خلال فترة رئاسة جو بايدن.

ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تغيرت الظروف بالنسبة لصانعي السياسة النقدية في الولايات المتحدة، حيث كان الرئيس السابق بايدن ومستشاروه يتحفظون عن التدخل في قرار الفائدة، بينما يُظهر ترامب استعداده للتأثير على هذه السياسات، مؤكدًا حق الرئيس في التدخل في هذا الشأن.

المناوشات بين ترامب وباول ليست وليدة اللحظة، فخلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي، وجه انتقاد عام 2019،ل رئيس الاحتياطي الفيدرالي، لعدم خفض تكاليف الاقتراض، متسائلًا إن كان باول “عدوًا أكبر من رئيس الصين”.

الإرشادات الجديدة

في هذا السياق، أثار عدم تقديم باول أي إرشادات جديدة بشأن خفض الفائدة في المدى القريب تساؤلات حول رد فعل ترامب، خاصة في ضوء دعواته المتكررة لهذا الشهر من أجل خفض الفائدة.

وخلال مشاركته في مؤتمر دافوس عبر الفيديو الأسبوع الماضي، أشار ترامب إلى أن خفض الفائدة يعتمد على انخفاض التضخم، الذي يتوقع أن يتحقق نتيجة لسياساته التي تركز على تقليل تكاليف الطاقة، مثل خفض أسعار النفط.

ويعتبر ترامب نفسه الأفضل في تحديد المستوى المناسب للفائدة، لكنه أضاف أنه “يسترشد” بصانعي السياسة في الاحتياطي الفيدرالي، مشيرًا إلى أنه في حال اختلف مع آرائهم، سيعلن ذلك.

ترامب يلمح إلى صدام مع باول

في تصريحاته أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، ألمح ترامب إلى احتمال حدوث صدام مع باول ومسؤولي البنوك المركزية الآخرين، حيث أكد عزمه على المطالبة بخفض أسعار الفائدة، وأشار إلى أنه سيطلب من السعودية وأوبك خفض أسعار النفط، ما سيجعل من الممكن مطالبة الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض الفائدة على الفور.

ورغم تصريحات ترامب السابقة بشأن عدم نيته إقالة باول قبل انتهاء ولايته في 2026، فإن الجدل حول العلاقة بين الإدارة الأمريكية والاحتياطي الفيدرالي لا يزال مستمرًا، مع تصاعد القلق بشأن استقلالية الأخير في اتخاذ قراراته الاقتصادية.

من جانبه، أكد باول أن الاحتياطي الفيدرالي يتمتع باستقلالية تامة، مشددًا على عدم وجود سلطة قانونية لعزله قبل انتهاء ولايته، بينما أشار وزير الخزانة المرشح من قبل ترامب، سكوت بيسنت، إلى ضرورة الحفاظ على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، مع الاعتراف بحق الرئيس في التعبير عن وجهة نظره.

تحذير من التدخل

وفي هذا السياق، حذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، يوم الإثنين الماضي، من أن استقلال البنوك المركزية أصبح موضع شك في العديد من أنحاء العالم، مشيرة إلى أن التدخلات السياسية المتزايدة قد تساهم في تفاقم التقلبات الاقتصادية.

وقالت لاغارد، خلال مؤتمر للبنك المركزي المجري: “على الرغم من أن الأبحاث الحديثة تظهر أن الاستقلال القانوني للبنوك المركزية لم يكن أكثر انتشارًا من اليوم، إلا أن استقلالها الفعلي يُشكك فيه في بعض المناطق حول العالم.”

الفيدرالي ملتزم بموقفه

أكد عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، الدكتور محمد أنيس، أن الفيدرالي الأمريكي التزم بموقفه المعلن في ديسمبر/كانون الأول الماضي بشأن خفض توقعاته لتخفيضات الفائدة في 2025 من أربع مرات إلى مرتين فقط، بعد أن خفض الفائدة بواقع 1% في 2024، متجاوزًا توقعات الأسواق.

وأوضح أنيس، أن الفيدرالي يواجه تحديًا كبيرًا بسبب تأثير سياسات ترامب، الاقتصادية والتجارية، حيث تعهد بتخفيضات ضريبية واسعة قد تؤدي إلى زيادة القوة الشرائية للمستهلك الأمريكي، ما قد يزيد من معدلات التضخم في البلاد.

في فترة ترامب الأولى، كانت الزيادات الجمركية تأتي في وقت كان فيه التضخم أقل من الهدف، بينما في الوقت الحالي، تشهد الولايات المتحدة أسوأ زيادة في تكاليف المعيشة منذ أربعة عقود، ما يجعل التعامل مع هذه السياسة أكثر صعوبة بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي.

وأشار أنيس، إلى أن التضخم في الولايات المتحدة لم يشهد تراجعًا في الأشهر الثلاثة الماضية، بل سجل ارتفاعًا ملحوظًا، ليبقى بالقرب من مستوى 3%، مضيفًا أن هذه العوامل دفعت الفيدرالي لتثبيت الفائدة في اجتماعه اليوم.

وفيما يتعلق بالرسوم الجمركية التي تحدث عنها ترامب، أكد أنيس أن حديثه يعد أقرب إلى رغبات سياسية، لكنه توقع أن تتم تهذيبها اقتصاديًا خلال الفترة المقبلة، متوقعًا أن يواصل البيت الأبيض فرض الرسوم الجمركية على الصين بشكل تدريجي لتصحيح خلل الميزان التجاري الأمريكي.

واعتبر أن معظم تعهدات ترامب الاقتصادية، بما في ذلك الرسوم الجمركية، قد يتم تعديلها لتتماشى مع الأهداف الاقتصادية السليمة، خاصة في ظل التناقضات بين خفض الفائدة ودعوة ترامب لفرض مزيد من الرسوم الجمركية، ما قد يزيد من التضخم ويؤدي إلى الحاجة للإبقاء على الفائدة مرتفعة.

توقعات الفائدة الأمريكية

وفي وقت سابق، رجح بنك أوف أمريكا أن يتبقي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه اليوم، مستبعدًا أي تخفيضات للفائدة في اجتماعات 2025. ورجحت مؤسسة “إل بي إل فاينانشال” أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي تثبيت الفائدة حتى مايو/أيار المقبل.

كما توقعت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” أن يتبنى الفيدرالي سياسة أكثر حذرًا في خفض الفائدة بسبب استمرار الضغوط التضخمية، مع احتمال خفض الفائدة في النصف الثاني من 2025 لتتراوح بين 3.5% و3.75%.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى