بعد انسحاب الحريري من تشكيل الحكومة… هل تدفع قوى خارجية نحو الحرب الأهلية؟

تحولات متلاحقة سيطرت على المشهد في لبنان خلال، الأيام الماضية، جاء أخرها اعتذار رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، عن تشكيل الحكومة الجديدة.

الخطوة التي أقدم عليها الحريري، يراها الخبراء بأنها تحد من احتمالية الانزلاق نحو حرب أهلية، أو صدامات وتوترات أكبر مما هي عليه في الشارع.

وقال الحريري، منذ قليل عبر حسابه الرسمي على “تويتر”: “منذ أن تقدمت باستقالتي قبل خمسين يوما، تلبية لصرخة اللبنانيين واللبنانيات سعيت جاهدا للوصول إلى تلبية مطلبهم بحكومة اختصاصيين، ورأيت أنها الوحيدة القادرة على معالجة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة التي يواجهها بلدنا”.

وأضاف الحريري : “لما تبين لي أنه رغم التزامي القاطع بتشكيل حكومة اختصاصيين، فإن المواقف، التي ظهرت في الأيام القليلة الماضية من مسألة تسميتي هي مواقف غير قابلة للتبديل، وإنني أعلن أنني لن أكون مرشحا لتشكيل الحكومة المقبلة”.

وأشار إلى “توجهه، غدا الخميس، للمشاركة في الاستشارات النيابية على هذا الأساس، مع إصراره على عدم تأجيلها بأي ذريعة كانت، وأنه دعا كتلة المستقبل النيابية للاجتماع، صباح الخميس، لتحديد موقفها من مسألة التسمية”.

ارتفاع مستوى القلق

ومن ناحيته قال الكاتب اللبناني وسيم بزي، إن تدحرج وقع الأحداث الميداني من جهة، وبعض الإشارات الخارجية من جهة أخرى، رفع منسوب القلق من انزلاق لبنان نحو فوضى عامة.

وأضاف في تصريحات صحفية أن هذه الفوضى يمكن أن تكون الطريق السريع نحو حالة من الحرب الأهلية، وأن ذلك يظهر في الفيديوهات الطائفية التحريضية، وارتفاع منسوب المواجهات الميدانية، وارتفاع منسوب الخطاب المتحدي ذي البعد المناطقي، خاصة منطقة الشمال الحساسة.

ويرى وسيم بزي أن “بعض شواهد هذه الفوضى تظهر في بيروت تحت عنوان “دعم المتظاهرين السلميين في بيروت”، ولكن بعبارات وظواهر غير سلمية” وأن هذه القوى مدفوعة بفعل فاعل تمويلا وتحريكا.

تأزم المشهد السياسي

تأزم المشهد الحكومي، يلقي بظلاله على الأوضاع أيضا، وهو ما يشير إليه الكاتب، حيث يرى أن دورانه في حلقة مفرغة وتلازمه مع بعض التحذيرات الخارجية، مثل حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله وزراء الدفاع العرب وحديثه عن “النموذج السوري” الذي يعد للبنان، ومخاطر الملايين النازحة من اللبنانيين والسوريين على أرضه، يؤشر على ما يحاك ويراد للمشهد في لبنان.

وتابع الكاتب اللبناني: “حديث المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنييف، عن إرهابيين يجري ترحيلهم من الشمال السوري إلى الشمال اللبناني عبر البحار لِأجل تفجير لبنان يؤكد المخطط للبنان، ولكن رغم كل ذلك واقتراب زيارة السيد ديفيد هيل خلال اليومين المقبلين، تبقى عوامل صد داخلية وخارجية، وستمنع الأمريكي من الدفع المستمر نحو حرب أهلية، أهمها أن من يرغب لا يملك القدرة، ومن يملك القدرة لا يريد ذلك، خاصة أنه نجح في تفويت الكثير من الأهداف الخبيثة خلال شهرين من عمر الأزمة المندلعة، ولكن المحاولات ستستمر”.

استبعاد الانزلاق نحو الحرب

ومن ناحيته، قال العميد شارل أبي نادر، الخبير الاستراتيجي اللبناني، أن المشهد قد لا يصل إلى الحرب الأهلية، إلا أن التوترات السياسية باتت متزايدة.

ويرى أبي نادر أن انسحاب الحريري من تشكيل الحكومة من شأنه الدفع نحو مشاورات هادئة وتسوية أقرب للتوافق.

وتابع: “خروج الحريري من تشكيل الحكومة قد يحقق بعض مطالب الحراك الغاضب والمطالب باستبعاد كل الطبقة السياسية، التي كانت تتصدر المشهد”.

وقال: “الساعات المقبلة قد تكشف عن مشاورات أكثر أريحية يمكن القبول بها في الشارع اللبناني، خاصة أن الحراك كان يطالب باستبعاد تيار الحريري من المشهد”.

وشدد أبي نادر، على أن بعض التدخلات الخارجية تلقي بتأثيراتها حتى الآن في الداخل اللبناني، وأن الأهداف الأمريكية المتعلقة بالغاز وإسرائيل و”حزب الله” اللبناني، قائمة حتى الآن.

واستبعد أبي نادر “الانزلاق إلى حرب أهلية استنادا إلى وعي الطبقات السياسية والكتل الحزبية، التي تتفهم خطورة الموقف وما يخطط للبنان، وأنها عملت على تفادي أي صدام من شأنه توتير الأوضاع على المستوى المناطقي أو الطائفي”.

اشتباكات دامية

ووقعت اشتباكات دامية ،مساء السبت الماضي في بيروت، أسفرت عن إصابة العشرات من المتظاهرين وقوات الأمن.
وأعلنت قوى الأمن الداخلي عبر حسابها عبر “تويتر” أن عناصر مكافحة الشغب تتعرض لاعتداءات ورمي حجارة ومفرقعات نارية من قبل بعض الأشخاص، مطالبة بوقف الاعتداءات وإلا فستضطر لاتخاذ إجراءات إضافية وأكثر حزما، ونشرت في وقت لاحق مقطع فيديو يظهر الاعتداء بالحجارة والمفرقعات النارية على عناصر مكافحة الشغب.
ومساء الأحد الماضي، سجّلت كذلك مواجهات بين متظاهرين وشرطة مجلس النواب، حيث حاول المحتجون اجتياز الحواجز الحديدية والدخول إلى مبنى البرلمان.
ويشهد لبنان أزمة سياسية حادة، منذ بدء الاحتجاجات الشعبية المناوئة للحكومة في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، دفعت رئيس الحكومة سعد الحريري إلى تقديم استقالته.
ولم تتمكن القوى السياسية حتى الآن من التوافق على تشكيل حكومة جديدة، خاصة بعد انسحاب الحريري اليوم الاربعاء، وهو ما قد يعقد المشهد حول الشخصية التي يمكن التوافق عليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى