برلمانيون: تخلف لبنان عن سداد ديونه “إعلان إفلاس رسمي”
رأت قوى سياسية ونواب أن إعلان رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب تخلّف بلاده عن استحقاق تسديد الدين الأجنبي في سابقة تاريخية، هو بمثابة “إعلان إفلاس رسمي”، ويصنف لبنان كدولة غير عاجزة عن الالتزام بتعهداتها، فضلا عن أنه يضر بسمعة البلاد.
وطالب النواب “حكومة دياب” بسرعة وضع “خطة إنقاذية واضحة” يتحملها الفاسدون وليس اللبنانيون؛ للخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة، وما وصفوه بـ”قعر الهاوية”.
وقررت الحكومة اللبنانية التخلّف عن استحقاق تسديد الدين الأجنبي في سابقة تاريخية بالتزامن مع دخول لبنان في أزمة اقتصادية شديدة.
وقال رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب إن لبنان لن يدفع السندات المستحقة يوم الإثنين في 9 مارس/آذار المقبل والتي تبلغ قيمتها 1.2 مليار دولار.
وأضاف دياب، في خطاب نقلته وسائل الإعلام المحلية، إن الدين أصبح “أكبر من أن يتحملّه لبنان وأكبر من قدرة اللبنانيين على تسديد الفوائد”.
ومع بقاء لبنان تحت وطأة الديون الضخمة، دعا اقتصاديون إلى ضرورة الاستعانة بصندوق النقد الدولي، كسبيل للخروج من الأزمة الحالية، لكن خيار التعاون مع الصندوق اصطدم برفض حزب الله، الذي لم يطرح أي بديل رغم تفاقم معاناة البلاد المالية والاقتصادية والمصرفية.
ويبلغ مجموع الدين العام اللبناني 90 مليار دولار، منها استحقاق بقيمة 4.6 مليار دولار في عام 2020، أي ما يعادل 170% من الناتج المحلي، كما أدى تدني مستوى الاحتياط بالعملة الصعبة إلى مزيد من الضغط على العملة الصعبة، حسب تصريحات رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، السبت.
يضر بسمعة لبنان
أعرب النائب محمد الحجار، القيادي في تيار المستقبل اللبناني عن أسفه لعدم قدرة لبنان على تسديد ديونها والسندات المستحقة، مؤكدا في تصريجات أن “إعلان تعليق السداد لأول مرة بتاريخه متوقع وهو أمر يضر بلبنان وبسمعته”.
وأشار الحجار إلى أن حكومة دياب بخلاف ما جاء في بيانها الوزاري، أكدت أنها قبل نهاية فبراير/شباط الماضي، سيكون لديها خطة طوارئ ستعمل عليها، لكن للأسف لم يحصل هذا ولم تقدم أي خطة تترافق مع إعلانها تعليق سداد لبنان ديونه، مردفا: “يجب أن تكون هناك خطة قبل الحديث عن سداد السندات، أو عدم السداد وعلى هذا الأساس يتم التفاوض مع الدائنين”.
وأكد الحجار أن “ما يجري هو دليل إضافي على تخبط الحكومة الحالية، وعدم قدرتها مع الأسف على مواجهة المشكلات والأزمات الكبيرة التي تعاني منها البلاد”.
ولفت القيادي في تيار المستقبل إلى أن تصريحات المسؤولين في الحكومة والعهد حملت نوايا تقديم روشتة الإنقاذ وإصلاح الأوضاع الاقتصادية، وإخراج البلاد من أزماتها، لكنهم يرددون الآن بشكل ملفت، يُذّكر بأيام خروج الرئيس الشهيد رفيق الحريري من الحكم بين الأعوام 1998 و2000 والحملات التي شنت عليه، أن الأزمة سببها سياسات اقتصادية سابقة في إشارة إلى أيام تولي الشهيد رئاسة الحكومة”، معتبرا أن “هذا أمر يخالف الحقيقة، ومحاولة الهروب للأمام والسعي لإيجاد أعذار وتبريرات لعدم قدرتهم وقلة خبرتهم”.
وتابع: “هذه التبريرات مردودة عليهم؛ لأن السؤال الذي يطرح: لماذا أتيتم إذن إلى الحكم إذا كان ليس باستطاعتكم إصلاح الأوضاع الاقتصادية؟”.
وردا على ماذا سيترتب على عدم دفع ديون لبنان، قال الحجار: “هذا أمر يتوقف على موقف الدائنين، وأصحاب الحقوق في الخارج، وهو أمر يرتبط أيضا بخطة الحكومة التي عليها أن تعرضها في التفاوض معهم”.
نادي الدول المتعسّرة
كما انتقد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في مؤتمر صحفي، الأحد، قرارات حكومة دياب أمس، قائلا: “لا إعلان عن إجراءات قانونية، لا عن إصلاحات عملية وفورية، لا إعلان عن خطوات اقتصادية واجتماعية إنقاذية، لا إعلان عن تدابير احتوائية لنتائج قرار التعثر”.
وزاد: “ما سمعناه هو إعلان إفلاس لبنان وفضح حقيقة الاحتياطي الصافي بالعملات الأجنبية في مصرف لبنان”.
وعلى خط الهجوم نفسه، قال النائب نديم الجميل عضو تكتل حزب الكتائب “بعد أن احتفل البعض بدخول لبنان نادي الدول النفطية، دخلنا رسميا اليوم نادي الدول المتعسّرة!”.
وأعلن الرئيس ميشال عون، فى خطاب وجهه للشعب اللبنانى، أواخر فبراير/شباط الماضي، دخول بلاده رسميا نادي الدول النفطية.
وأكد عون عشية إطلاق أعمال حفر أول بئر نفطي: “لبنان يشهد الخميس 27 فبراير/شباط يوما تاريخيا، سيذكره حاضر لبنان ومستقبله، بأنه اليوم الذى دخل فيه وطننا رسميا نادى الدول النفطية.
خطة إصلاح أو إعلان لبنان دولة فاشلة
وأكد النائب المستقل فؤاد مخزومي، ضرورة وضع خطة إنقاذ واضحة بشكل عاجل، قائلا عبر “تويتر”: “قرار عدم تسديد سندات اليوروبوند خطوة أولى تنقصها خريطة طريق واضحة تضمن تحقيق إصلاحات سريعة”، مشددا على أن أي خطة إنقاذية يجب أن يدفع ثمنها الفاسدون وليس المواطنون. فإما وضع لبنان على سكة الإصلاح وإما الذهاب نحو إعلان لبنان دولة فاشلة”.
ورأى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل أن قرار عدم الدفع يزيد من فرص الضغط السياسي على لبنان.
وأوضح خليل، أن “الخطر الواضح أن هذا القرار قد يعطي فرصة استثنائية لزيادة الضغط السياسي على لبنان من خلال طلب الدائنين حجز متعلقات للدولة اللبنانية في الخارج.
وأردف: “قرار الحكومة كان في بمثابة الإعلان الرسمي لإفلاس لبنان، فهو يشمل بهذا الحال مجمل الدين الخارجي البالغ نحو 31 مليار دولار أمريكي”، وفقا لبيان نقلته وكالة أنباء لبنان المركزية عن النائب.
وأضاف: “تمنينا أن يأتي قرار مجلس الوزراء بدفع الدين المستحق في التاسع من الشهر الحالي، والبالغ 2,1 مليار دولار أمريكي كدلالة لحسن النية، والطلب إلى الدائنين إعادة الجدولة، أو إعادة الهيكلة وفق خطة نهوض اقتصادي، مالي، إصلاحي، صادقة، منطقية ومقنعة”.
خطوة في الاتجاه الصحيح
في المقابل، أشاد عدد من الموالين للرئيس عون بقرار الحكومة، معتبرين أنه “خطوة أساسية أولى في الاتجاه الصحيح”.
وقال النائب إبراهيم الموسوي، عضو تكتل الوفاء للمقاومة (الذراع النيابي لحزب الله)، عبر حسابه على موقع تويتر: “اتخاذ قرار بعدم سداد (سندات) اليوروبوندز، خطوة أساسية أولى في الاتجاه الصحيح، يبقى طرح خطة إنقاذية شاملة جذرية وعميقة تطيح بكل اللاسياسات السابقة وتضع خططا ومشاريع حقيقية لنلج المسار الحقيقي للتصحيح”، حسب تعبيره.
وبدوره، قال النائب آلان عون عضو “تكتل لبنان القوي” الموالي للرئيس عون إن تعثر لبنان في تسديد ديونه، حدث غير مسبوق، نتيجة تراكم سياسات وارتكابات وخيارات أنهكت المالية العامة واستهلكت كل المخزون، داعيا عبر حسابه الرسمي على “تويتر” إلى ضرورة “وضع الخطة الإنقاذية للخروج من قعر الهاوية كما فعلت اليونان والبدء بها”.
ورأى عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم أن “قرار الحكومة تعليق دفع مستحقات اليوروبوند خطوة متقدمة ومسؤولة لحفظ الأمن الغذائي والاجتماعي، ولا بد من استكمالها سريعا بقرارات إصلاحية لحل أزمة الكهرباء والبدء بحل قضية المودعين، وإقرار ما يلزم لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، بما يحفظ حقوق الناس”.