بعد اعتراف أسترازينيكا بأن لقاحها قد يتسبب بآثار جانبية خطيرة.. ما الدول التي أعطت مواطنيها هذا اللقاح؟
اعتراف أسترازينيكا الصادم.. ما الذي حدث؟
اعترفت شركة أسترازينيكا البريطانية، أمام المحكمة لأول مرة بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا، يمكن أن يكون سبباً لآثار جانبية مميتة بسبب تجلط الدم. حيث كان علماء حددوا لأول مرة وجود صلة بين اللقاح ومرض جديد يسمى نقص الصفيحات المناعية والتخثر الناجم عن اللقاح (VITT) في وقت مبكر من مارس/آذار 2021، بعد وقت قصير من بدء طرح لقاح كوفيد-19.
وجاء الاعتراف النادر من جانب شركة صناعة الأدوية، بعد دعوى قضائية جماعية رفعتها عشرات العائلات تطالبها بتعويضات تصل إلى ملايين الجنيهات في بريطانيا، بزعم أنهم أو أقاربهم أصيبوا بتشوهات أو تعرضوا للقتل بسبب اللقاح “المعيب” الذي أنتجته الشركة. ويعتقد المحامون الذين يمثلون أصحاب الدعوى القضائية أن بعض القضايا قد تصل قيمتها إلى 20 مليون جنيه إسترليني كتعويض.
وجاء اعتراف أسترازينيكا بعد أيام فقط من إعلانها تحقيق إيرادات تجاوزت 10 مليارات جنيه إسترليني في الربع الأول من عام 2024، بزيادة قدرها 19%. وعلق مسؤولو الشركة أنها تمتعت “ببداية قوية جداً” لهذا العام.
واعترفت أسترازينيكا متعددة الجنسيات، ومقرها كامبريدج، والتي تطعن في هذه المزاعم، في وثيقة قانونية قدمت إلى المحكمة العليا في فبراير/شباط الماضي، أن لقاحها “يمكن، في حالات نادرة جداً، أن يسبب متلازمة تجلط الدم مع نقص الصفيحات (الصفائح الدموية)”.
ما هي المتلازمة التي تسببها لقاحات أسترازينيكا؟
متلازمة تجلط الدم مع نقص الصفيحات “تي تي إس” (TTS)، هي حالة طبية يعاني فيها الشخص من جلطات دموية مع انخفاض عدد الصفائح الدموية، وعادة ما تساعد الصفائح الدموية الدم على التجلط.
ويمكن لهذه الجلطات أن تحد أو تمنع تدفق الدم إلى أعضاء الجسم، مثل الدماغ والكلى والقلب. كما قد تتسبب زيادة الجلطات في انخفاض عدد الصفائح الدموية. وتتسبب هذه المتلازمة أيضاً في تفكك خلايا الدم الحمراء بشكل سريع؛ ما يؤدي إلى شكل نادر من فقر الدم يسمى فقر الدم الانحلالي، بحسب ما ذكره موقع “ميديكال نيوز توداي” الصحي.
كان مهندس تكنولوجيا المعلومات جيمي سكوت، وهو أب لطفلين، من بين الضحايا الذين تضرروا من لقاح أسترازينيكا ورفع دعوى للمطالبة بالتعويض. وأصيب سكوت بإصابة دائمة في الدماغ بعد تعرضه لجلطة دموية ونزيف في الدماغ بعد حصوله على اللقاح في أبريل/نيسان 2021. ولم يتمكن من العمل من وقتها حتى الآن.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد قالت عن لقاح أسترازينيكا إنه “آمن وفعال لجميع الأفراد فوق سن 18 عاماً”، وإن التأثير السلبي الذي استلزم اتخاذ إجراء قانوني ضد الشركة كان “نادراً جداً”. من جانبها أشارت صحيفة التليغراف إلى أن اللقاح، الذي أعلن عنه رئيس الوزراء في ذلك الوقت بوريس جونسون، باعتباره “انتصاراً للعلوم البريطانية”، لم يعُد مستخدماً في بريطانيا.
لماذا يصاب الأشخاص الذين تلقوا لقاحات أسترازينيكا بهذه المتلازمة؟
شركة أسترازينيكا كانت قد أعربت عن تعاطفها مع أي شخص “فقد أحباءه أو أبلغ عن مشاكل صحية”. وقالت في بيان: “إن سلامة المرضى هي أولويتنا القصوى، ولدى السلطات التنظيمية معايير واضحة وصارمة لضمان الاستخدام الآمن لجميع الأدوية، بما في ذلك اللقاحات”.
وأكدت أنه من خلال مجموعة الأدلة في التجارب السريرية وبيانات العالم الحقيقي، ثبت باستمرار أن لقاح أسترازينيكا-أكسفورد “يتمتع بملف أمان مقبول”، ويصرح المنظمون في جميع أنحاء العالم باستمرار بأن فوائد التطعيم تفوق تأثير المخاطر المحتملة النادرة للغاية.
وأضافت في تقريرها الجديد أن سبب إصابة بعض الأشخاص بهذه المتلازمة بعد اللقاح ما زال غير معروف، إذ يمكن أن تصيب أيضاً أشخاصاً لم يحصلوا على أي لقاح، حسب تعبيرها.
تمثل المستندات الجديدة المقدمة إلى المحكمة تغييراً في لغة خطاب الشركة عن العام الماضي، عندما ادعت أن لقاحاتها آمنة وليست السبب في متلازمة تجلط الدم مع نقص الصفيحات.
وتنفي أسترازينيكا أن اعترافها الجديد بوجود آثار جانبية من بينها تجلط الدم، يمثل اعترافاً أمام المحكمة أيضاً بأن لقاحها وراء الإصابة بمتلازمة تجلط الدم مع نقص الصفيحات.
وخلال السنوات الماضية، تم توزيع حوالي 50 مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا في بريطانيا وحدها. وبحسب البيانات البريطانية فإن حوالي 81 شخصاً توفوا بسبب مضاعفات تجلط الدم التي كانت ربما مرتبطة بجرعة أسترازينكا، بحسب الأرقام التي جمعتها وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحي، وهي هيئة مراقبة الأدوية في بريطانيا. كما أصيب عدد آخر غير معروف أو أصيبوا بالإعاقة جراء الجلطات.
ما تداعيات هذا الاعتراف؟
أسترازينيكا هي الشركة الثانية بين كبريات الشركة في المملكة المتحدة، حيث تبلغ قيمتها السوقية أكثر من 170 مليار جنيه إسترليني. رغم محدودية الحالات التي تعرضت لهذه المتلازمة، إلا أن صدى اعتراف الشركة وجد انتشاراً واسعاً وأثار جملة من المخاوف داخل بريطانيا وخارجها، وعزز من الدعاوى القضائية التي تم تحريكها. ويتوقع مراقبون أن هذه الأزمة قد يكون لها تأثير سلبي على شركة أسترازينيكا إذا ما اتسع نطاق الدعاوى القضائية.
ما الدول التي أعطت مواطنيها لقاح أسترازينيكا؟
بعد اعتماده من قبل منظمة الصحة العالمية، حصلت معظم دول العالم على لقاح أسترازينيكا وقامت بتوزيع مئات الملايين من جرعات اللقاحات على مواطنيها، وتم اعتماده للمسافرين القادمين أو المغادرين، فيما قامت جميع الدول العربية باستخدامه واعتماده.
وكانت نحو 17 دولة قد أوقفت لفترة قصيرة استخدام لقاح أسترازينيكا عام 2021 بعد الأنباء حول أعراضه الجانبية واحتمالات إصابة مستخدميه بجلطات، معظمها أوروبية. لكن بعدما أعلنت الوكالة الأوروبية للأدوية أن لقاح أسترازينيكا “آمن وفعال” و”غير مرتبط” بزيادة خطر حصول تجلطات دموية عدلت هذه الدول عن قرارها. وكان من بين هذه الدول فرنسا وإسبانيا وإيطاليا والنرويج وبلغاريا وسلوفينيا وألمانيا والبرتغال وهولندا والسويد وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ولوكسمبورغ والنمسا والدانمارك وتايلند.
وكانت وزارة الصحة والسكان المصرية التي حصلت على ملايين الجرعات من شركة أسترازينيكا خلال السنوات الماضية، قد طمأنت المواطنين في 1 مايو/أيار بشأن استخدام اللقاح، موضحة أن التجلط بوصفه عرضاً جانبياً للتطعيمات نادر الحدوث ومعروف منذ عام 2021، بمعدل 3 حالات لكل مليون مُطعَّم.
وأفادت عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، بأن نسبة حدوث التجلط بعد التطعيم تقارب تلك التي قد تحدث من دون التطعيم في الفئات المعرضة، لذلك لم توصِ الجهات الصحية الدولية أو المحلية بإيقاف التطعيم، بل بتفضيل عدم استخدامه لفئات محددة.
وأشارت إلى أن خطر الإصابة بالتجلطات بعد الإصابة بـ”كورونا” أعلى بـ10 مرات مقارنة بالإصابة بها بعد تلقي اللقاح، وهي تحدث خلال فترة محدودة بعد التطعيم وتنخفض بعد ذلك، كما أكد أنه لم يتم تسجيل أي أعراض جانبية طويلة المدى تتعلق بالتجلط نتيجة اللقاح، حسب المتابعات والدراسات المستمرة.